«الداخلية» تكشف مفاجأة مدوية بشأن الادعاء باختطاف «أفريقي»    محمد معيط: دين مصر زاد 2.6 تريليون جنيه لم نقترضها    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    نيويورك تايمز: توجيه سري من ترامب لضرب 24 جماعة لتهريب المخدرات خارج الأراضي الأمريكية    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    إصابة 3 أشخاص في اصطدام توكتوك ب"ميكروباص" في الدقهلية    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    الدفاع العراقية: 6 طائرات جديدة فرنسية الصنع ستصل قريبا لتعزيز القوة الجوية    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    نيلي كريم تكشف لأول مرة عن دورها في «جنازة ولا جوازة»    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    اسعار الحديد اليوم السبت 27ديسمبر 2025 فى المنيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت الشيطان يصرخ: لماذا نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى؟
نشر في الوطن يوم 27 - 11 - 2014

أسفت لبث صوت فى النت يحمل صاحبه اسماً من أسماء المسلمين، ويوصف بأنه زعيم «أنصار بيت المقدس فى مصر» يظن أنه يرجف به أهالى جنود مصر وهو يسألهم بلغة الاستعلاء والإرهاب: «لماذا نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى»؟، ثم تطوع بالإجابة التى حرفت وضع بعض آيات كتاب الله عن موضعها، وصرفت بعض نصوص القرآن الكريم عن رسالتها الحقيقية التى تهدى الإنسان إلى الصراط المستقيم وتخرجه إلى طريق المغضوب عليهم والضالين. ولأن الله تعالى قضى فى الأزل بحفظ كتابه لفظاً ومعنى كما قال سبحانه: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (الحجر: 9). فما من تحريف لآية فى كتاب الله كتابةً أو تفسيراً إلا وينقلب هذا التحريف على صاحبه بالخيبة والخسران لتبقى آيات الله نوراً فى الأرض إلى يوم الدين، فقد ازداد أهالى جنود مصر بهذا الصوت المرجف إيماناً بالله، وأيقنوا كما فهموا من كلام ربهم أن هذا هو صوت الشيطان جاء يخوف أولياء الله ففوضوه فيه التزاماً بقوله سبحانه: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ » (آل عمران: 173-174). وانقلب السحر على الساحر فارتقى خطاب أهالى جنود مصر إلى أبنائهم فى جيش مصر بما يفوق خطاب قيادتهم فى الشئون المعنوية التى تصدقهم القول بأنهم على الحق المبين فى حماية أرض مصر وشعبها دون التفريط فى شبر منها أو التهاون فى حق أى مواطن فيها، وهذا هو سبيل الله الذى وهب الحياة لكل خلقه، وأمرهم بحمايتها فى قوله سبحانه: «أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً» (المائدة: 32). ويؤكد ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذى بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله». ازداد أهالى جنود المصريين فرحاً برسالة أبنائهم الحارسة لكنانة الله فى أرضه فهانت عليهم الدنيا وعزموا على أبنائهم فى جيش مصر ألا يعودوا إلا بالنصر فى نجاة مصر من الإرهاب أو الشهادة، ليبوء الظالم بإثمه وينال الشهيد حياة الخلود والشفاعة لسبعين من أهل بيته كما قال سبحانه: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (آل عمران: 169-170)، وأخرج أبوداود وابن حبان بسند صحيح عن أبى الدرداء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يشفع الشهيد فى سبعين من أهل بيته».
وبات صوت الشيطان بإرجاف أهالى جنود المصريين مدحوراً؛ لأنه لم يكن يعلم أن تحريفه لكتاب الله عن موضعه جعل معركته مع الله سبحانه مباشرة، وقد قال تعالى: «أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ. إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِى الْأَذَلِّين. كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى إِنَّ اللهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ » (المجادلة: 19-20).
