رئيس إيتيدا يؤكد على ضرورة تطوير مهارات الصحفيين بأدوات الذكاء الاصطناعي    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    الإعدام لحفيد قتل جده من أجل هاتف محمول بالإسماعيلية    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    جمال رائف: القمة المصرية السعودية تؤكد وحدة الصف العربى وتعزز التعاون    استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت .. وصول حافلة الزمالك إلى استاد قناة السويس    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    الأنبا إيلاريون يترأس صلاة العشية ويلقي عظة بعنوان "بتولية السيدة العذراء"    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    "تعليم الفيوم" يطلق حملة توعية رقمية شاملة بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    العمر مجرد رقم.. قصة عروسين يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية بعد سن ل70    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني صاحب «ياست الناس يامنصوره»    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    حبس عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرجفون فى المدينة (1)
نشر في الوطن يوم 16 - 11 - 2014

نتيجة لتدنى الثقافة العامة، وعلو فئات اجتماعية هشّة، وخروج العقول المغلقة من جحورها، وسيطرة المصالح الفردية الضيقة، وتراجع النخب الحقيقية عن دورها مؤثرة السلامة، تحوّل المشهد العام إلى جو من المهاترات الرخيصة. وبنظرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعى، تجد كيف تركت طائفة من المصريين أعمالها لتتفرّغ للسب والقذف ونشر الغسيل القذر لصراعاتها المميتة من أجل التشفّى من خصومهم. وهكذا جاءت مواقع التواصل الاجتماعى لتصبح منابر للغوغاء، وأيضاً للكتائب العميلة ضد الوطن. وفى مثل هذا الانفتاح المعلوماتى والقدرة السريعة على التواصل، تجد الشائعات أرضاً خصبة لها ضد الأفراد وضد الدولة، كوسيلة سوداء لتحطيم المعنويات، واصطياد الحقائق، والتغطية على الحرائق والتفجيرات، والقضاء على مصداقية كل شريف، وإيقاعه فى دائرة التفكير المضطرب، وتشويه صورته، أو رسم الهالة حول الذات. صارت الشائعات جزءاً من فن السياسة، وفن الحرب، وفن الإعلام والترويج التجارى والفنى، وأساليب الصراع الاجتماعى والمهنى؛ وأصبحت قدراً اجتماعياً وسياسياً لا مفر منه؛ فمن منا لم يتعرّض لشائعة أو أكثر فى يوم من الأيام؟ والمشكلة الكبرى الآن أن الدولة نفسها وجيشها العتيد ضحية شائعات ضخمة ومنظمة يبثها المرجفون من أجل زعزعة مصر وتهيئتها للدخول إلى حالة التفكّك التى تسمح بتحويلها إلى سوريا أو ليبيا.
والشائعات -حسب المعنى العام- هى الأخبار الملفّقة أو المفتعلة ضد فرد أو جماعة أو دولة، وهى تقصد للترويج إلى شىء غير حقيقى. ويطلق على عملية إطلاق الشائعات ونشرها «الإرجاف»، فالإرجاف هو إشاعة الأخبار الكاذبة المسيئة. وهو مشتق من الرجف والرجفان وهو الاضطراب والتزلزل؛ فالمرجفون قوم يتلقون الأخبار أو يصنعونها أو يحرّفونها زيادة ونقصاناً، ويتحدثون بها على مواقع التواصل الاجتماعى أو فى القنوات أو الجرائد أو غيرها. ومعنى الإرجاف هنا: أنهم يرجفون بما يؤذى الآخرين ويؤدى إلى إيجاد حالة من الخوف والتشكّك فى نفوس الناس وسوء الظن، سواء فى بعضهم البعض أو فى دولتهم أو جيشهم أو مؤسساتهم.
وهؤلاء هم الطابور الخامس وأذناب الجماعات الإرهابية وطائفة من المنافقين والذين فى قلوبهم مرض، ومثل هؤلاء متكرّرون فى كل عصر، وهم الذين قال القرآن فيهم: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» (النساء: 83).
وقد عانت دولة الرسول الناشئة فى المدينة من هؤلاء المرجفين، ونزلت فيهم آيات القرآن راصدة للظاهرة ومعالجة لها؛ لأنها ظاهرة تتكرر فى كل العصور ومن ثم تحتاج إلى معالجة دوماً.
وربما يروق للقارئ الكريم أن أنقل له جزءاً من تعليق الفخر الرازى على هذه الآية، يقول: «اعلم أنه تعالى حكى عن المنافقين فى هذه الآية نوعاً آخر من الأعمال الفاسدة، وهو أنه إذا جاءهم الخبر بأمر من الأمور، سواءٌ كان ذلك الأمر من باب الأمن أو من باب الخوف أذاعوه وأفشوه، وكان ذلك سبب الضرر من وجوه: الأول: أن مثل هذه الإرجافات لا تنفك عن الكذب الكثير.
والثانى: أنه إن كان ذلك الخبر فى جانب الأمن زادوا فيه زيادات كثيرة، فإذا لم توجد تلك الزيادات أورث ذلك شبهة للضعفاء فى صدق الرسول عليه السلام.. وإن كان ذلك فى جانب الخوف تشوش الأمر بسببه على ضعفاء المسلمين، ووقعوا عنده فى الحيرة والاضطراب، فكانت تلك الإرجافات سبباً للفتنة من هذا الوجه.
الوجه الثالث: وهو أن الإرجاف سببٌ لتوفير الدواعى على البحث الشديد والاستقصاء التام، وذلك سببٌ لظهور الأسرار، وذلك مما لا يوافق مصلحة المدينة.
الرابع: أن العداوة الشديدة كانت قائمة بين المسلمين والكفار، وكان كل واحد من الفريقين فى إعداد آلات الحرب وفى انتهاز الفرصة فيه، فكل ما كان أمناً لأحد الفريقين كان خوفاً للفريق الثانى، فإن وقع خبر الأمن للمسلمين وحصول العسكر وآلات الحرب لهم أرجف المنافقون بذلك، فوصل الخبر فى أسرع مدة إلى الكفار، فأخذوا فى التحصُّن من المسلمين، وفى الاحتراز عن استيلائهم عليهم، وإن وقع خبر الخوف للمسلمين بالغوا فى ذلك، وزادوا فيه وألقوا الرعب فى قلوب الضعفة والمساكين، فظهر من هذا أن ذلك الإرجاف كان منشأ الفتن والآفات من كل الوجوه، ولما كان الأمر كذلك ذم الله تلك الإذاعة وذلك التشهير، ومنعهم منه».
إذن هى أكاذيب تُنشر من أجل إيجاد حالة من التشويش والحيرة والاضطراب وإضعاف الروح المعنوية للمجتمع بعامة والجيش بخاصة، مما يساعد على حدوث الفتن التى إن وقعت تحوّلت مصر إلى ساحة حرب أهلية أو حرب عصابات. وتستهدف هذه الشائعات من بين ما تستهدف اصطياد المعلومات؛ حيث إن الرد على الشائعات يؤدى إلى إظهار أسرار قد تتعارض مع الأمن القومى.
وعندما تتصدّر الشائعات المشهد، وتتعلق من حيث الكيف والكم بالأمن القومى للبلاد وتعريضها للاضطراب والفتن، هنا يقدم القرآن الحل:
«لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا. مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا» (الأحزاب: 60 - 61).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.