«الداعشية» فكرة أكثر من كونها سكيناً ينحر عنقاً، أو يذبح وريداً، أو يُزهقُ روحاً، أو يَسْتلُّ نفساً من عداد البشر بغير حق. الداعشية فكرة استعمارية استيطانية تنتمى للجيل الرابع من الحروب التى تقع بين دولة نظامية ما، وبين تنظيمات إرهابية شبحية مُلثّمة كما اللصوص تهبط على الأبرياء من شقوق السقوف كالسحالى، وتزحف على المسالمين من صدوع الحيطان والأنفاق كالديدان. لكننى أود أن أتكلم عن الدواعش «المُنظّرين» «الأسطوات» الكبار، لا عن الدواعش «الفواعلية» «الصبيان» الصغار. فالأسطى أخطرُ من الصّبىّ البِلْية. الأسطى يضع الخُطة، والصبى المسكين ينفذ. وفى سيدنى الأسترالية، روّع العالمَ ما فعله «الصبىّ البلية» «هارون مؤنس» الإيرانى الشيعى المتحول إلى السُّنية، وابن (غير شرعى) لما يسمى «الدولة الإسلامية». احتجز صاحبنا «البِلية» رهائنَ مسالمين فى مقهى بوسط البلد لمدة 16 ساعة حتى وفاة بعضهم. هذا «البلية» ليس بطل المقال. فهناك «أسطى معلّم» أفهمَ ذلك الصبىَّ أنه «وكيل الله على الأرض» وأن من حقه، كما من حق الله، أن يُزهق الأرواح، كما خلقها! وأن الأرض بما عليها ومن فوقها من رعاياه وعبيده، يقتل من يشاء ويُحيى من يشاء ويحتل ما طاب له من أراضٍ، وينكح ما تُغريه من نساء. وليس شرطاً أن يكون كلّ بلية رسميّاً ضمن التنظيم. فهناك من يتلقّون معارفَهم «عن البُعد»، لا عبر التجنيد المباشر. فالذى قتل «فرج فودة» لم يتلقّ أوامره من قادته بشكل مباشر، بل «سمع» أن الرجل كافر، فتبرع بقتله من تلقاء ذاته. كذلك فعل الإرهابىّ الإيرانى. تلقى معارفه الإرهابية من الميديات المختلفة، فراح يطبّق نهج داعش الاستيطانى فى أستراليا، ويطالب برفع علم الإسلام (هل للعقائد أعلام؟!) دون أن يكون مجنداً فى تنظيمهم. أحد أولئك «الأسطوات الكبار» بمدينة سيدنى الوادعة، ممن يُنظّرون ويفتون بالهراء، فيقتل الصبيانُ بأيديهم دون أن تتلوث أيدى الكبار، هو الحاج «تاج الدين الهلالى» مفتى أستراليا، وهو للأسف مصرى الأصل. أفتى الأسطى بأن «المسلمين الوافدين» أولى بأستراليا من أهلها الأصليين! فأولئك المسلمون، وفق قوله، جاءوا إلى تلك البلاد البعيدة بمحض إرادتهم بتذاكر طيران من حرّ مالهم بحثاً عن فرص أفضل فى الحياة، عكس سكّانها الأصليين الأنجلو ساكسون الذين جاءوا إليها فى أول الزمان مُكبّلين بالسلاسل! ونسى الشيخُ العبقرىّ أن يخبرنا عن وضع الوافدين المسيحيين من العرب ممن هاجروا أيضاً بحُرِّ مالهم وكامل إرادتهم، هل لهم نصيبٌ أيضاً فى سيدنى، أم سقطوا من حساباته وهو يُقسّم «غنائم» غزوة سيدنى؟! مثل تلك الأفكار المتخلفة، التى يُطلقها «طقّ حنك» رجالٌ غائبون عن الوعى فى لحظات سُكرٍ بيّن، من أجل الشو الإعلامى ولفت الأنظار، وهم جالسون فوق المصاطب كما يليق بأسطى مِعلم يدخّن الشيشة ويهرف، يتلقّفها صبيانٌ بِليات صغار مساكين بلا عقل، مثل صاحبنا المسكين «هارون»، فينفذون تلك الخرافات ويذبحون ويغتصبون ويفجرون، بينما يبقى الأسطى المعلم بعيداً عن مسرح الجريمة، حرّاً من المساءلة، بريئاً من تبعة الدم. الأسطى تاج الدين، يفتى بأحقية الدولة الإسلامية فى احتلال أستراليا، فيأتى الصبىّ «هارون» ويرفع علماً يشبه بعلم داعش، ويقتل الأبرياء. تماماً كما يحدث فى مصر. يُعلن «الأسطى ياسر برهامى» بُغضَه للمصريين المسيحيين المسالمين، فيأتى الصبيانُ الدواعش الصغار، ويحرقون الكنائس ويقتلون المسيحيين، ويسرقون نساءهم. الجيل الرابع من الحروب، لا يقوم على الغزو، مثل الجيل الأول، ولا على إطلاق النيران عن بعد مثل الجيل الثانى، ولا على المناورات العسكرية والتكتيك السياسى والخطط الحربية كما الجيل الثالث، بل يقوم على زرع الخرافة فى عقول البسطاء، لكى يتفتت المجتمع من داخله.