أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    «التعليم» تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية «بنين و بنات»    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    رسالة قرينة الرئيس السيسي للمصريين في عيد شم النسيم    يستفيد منه 4 فئات.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    أسعار سبائك الذهب BTC اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    أسعار الجمبري اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة بالتزامن مع فصل الربيع    «الري»: حدائق القناطر الخيرية تفتح أبوابها أمام زوار أعياد الربيع وشم النسيم    اقتراح برغبة لإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة مع عيد شم النسيم    في ظل مخاوف الاجتياح.. الأونروا: لن نغادر مدينة رفح    الرئيس البرازيلي: التغير المناخي سبب رئيس للفيضانات العارمة جنوبي البلاد    رئيسة المفوضية الأوروبية: سنطالب بمنافسة "عادلة" مع الصين    إيران تدرب حزب الله على المسيرات بقاعدة سرية    دقيقتا صمت مع صفارات إنذار.. إسرائيل تحيي ذكرى ضحايا المحرقة    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    "أنا حزين جدا".. حكم دولي يعلق على قرار إلغاء هدف الزمالك وما فعله حارس سموحة    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    تفاصيل القبض على عصام صاصا مطرب المهرجانات بتهمة دهس شخص والتسبب في وفاته بالطالبية    عيد الأضحى 2024: متى سيحلّ وكم عدد أيام الاحتفال؟    أشجار نادرة وجبلاية على شكل الخياشيم.. استعدادات حديقة الأسماك لشم النسيم    "هزار تحول لخناقة".. شاب يمزق جسد صديقه في سوهاج    توافد المواطنين على حدائق القناطر للاحتفال بشم النسيم .. صور    حمادة هلال: جالي ديسك وأنا بصور المداح الجزء الرابع    نور قدري تكشف عن تعرض نجلها لوعكة صحية    اليوم ذكرى ميلادها.. كيف ابتكرت ماجدة الصباحي «السينما المتنقلة»؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    «الرعاية الصحية» تطلق فعاليات المؤتمر العلمي الأول لفرعها في الإسماعيلية    عصير سحري تناوله بعد الفسيخ والرنجة.. تعرف عليه    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    البحيرة: رئيس كفر الدوار يتابع الاستعدادات لبدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    "ماتنساش تبعت لحبايبك وصحابك".. عبارات تهنئة عيد الأضحى المبارك 2024 قصيرة للأحباب    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحمد سامي: كنا قادرين على الفوز ضد الزمالك بأكثر من هدف والبنا لم يكن موفق    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشيرة خطاب: لفظ «فلول» لا يغضبنى.. و«مبارك» أخطأ بتجاهل «تقارير الشارع»
وزيرة الأسرة والسكان السابقة تخرج عن صمتها وتروى ل«الوطن» كواليس ما جرى داخل نظام مبارك
نشر في الوطن يوم 12 - 10 - 2014

استقلت من «حكومة شفيق» عندما شعرت بأن الأجواء «غير مناسبة».. ولأننى «قدمت ما يكفى»
الحرب ضد الإرهاب لا تتجزأ ولا تقتصر على «داعش» ويجب أن تشمل كافة صور الإرهاب فى مقدمتها ما تشهده مصر
مشروعات مكتبة الأسرة والقراءة للجميع ومدارس تعليم الفتيات أقامتها «سوزان» لخدمة الشعب.. بموارد الشعب
المجتمع يرفض فكرة السيدة الأولى حالياً.. ومكاسب المرأة مهددة بالضياع
زيارة «السيسى» لنيويورك دعمت موقفنا دولياً وحصلت على الاعتراف الغربى بشرعية «30 يونيو»
عملت قريباً من «سوزان مبارك» 12 عاماً.. ولمست منها كل احترام وإخلاص.. والتاريخ سيعطى كل شخص حقه
«25 يناير» ثورة فجرها الشباب واختطفتها جماعة الإخوان.. واستعادها الشعب ثانية بثورة «30 يونيو» بمساندة قوية من الجيش
قررت بعد ثورة 25 يناير، أن العمل يجب أن يتم فى صمت، وظلت تراقب وتشاهد الموقف مفضلة الابتعاد عن أضواء الإعلام، وعلى الرغم من استقالتها من حكومة الفريق أحمد شفيق، فى 20 فبراير 2011، فإنها لم تتوقف لحظة عن دور «النحلة»، الذى اشتهرت به أثناء توليها العديد من المناصب السابقة.
السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الأسرة والسكان سابقاً، أكدت فى حوارها مع «الوطن» أنها راضية تماماً عن دورها الذى أدته خلال نظام مبارك فى الدبلوماسية والخارجية المصرية، ثم فى المجلس القومى للطفولة والأمومة، وأخيراً وزارة الأسرة والسكان، وإنها فتحت خلال عملها العديد من الملفات المسكوت عنها. لافتة إلى أنها استقالت من حكومة «شفيق»، حينما شعرت بأن الأجواء غير مناسبة للاستمرار، وأنها قدمت ما يكفى.
وأشارت إلى أن خطأ حسنى مبارك، الرئيس الأسبق، تمثل فى أنه لم يكن يشكك، على ما يبدو، فى صحة ما يعرض عليه من تقييم وتقارير عن حالة الشارع، فيما كان خطأ محمد مرسى، أنه لم يكن رئيساً، أو على الأقل لكل المصريين، لافتة إلى أنها عملت قريباً من سوزان مبارك، لمدة 12 عاماً، لمست خلالها منها كل احترام وإخلاص، والتاريخ سيذكر كل شىء وسيعطى كل شخص حقه، وأن مشروعات مكتبة الأسرة والقراءة للجميع ومدارس تعليم الفتيات أقامتها قرينة الرئيس الأسبق لخدمة الشعب وبموارده. العديد من كواليس الفترة الماضية، وأوضاع مصر داخلياً وخارجياً، ودور المرأة فى المجتمع وحقوق الأطفال، يرصدها الحوار التالى:
■ أين ذهبت الوزيرة مشيرة خطاب، بعد خروجها من مكتبها فى وزارة الأسرة والسكان فى فبراير 2011؟
- عقب خروجى من الوزارة، سافرت إلى جنيف لإلقاء الكلمة الرئيسية فى المؤتمر السنوى لجامعة وبستر، فى مارس 2011، وعلى الرغم من أننى أوضحت لهم، خروجى من الوزارة، فإنهم أكدوا لى أن الدعوة شخصية، وكان المؤتمر عن وسائل التواصل الاجتماعى، وثورات الربيع العربى، وأتذكر أننى ركزت على التنامى المتسارع لمختلف وسائل التواصل الاجتماعى فى مصر، والدور النشيط للفتيات فى الثورة، وكيف أنه كان تحدياً للتقاليد، وعقب هذا المؤتمر، سافرت إلى المغرب، لرئاسة مائدة مستديرة، عن تمكين النساء فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مايو 2011، وفى نفس الشهر سافرت إلى إسطنبول، لتدريب النساء العراقيات، وفى يونيو تحدثت أمام مركز وودرو ويلسون الدولى للباحثين بواشنطن، مع وزيرة المرأة التونسية، ومنه إلى مونتريال لاجتماع المجلس الدولى للطفل باعتبارى أحد نواب الرئيس، ثم إلى أمستردام لحضور مؤتمر عن التعليم المالى والاجتماعى، وبعدها بشهر بدأت تدريس القانون الدولى الإنسانى فى جامعة بيروجيا بإيطاليا. ومنذ ذلك التاريخ تسارعت وتيرة مساهماتى وانضممت إلى عضوية العديد من المؤسسات العلمية ومراكز الأبحاث فى الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا، كما أتحدث بصفة دورية أمام العديد من الاجتماعات والمؤتمرات الدولية الهامة، ودربت قيادات شابة من مختلف دول العالم، وأنا أعتز بحصيلة جهودى فى السنوات الأربع الماضية، لأنها أضافت لى كثيراً.
■ وكيف كان يستقبلك المشاركون فى تلك المؤتمرات والمحاضرات بعد ثورة يناير، وكنت قبلها وزيرة فى نظام مبارك؟
- التقييم العلمى لى كان يحكمه أدائى، وفى مصر اعتدنا أن كل ذى منصب يحظى بمجاملات كثيرة، وكنت أعرف أن هذه المجاملات ستنتهى بخروجى من منصبى، ولكن ما حدث معى جعلنى أشعر بأن من جد وجد، فقد أديت دورى فى وزارة الخارجية، وكأمين عام للطفولة والأمومة، ثم كوزيرة للأسرة والسكان بتفانٍ شديد، وأنجزت خطوات إيجابية فى قضايا خطيرة مسكوت عنها، وهى فترة أعتز بها كثيراً، وأعتبرها ضمن أفضل سنوات حياتى، وفى مصر، والكثير من المؤتمرات التى أشارك فيها بالخارج ما زلت أسمع من أناس لا أعرفهم إشادة بعملى ودورى، كما اكتسبت أصدقاء كثيرين بعد أن تركت المنصب.
■ هل قدمتِ استقالتك من الحكومة فى 20 فبراير2011؟
- نعم، الأجواء كانت غير مناسبة، وقلت ما قدمته يكفى.