ولم يكن صوت الشيطان المحرف لمواضع آيات كتاب الله فى خطابه لأهالى جنود المصريين عن سهو أو نسيان؛ لتعدد مواضع التحريف وتنوع أوجه التلبيس، فقد ذكر ثمانية أسباب لتبرير قتل الإرهابيين خير أجناد الأرض فى جيش مصر الذى أوصى النبى صلى الله عليه وسلم به خيراً، كما أخرجه ابن عساكر فى «تاريخ دمشق»، ونحن نكشف تلك الأسباب والرد عليها حتى لا يغتر بها أحد بحسب ترتيب بنودها عند صاحب الصوت الشيطانى، كما يلى:
(1) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم جند الطاغوت، وقد قال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً» (النساء: 76).
نقول: الطاغوت على وزن فعلوت (مثل ملكوت ورحموت) من الطغيان، والطاغى هو الذى يأكل حقوق الناس من أجل نفسه وجماعته، وهذا ما ينطبق على الإرهابيين الذين انفصلوا عن المصريين وكثير منهم أجراء من مطاريد الأجانب يريدون فرض وصايتهم على الشعب المصرى والاستيلاء على مقدراته. أما جيش مصر فهم أبناء الشعب المصرى كله عندما يبلغون سن التجنيد يمنحون بلدهم سنة أو أكثر فى زهرة شبابهم لحراسة المصريين وحرماتهم مجاناً لوجه الله، فليسوا مرتزقة ولا طامعين فى سلطة أو مال، فبعد انتهاء فترة التجنيد يعودون إلى صفوف الشعب ليحميهم الجيل التالى لهم فى جيش مصر المتجدد دائماً بشباب المصريين، فصار كل المصريين شهداء على أن جيشهم هو الذى يقاتل فى سبيل الله، وأن الإرهابيين يقاتلون فى سبيل الطاغوت.
(2) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم وقفوا فى صفوف من يدافع عن اليهود والنصارى، وقد قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» (المائدة: 51).
نقول: هذا خطاب لإشعال نار الفتنة الدينية التى حذرنا القرآن منها فقال سبحانه: «وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» (البقرة: 191). يعنى لا تخرجوا إلا من أخرجكم واعتدى عليكم دون النظر إلى دينه، وإلا كانت فتنة أشد من القتل. وأما الولاية المنهى عنها فى الآية الكريمة فهى الخضوع للغير والتسليم له من غير قناعة شخصية حتى يحافظ الإنسان على سيادته، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: «كل بنى آدم سيد» (أخرجه ابن عدى فى «الكامل» عن أبى هريرة بإسناد حسن)، وعلى هذا فتكون هذه الآية الكريمة ناهية للمؤمن أن يغلق عقله بالسمع والطاعة العمياوين، ليس لليهود والنصارى فقط وإنما لكل من يفرض ولاية قسراً على غيره كالإخوان والسلفيين والداعشيين وأى جماعة دينية على أتباعها. ولهذا جعل الله الولاية بين المؤمنين متبادلة فليس منهم سيد وعبد، وإنما كلهم أسياد والٍ ومولى عليه، فقال سبحانه: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» (التوبة: 71).
أما فتنة العصبية بالدين مع اليهود والنصارى فقد قضى عليها القرآن الكريم بقوله: «لَّا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» (الممتحنة: 8)، ومنع القرآن الكريم الظلم ولو مع الأعداء فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (المائدة: 8).
(3) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم وقفوا فى صفوف من نحى شريعة رب العالمين، وقد قال تعالى: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ» (المائدة: 50).
نقول: الجيش ليس مسئولاً عن وضع الدستور والقوانين الحاكمة، وإنما هو مسئول عن حماية الأرض وتأمين المصريين من العدوان. أما الدستور والقوانين الحاكمة فيضعها الشعب عن طريق نوابه، ولأن الشعب من المسلمين فى الجملة فما يضعه من القوانين تكون واجبة النفاذ بشرع الله القائل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (المائدة: 1)، وقال تعالى: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا» (الإسراء: 34)، وأخرج البخارى تعليقاً أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون عند شروطهم». والقوانين ما هى إلا اتفاقات جماعية مثل سائر العقود.
(4) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأننا أمرنا بقتالهم، فقد قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (التوبة: 123).
