لا أعلم سيدى الرئيس إن كانت وصلتك كلمات رسالتى السابقة أم لا، ولكننى قررت مواصلة الكتابة إليك لعدة أسباب، أولها إيمانى بدور من هم مثلى فى التحذير والتنبيه ولفت الأنظار لمكامن الضعف والوهن. وثانيها عشقى لشخصية جدى... ذلك الفلاح الفصيح الذى أصر على توصيل صوت شكواه للحاكم، وثالثها وهذا مربط فرس تلك الرسالة أنات الغلابة يا ريس. نعم كلنا يعلم أنك ورثت تركة ليست مثقلة فقط بالمشكلات والتحديات الاقتصادية، ولكنها مربوطة بسلاسل الفساد من جميع الأنواع وعلى كل لون وملة. وكلنا يدرك حجم المخاطر المحيقة بنا من الخارج والداخل وقسمك ألا تدعها تؤثر على تراب وطننا. وغالبيتنا تؤمن بأن الأقدار اختارتك لهذا التوقيت.. ولكن ليس هذا كل شىء يا ريس.. فبين هذا المشهد تئن أصوات الغلابة الذين لا يريدون من الدنيا سوى ستر البدن والوطن.. فقط الستر يا ريس، ولذا فوسط عمومية الأحداث وطغيان المشكلات قد لا ترى أو تسمع أناتنا.. نحن الغلابة. هل سمعت عن حكاية تلك الأم التى أصابها سرطان الكبد والرئة وحينما نجحت ابنتها فى الحصول على علاج لها على نفقة الدولة فى مستشفيات الحكومة، خيّروها بين علاج الكبد أو الرئة لأن لكل منهما قراراً؟! هل سمعت عن معاناة مرضى المستشفيات الحكومية من الغلابة من هجرة الأطباء النواب الباحثين عن دخل أفضل وامتناع بعض تلك المستشفيات عن إجراء عمليات جراحية للمرضى لعدم وجود نواب يتابعونهم بعد إجراء العمليات؟! هل تعرف سيدى الفاضل أن كثيراً من الغلابة فى بلادى يقتلهم الإحساس بالعجز كل يوم بين معاناة من قسوة المرض وآلامه وبين عجز عن وقفها بعلاج لها حتى لو كان غير آدمى؟ هل سمعت عن الفساد الضارب فى المؤسسات الحكومية وعودة حيتانه بشراسة بعد فترة كمون ثورة يناير التى جعلتهم فى بيات شتوى وحينما قمنا بثورة يونيو على الإخوان ومعاونيهم ظنوا أنها ثورة من أجل عودتهم؟! هل سمعت عن ذلك الموظف الذى رفض المشاركة فى الفساد فتم نقله من موقعه لأن الفاسد الأكبر لا يريد التعامل مع معقد مثله، وكأنها عزبة السيد الوالد التى تركها له ليرتع فيها فساداً؟! هل وصل لسمعك تلك الشركات الخاسرة فى بلادى وتصر بشكل رسمى فهمى نظمى على توزيع الأرباح على العاملين بها الذين استحلوا هم الآخرون ما يحصلون عليه ويحتجون أن توقف منحهم إياه رغم خسارة الشركة! ولم لا فهذا هو المال السايب الذى لا بد أن يعلم السرقة؟ سيدى الفاضل، اعلم أن الطريق ما زال أمامنا طويلاً وشاقاً وأن إعادة البناء مُكلفة، ولكننى أؤمن فى ذات الوقت أن الإرادة هى أهم عوامل التغيير إن امتلكناها تُقصر الطرق. ودعنى أقترح عليك قانوناً بسيطاً يقضى بمعاقبة أى فاسد أو مفسد أو مُقصر فى أداء عمله خلال أسبوع واحد إن ثبتت التهمة عليه عبر دائرة قضائية لا تنظر إلا دعاوى الفساد دون أدنى علاقة لها بقوانين المط والتطويل والابتذال التى تمنح الفاسد حصانة. لن يرتدع الفاسدون إلا إذا رأوا حسماً فى عقابهم وعبرة يعتبرون بها. ولكن هذا يقتضى أن تتأكد أن حولك رجالاً ينفذون رؤيتك... وأنت بعد لم تخترهم.