فسر عدد من خبراء التربية فى الجامعات شكاوى أولياء أمور طلاب المرحلة الابتدائية، على وجه التحديد، من عملية تطوير المناهج وفلسفة التعليم الجديدة، التى تنادى بها وزارة التربية والتعليم، وأوضحوا أن الشكاوى جاءت كنتيجة مباشرة لكثافة المعلومات المقررة فى الكتب الدراسية، وأن هذه المعلومات شكلت عبئاً على ولى الأمر قبل الطالب وعلى المعلم أيضاً. ويقول الدكتور خالد عمران، عميد كلية التربية جامعة سوهاج، إن تطوير المناهج الحالى خاصة فى مرحلة التعليم الابتدائى جيد ومطلوب، لكن كان لا بد من تفعيله بشكل تدريجى وليس بشكل فُجائى للطلاب، وأكد أن تطوير المناهج جرى بزيادة موضوعات مكثفة: «يعنى مينفعش أضيف 30 درس على الطالب»، وأوضح أن السبب الرئيسى فى عدم تقبل أولياء الأمور للمناهج الجديدة هو كثافتها. «عمران»: كثافة المنهج المطور فاجأت الطلاب والمعلومات شكلت عبئاً على المعلم.. وهناك لجان لمراجعة التطوير وأضاف ل«الوطن» أنه يستلزم لتطوير المنهج مراعاة المرحلة العمرية للطالب أولاً ثم مراعاة الخصائص النفسية والاجتماعية له، وأن التطوير لا بد أن يكون تدريجياً ويراعى المرحلة العمرية المستهدفة، مشيراً إلى أن التطوير مهم بسبب التطورات التكنولوجية السريعة، التى لا بد للمناهج أن تغطى هذه التطورات وملاحقتها. وتابع أن تطوير المناهج يرتكز على مجموعة من المحاور الأساسية، أولها ألا ينصب على عنصر واحد هو أن يكون المحتوى المقدم للطلاب كله «محط» التطوير، وأن التطوير لا بد أن يشمل الأهداف الأساسية من المقرر الدراسى ونواتج التعلم وطرق التدريس، فضلاً عن أنشطة تسهل عملية الفهم ووسائل تعليمية وخبرات معرفية واسعة لدى القائمين على العملية التعليمية. وأكد عميد كلية التربية بجامعة سوهاج أن دور المعلم اختلف فى المناهج الجديدة، وأصبح ميسراً وموجهاً للعملية التعليمية وليس ملقناً للمعلومة، فهو يوجه الطالب إلى كيفية تطبيق ما جرى شرحه، لافتاً إلى أن هناك لجاناً مشكلة بالفعل لمراجعة وتطوير مناهج التعليم قبل الجامعى من قبل أساتذة التربية فى مختلف الجامعات المصرية وبين وزارة التربية والتعليم. «إيمان»: المناهج الجديدة تتلاءم مع الاتجاهات العالمية الحديثة وينقصها التطبيق على أرض الواقع.. ويجب تقديم التدريبات اللازمة للمعلمين من جهتها، قالت الدكتورة إيمان جاد، أستاذ المناهج وطرق التدريس، إن المنهج الجديد يركز على أساليب تقويم مختلفة عما سبق، لذلك ظهرت شكاوى أولياء الأمور منه، وإن الشغل الشاغل لولى الأمر هو الدرجات والامتحانات، وهذه فلسفة تختلف تماماً عن فلسفة المنهج الجديد، موضحة أن المنهج لطلاب التعليم قبل الجامعى، خاصة المرحلة الابتدائية، يركز على أساليب تعلم مختلفة تنمى مهارات عديدة فى شخصية الطالب على النقيض تماماً بالنسبة لثقافة الاختبارات القديمة التى تعتمد على حفظ واسترجاع المعلومات وهى المسيطرة على أذهان أولياء الأمور. وأضافت «إيمان» أن المناهج الجديدة بها جوانب إيجابية متميزة وعديدة وينقصها فقط التطبيق على أرض الواقع بالشكل المطلوب، موضحة أنها تتلاءم مع الاتجاهات العالمية الحديثة، وتناسب طبيعة وخصائص المتعلمين فى ظل التغيرات التكنولوجية والانفجار المعرفى الذى يحدث حولهم، فضلاً عن كونها تساعد على تنمية مهارات التفكير العليا، وتساعد المتعلمين على الاستقلالية والثقة بالنفس، وتنمى المهارات العملية لدى المتعلم. اشتمل تطوير المناهج الحالى على محاور عديدة، أهمها بحسب «إيمان»، التطوير فى ضوء أبعاد التنمية المستدامة، والتطوير فى ضوء الاتجاهات العالمية الحديثة، حتى يمكن مواكبة الدول المتقدمة وذلك فى ضوء ثقافة وقيم مجتمعنا المصرى. السبب الرئيسى فى التطوير يعود إلى أن المناهج القديمة ضعيفة الصلة بالوقت الحالى، فقد مرت عليها سنوات عديدة حدثت فيها تطورات ومستجدات هائلة على المستوى المحلى والمستوى الدولى، وتغيرت خصائص واحتياجات المتعلمين، وأصبحت تلك المناهج فى حاجة إلى إعادة نظر، وأكدت الدكتورة إيمان أن المناهج الجديدة التى تمت إضافتها لطلاب الصفوف الأولى حتى الصف الرابع الابتدائى تلبية للمستحدثات التربوية والتكنولوجية، كما أنها تقدم فى بداية المرحلة الابتدائية، أى مبكراً، وهذا يؤهلهم ويعدهم للتكيف مع مستحدثات العصر، ويكونون قادرين على استقبال المناهج المطورة فى الصفوف الأعلى دون أن تواجههم أى صعوبات أو مشكلات. وحددت «إيمان» عوامل نجاح تطوير المناهج، التى تتمثل فى تقبل التطوير من قبل التربويين وأيضاً من جميع أفراد المجتمع، وتوفير الإمكانات المادية اللازمة لتنفيذه، بالإضافة لتوفير الكوادر البشرية، وأهمها المعلم القادر على تنفيذ المنهج بكل جوانبه بنجاح. وردت الدكتورة إيمان على شكوى أولياء الأمور من احتواء المناهج على قضايا «معقدة»، بأن تدريب الطفل على مناقشة هذه القضايا منذ الصغر أمر مهم ويفيد الطفل فى المراحل المتقدمة، موضحة أن هناك عاملاً مهماً يؤثر فى هذا الأمر وهو كيفية تناول وعرض القضايا بشكل يساعد على فهمها واستيعابها من قبل معلم قادر على تحقيق ذلك، ويمكن اعتبار المعلم أحد العوامل المهمة المؤثرة فى هذا الأمر. وأشارت إلى أن دور أساتذة التربية فى تطوير المناهج يتمثل فى تقديم الدورات التدريبية للمعلمين التى تتناسب مع متطلبات المناهج المطورة وتطوير برامج إعداد المعلمين بكليات التربية بما يتلاءم ومتطلبات العصر الحالى، ونشر الوعى بأهمية التطوير وأسسه ومبرراته لجميع أفراد المجتمع، خاصة أولياء الأمور، والمشاركة فى تطوير المناهج ومراعاة الظروف المادية والبشرية وخصائص واحتياجات المتعلمين وذلك بما يتناسب وطبيعة العصر الحالى.