نقول: هذا خطاب للمؤمنين بمقاتلة المعتدين الخائنين من الكفار آكلى حقوق الناس، وليس خطاباً للإرهابيين أن يزدادوا فى الظلم الذى حرمه الله على نفسه وجعله بيننا محرماً. لقد وصف الإرهابيون أنفسهم بالإيمان ظلماً مع أن النبى صلى الله عليه وسلم تولى بنفسه تعريف المسلم وتعريف المؤمن حتى لا يزايد أحد على غيره بالكلام، وحتى يعرف المؤمن نفسه وينكشف أمر الكافر، فقد أخرج أحمد والنسائى بإسناد صحيح عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم». وبهذا يعلم كل ذى عينين أن جيش مصر هو من يأتمنه المصريون على دمائهم وأموالهم. أما الإرهابيون فهم الخونة الذين لم يأتمنهم المصريون على شىء حتى الحكم فقد استردوه منهم فى 30 يونيو 2013م.
(5) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى شفاء لصدور المؤمنين، فقد قال تعالى: «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ» (التوبة: 14).
نقول: إن هذه الآية الكريمة جاءت فى سياق آيات تتحدث عن الخونة ناكثى العهود والمواثيق الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر بما يضر أصحاب العهود. فمن الخائن إذن؟ جيش مصر الذى أمّن رئيسه الذى عزله شعبه كما يؤمّن سائر المصريين فلم يمسه بأذى مع قدرته عليه، وأنذره أن يستوعب الشعب وإلا فهو مع الشعب لأنه منهم. أم أن الخائن هم الإرهابيون الذين ينصرون من عزله الشعب، وكان قد تعهدت جماعته بعدم خوض الانتخابات الرئاسية فى 2012م ثم نكثوا عهدهم، كما تعهدوا بالمنافسة على ثلث مقاعد مجلس الشعب ثم خانوا عهدهم فاستولوا على أغلبيته، كما تعهد مرشحهم الرئاسى بالاستقالة فوراً إن خرج بعض الشعب عليه فغدر بشعبه وتمسك بكرسى الرئاسة وجعل دونه الإرهاب والموت للمصريين.
لقد أهدر القرآن الكريم حرمة الخائنين الغادرين وأمر بقتالهم شفاء لصدور المؤمنين فقال سبحانه قبل الآية التى حرفها صوت الشيطان عن موضعها: «وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِى دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ. أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ». (التوبة: 12-14).
(6) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم يحاربون كل ما هو من الإسلام ويكرهون أهله، فقال تعالى: «يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا. وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا» (الأحزاب: 66-68)، وقال تعالى: «وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ» (غافر: 47-48).
نقول: أما الاستدلال بآيات سورة الأحزاب فجاء مقلوباً فى غير موضعه؛ لأن الآيات تتحدث عن الكافرين الذين ألغوا عقولهم بطاعتهم العمياء لكبرائهم، وتركوا أوامر الله ورسوله بإعمال العقل واتخاذ الإنسان لقراره استقلالاً كما قال تعالى: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ» (الإسراء: 13). فمن الذى ألغى عقله وأطاع كبيره من البشر طاعة عمياء؟ جيش مصر الذى رفض الانصياع لكبير الإرهابيين وانحاز للضعفاء من شعب مصر، أم الإرهابيون الذين عبدوا كبيرهم ومعزول الشعب من دون الله فيقتلون فى سبيله الأبرياء والشرفاء؟
وأما الاستدلال بآيات سورة غافر فجاء أيضاً مقلوباً فى غير موضعه، فقد جاءت تلك الآيات فى سياق الحديث عن مجادلة جنود فرعون لقيادتهم فى الآخرة، فكانت الآية التى قبلها هى قوله تعالى: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» (غافر: 46)، ثم جاء السياق بمطالبة الضعفاء التابعين لكبرائهم أن يتحملوا نصيباً من النار، فتنصلوا منهم. وهذا ينطبق تماماً على الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء فى سبيل تمكين المعزول وعصابته من الشعب الضعيف ولا ينطبق على جيش مصر الذى لا يعرف كبيراً من البشر إلا الشعب فى جملته.
(7) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم هدموا المساجد وحرقوا بيوت الله، وقد قال تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (البقرة: 114).
