«هذا الموضوع معروض على القضاء ولا يجب مناقشته فى البرلمان»، كلمات كانت تلازم الدكتور سرور كلما عرض استجواب حول موضوع ما معروض على القضاء، وهذا يعنى وقف مناقشته، ولكن والحق يقال كان يسمح بالمناقشة فى الشق السياسى أى المسئولية السياسية، ولكن فى حالة صدور حكم فهذا معناه الإعلان عن إغلاق الموضوع من بابه، والآن وبعد أن سُدت أبواب مقاومة ومحاربة الفساد والطغيان، كيف أجرؤ أن أمثل الأمة اليوم كما يحتم الضمير، وقد حصل القتلة واللصوص على صك بالعودة كما كانوا وأشد، وأن يضاعفوا نشاطهم فى القتل والقنص فى سرقة الوطن وتصدير الغاز مرة أخرى إلى إسرائيل بعدما نجح الرائع محمد شعيب فى وقف تصديره وكانت مكافأته «شلحه» من وزارة البترول بدلاً من أن يسطر اسمه فى سجل الشرف والعزة، كيف أستطيع أن أقف مقاوماً لفساد عز الوطنى واحتكاره وقد عاد متوجاً بصك البراءة يوماً بعد آخر؟ كيف أجرؤ مرة ثانية على أن أسأل أباظة عن توزيع أراضى الخريجين على الأحباء والأصدقاء ونواب الوطنى وتدمير محصول القطن وتدمير خطة الاكتفاء الذاتى التى أعدها أحمد الليثى بعد أن عاد أباظة على فرس البراءة؟ كيف أستطيع أن أستجوب العادلى أو خليفته عن التعذيب والقتل والقنص معتمداً على تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان الصادر قبل ثورة 25 يناير، وهو يؤكد أن التعذيب فى مصر يسير بشكل منظم ومنهجى؟ كيف لى أن أستجوب نظيف أو خليفته عن استباحة أراضى الدولة وقد حصلوا بإذن العدالة على مشروعية جرائمهم؟ إن صكوك عودة قتلة الثوار والطغاة والفاسدين ليست هدفاً ولا نسفاً لثورة 25 يناير، بل هى إعلان براءة للفساد والقهر لمدة ثلاثين عاماً، بل لا أغالى إن قلت إنها رجم وسحق لنضال كل الأحرار فى الميادين، وفى الصحف والبرلمان.. بل هى عقاب لشعب توهم يوماً أنه تذوق الحرية لحظة هب الأحرار والمناضلين وقاموا بثورة على الظلم والقهر.. فعلاً إن قضية شعب كان يتطلع يوماً إلى نسمات الحرية وإلى حكم رشيد وإلى كرامة وحرية وخبز وسيادة قد ضاعت بفعل فاعل واهتزاز ميزان العدل وترنح ضمير. اليوم، وكل يوم، علينا أن نقدم الورود والزهور لكل فاسد فى حق الوطن.. وكل قاتل ثائر وكل قناص للعيون.. اليوم علينا أن نحمل اللصوص لنطوف بهم حول قبة المجلس ثلاثين شوطاً كما أذاقونا قهراً وفساداً ثلاثين عاماً. اليوم، وكل يوم، علينا أن نستبدل باستجواباتنا آيات الشكر والعرفان لتقاة الحزب الوطنى، لمناضليه وثائريه. اليوم علينا أن ندعو الله لأن يسامح أساتذة ورموز البرلمان أمثال عادل عيد وأبوالعز الحريرى، رحمهما الله، على ما اقترفوه فى حق مناضلى الحزب الوطنى. اليوم علينا جميعاً أن نسامح علاء عبدالمنعم وجمال زهران وسعد عبود، وكل من تلفظ باتهام أو استجواب أو سؤال لما أطلق عليه «مافيا سرقة الوطن» من كبار رجال الحكم. ولِمَ لا نعلن أسفنا فى حق لصوص مصر وطغاتها؟ أليسوا هم الأحرار اليوم وأيضاً هم الثوار وأيضاً هم الأبرياء؟! وما هو المانع من رجم ثوار 25 يناير أليسوا اليوم هم من يقبعون خلف أسوار المعتقلات والسجون وهم الخونة والعملاء؟ حقاً إن الاعتذار للقتلة والفاسدين صعب على نفوس الأحرار.. هل نعتذر جميعاً، فالبرلمان المقبل هو برلمانهم يشرعون ما يشاءون أليسوا هم الأبرياء يقننون ما أرادوا؟ أليسوا هم الأتقياء؟ أليسوا اليوم هم من يتصدرون المشهد، ويمتلكون الأرض والفضاء ويحتكرون السلطة ولو من خلف ستار؟ يا سادة اعلموا أن ذلك هو يوم يختل فيه ميزان العدل وتعجز السياسة عن حل رشيد، هنا التاريخ قديمه وحديثه يقص علينا فى سطوره وكلمته الأخيرة أن للثورة قانونها، لم يستثنِ يوماً غرباً ولا شرقاً، ولا عرباً ولا عجماً.