■ وكيف كانت الأجواء فى الحكومة خلال تلك الفترة؟
- كانت الأجواء فى مجلس الوزراء تعكس الواقع المضطرب فى الشارع، وأعتقد أنها المرة الأولى أن تواجه حكومة مصرية مثل هذا الموقف، وكان هناك بحث لأفضل السبل فى التعامل مع هذه المواقف، وفى آخر جلسة لى فى مجلس الوزراء، خلال حكومة الفريق أحمد شفيق، كان هناك كلام عن الثوار وما يفعلونه، ودافعت وقتها عنهم بشدة، وقلت إن هؤلاء الشباب من أفضل مكونات المجتمع المصرى، ولا بد من الاستماع لهم والاستجابة لمطالبهم، والجميع كان يعيش فى قلق، إلا أن الأمور تسارعت بصورة كبيرة، واليوم وبعد 4 سنوات أصبح الشعب ذا وعى سياسى جيد، وأكثر حرصاً على المشاركة، إحساساً بالمسئولية، بعد معاناة، وبعد ما شاهدناه من تدمير لممتلكات الشعب، وأرى أننا الآن أكثر قوة، وبالنسبة لى فقد أديت دورى فى الخارجية، وفى المجلس القومى للطفولة والأمومة، ثم فى وزارة الأسرة والسكان، بتفانٍ فى قضايا خطيرة، وفتحنا ملفات عديدة مسكوتاً عنها.
■ كيف كان رد فعل أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق تجاه ثورة تونس، عندما اندلعت؟
- كان هناك قلق، ولكن الوقت كان قصيراً، ولم تكن هناك دراسة متأنية للحل، فالأزمات كثيرة، هناك بطالة، وتدنٍ فى المرتبات، ومعظم الاعتصامات كانت بسبب قصور العدالة الاجتماعية وضعف الرواتب.
■ كيف رأت مشيرة خطاب ثورة 25 يناير؟
- 25 يناير، ثورة فجرها الشباب، واحتضنها الشعب، ثم اختطفتها جماعة، واستعادها الشعب مرة ثانية فى ثورة 30 يونيو، بمساعدة جيش مصر العظيم، الذى لبى نداء الجماهير، ففى اجتماع مجلس الوزراء، قلت -وسجلات المجلس تشهد بذلك- إن شباب يناير هم صفوة الشباب، وهو شباب غيور على مصر، وحضرت لى وفود من شباب الثورة مرات عديدة للتفاوض خلال ال14 يوماً الأولى من ثورة يناير، ودعونى للنزول معهم، وقلت لا بد أن أستقيل أولاً، لا أن أنزل من أجل التقاط الصور فقط.
■ وكيف استقبلت خبر تولى محمد مرسى، رئاسة الجمهورية؟
- غالبية متابعاتى للأوضاع فى مصر، كانت من خلال التليفزيون، وخلال فترة مرسى وحكم الإسلام السياسى، كنت أتابع ما يدور من حوارات وأتساءل: هل يصح لمصر كدولة ذات حضارة 7000 سنة، ونحن الآن فى القرن 21 أن تكون مثل هذه الموضوعات، هى التى تشغلنا، وتكون محلاً للنقاش، فنحن لم نسمع حرفاً عن القضايا الاقتصادية أو عن تشغيل الشباب ومكافحة الفساد، وعن سبل تحقيق العدالة الاجتماعية، كان ما يشغلهم هو قضايا تخصيص «بلاجات» للأجانب، وإلغاء قانون الطفل، وإعادة زواج القصرات، عندها شعرت بالصدمة، لأننا عكس الاتجاه، وضد العصر.
■ وماذا عن ثورة 30 يونيو؟
- «يونيو» كانت ثورة لاستعادة مصر مجدداً، وإفساد المخططات الخبيثة لإضعافها وتفتيت المنطقة العربية، وشرعية 30 يونيو تأكدت بتنفيذ خارطة المستقبل، ووضع دستور 2014 الذى يحترم الحقوق والحريات ويؤسس لدولة المؤسسات ويفصل بين السلطات، كما يجعل الشعب مصدر هذه السلطات، ثم كان إجراء الانتخابات الرئاسية التى جاءت برئيس أجمعت عليه الإرادة الشعبية، وسيجرى استكمال الخارطة بإجراء الانتخابات البرلمانية التى يجرى الإعداد لها حالياً.
■ هل خرجت مع الشعب فى «30 يونيو»؟
- خرجت للمسيرات مرات عديدة أنا وأبنائى وأحفادى فى المعادى، وكانت مشاعر المصريين جميلة جداً، ولم ترهبنا تهديدات الإخوان.