نقول: أين المسجد الذى حرق فى مصر أو هدم، وبأيدى من؟ لماذا نقلب الحقائق. ألم يكن جيش مصر صامداً لحماية المساجد التى اقتحم الإرهابيون بعضها مثل مسجد «الفتح» فى ميدان رمسيس واعتلوا مئذنته وأطلقوا منها النار على الآمنين، كما اقتحموا مسجد «رابعة العدوية» ودنسوه بالإقامة المعيشية أسابيع متواصلة ليحتكروه على أنفسهم فمنعوا عموم المسلمين من الصلاة فيه، واستخدموه مركزاً لقيادة الإرهاب بالقتل والتعذيب لمن يشتبهون فيه ممن يخالفهم الرأى، ثم أشعلوا فيه النار لإخفاء جرائمهم عندما ضيق الأمن عليهم. بقى سؤال لضمير الإرهابيين عند تيقظه: من الذى أعاد إعمار مسجد «الفتح» ومسجد «رابعة» وفتحهما لكل المسلمين فى أيام قليلة بعد خرابهما على يد الإرهابيين؟ أليس جيش مصر الذى وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه «خير أجناد الأرض»، كما أخرجه ابن عساكر فى «تاريخ دمشق»؟.
(8) نقتل أبناءكم فى الجيش المصرى لأنهم شردوا المسلمين وهدموا البيوت وضيقوا على الناس فى معاشهم، وقد قال تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (المائدة: 33).
نقول: هكذا يستخف الظالم بعقول الآخرين؛ لأن قدوته فرعون الذى استخف بقومه فأطاعوه، فيظن كل طاغية من بعده أنه قادر على استجلاب طاعة الآخرين له بالاستخفاف بعقولهم. لكن المصريين لا يلدغون من الاستخفاف مرتين؛ لأنهم مؤمنون بربهم، وقد تعلموا من القرآن الكريم أن أجدادهم الأوائل قد استخف بهم فرعون فأطاعوه فوصفهم الله بالفسق، ومن يومها لم يعد ينطلى على المصريين أسلوب الاستخفاف بعقولهم الذى لا يعرف الإرهابيون سواه لأنهم أتباع فرعون وليسوا أسياد أنفسهم. إن كل المصريين وبخاصة أهالى سيناء الشرفاء يعرفون أن جيش مصر هو حاميها وسند أهلها فى الأمان والعيش، وما اضطر إلى إخلاء منطقة الحدود مع «غزة» الواقعة فى قبضة «حماس» إلا لإكفاء المصريين شرهم، ومع ذلك فقد عوض أهالى تلك المنطقة عن بيوتهم ما يكفيهم أن يكونوا أعزاء. أما يد الإرهاب الآثمة فهى التى تفخخ السيارات وتهدم المنشآت وتتربص بالجنود الأبرياء وتشعل الفتن فى الجامعات والمصانع والمصالح الحيوية لإيقاف عجلة الاقتصاد والإنماء والإعمار، وصدق الله حيث يقول: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ. فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ» (البقرة: 8-13).
ثم يأتى نداء صوت الشيطان فى النهاية لأهالى جنود جيش مصر ويلبس عليهم بقوله: نخاف عليكم عذاب يوم عظيم، فأخرجوا أبناءكم من الجيش المرتد.
نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا يعظ الشيطان ويستدعى موعظة سيدنا «هود» لقومه ألا يكونوا جبارين «وإذا بطشتم بطشتم جبارين» (الشعراء: 130)، ثم قال لهم: «إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم» (الشعراء: 135). فموعظة سيدنا «هود» لقومه وتذكيرهم بعذاب الله حتى لا يكونوا جبارين، فهلا وعظ الشيطان نفسه بهذه الموعظة البليغة وترك الإرهاب والقتل والترويع وعاش مسالماً يأمن الناس شره كسائر المصريين. أم أن صوت الشيطان يريد من جيش مصر أن يكون جباراً إرهابياً مثله. هيهات هيهات أن يسقط جيش أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم به خيراً، وشهد لجنوده بأنهم خير أجناد الأرض، وزكاهم بأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.