■ هل أدليت بصوتك فى الانتخابات البرلمانية فى نوفمبر 2011 والرئاسية فى 2012؟
- خرجت للتصويت فى جميع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية منذ 25 يناير، فيما عدا الانتخابات الرئاسية الأولى لوجودى خارج مصر.
■ ولمن كنتِ ستعطين صوتك لو كنت فى مصر؟
- صوتى كان سيذهب للفريق أحمد شفيق، لما رأيت فيه من قدرات تنفيذية قوية جداً، وهو إنسان محترم أو لعمرو موسى، لما أعرفه عن قدراته السياسية وعلاقاته الدولية القوية.
■ هل شاركتِ فى مظاهرات ميدان التحرير من قبل؟
- نعم، فبعد ثورة يناير، وتحديداً فى يوم 8 مارس كانت هناك احتفالية بيوم المرأة العالمى، ويومها طردت النساء من ميدان التحرير، وكان بالنسبة لى يوماً لا ينسى، بسبب الوجوه الغريبة التى شهدتها فى الميدان والعنف المستخدم ضد النساء، ومن هناك أجريت يومها حواراً مع مراسل وكالة الأنباء الإيطالية، قابلته ونحن فى طريقنا إلى الميدان، وتولى حمايتنا من المشاهد الغريبة والبلطجة التى امتلأ بها الميدان فى هذا اليوم.
■ بعد ثورة 30 يونيو، هل كانت لك تحركات دبلوماسية لتوضيح حقيقة الأحداث؟
- نشرت مقالات، وألقيت محاضرات وشاركت مناظرات عبر الهاتف والإنترنت فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وتركيا والصين وأفريقيا، وخلال وجودى فى العديد من الفعاليات الدولية، كان بعضها يرتبط مباشرة بالوضع فى مصر، كنت حريصة على شرح حقيقة الأحداث، وأن 30 يونيو ثورة شعب، فعلى سبيل المثال شاركت فى 1 يوليو 2013 فى حوار نظمه مركز وودرو ويلسون الدولى للدارسين، وهو من أكبر عشرة مراكز أمريكية للأبحاث ومساندة صناع القرار فى الولايات المتحدة، ودار خلاله حوار مع قادة الفكر والأكاديميين ووسائل الإعلام الأمريكية بمشاركة الوزير نبيل فهمى، ومحمد أنور عصمت السادات، لشرح ما حدث فى ثورة 30 يونيو الشعبية، التى خرجت بإرادة المصريين، وبعدها فى 11 يوليو شاركنا جميعاً مرة ثانية فى فعالية مماثلة لمتابعة تطورات الأوضاع، وشرح ما حدث فى 3 يوليو، وفى 8 يوليو تحدثت أمام جامعة برين ماور، فى ولاية بوسطن الأمريكية، أمام وفود من مختلف الجنسيات، لشرح حقيقة الثورة التى تجتاح مصر، وبعدها ألقيت كلمة أخرى فى واشنطن يوم 10 يوليو، عن حقيقة ما حدث وعرضت صوراً لمسيرات ومظاهرات 30 يونيو.
وفى 11 يوليو، أجريت حواراً تلفزيونياً فى واشنطن، وآخر مع إذاعة مونتريال بكندا، شاركت بعدها فى مؤتمرات واجتماعات عديدة فى مختلف الدول، منها إيطاليا، ففى مقر الخارجية الإيطالية التقيت وزيرة الخارجية ونائبتها، وكان لى حديث قصير مع رئيس الوزراء الإيطالى فى روما فى شهر نوفمبر 2013 على هامش أحد الاجتماعات، وفى ميلانو مع عدد من الجمعيات الأهلية وسيدات الأعمال، وفى مدينة بيرجامو مع عدد من القيادات الصناعية، إلى جانب شرح حقيقة الأوضاع للشباب من خلال محاضراتى الدورية لطلاب جامعة بيروجيا للأجانب بإيطاليا.
وألقيت كلمة فى أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، عبر «سكايب» أمام المؤتمر السنوى لطلاب جامعة برنستون بالولايات المتحدة، وفى الصين خاطبت فئات عديدة فى محافل مختلفة، وفى جنيف شاركت مؤخراً فى إحدى الفعاليات الجانبية للمجلس الدولى لحقوق الإنسان، مع عدد من ممثلى المجتمع المدنى، على رأسهم المستشار عبدالعزيز سالمان، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية وأمين عام لجنة الانتخابات الرئاسية، والمفكر الإسلامى الدكتور كمال الهلباوى، أمين عام منتدى الوحدة الإسلامية، والدكتور حسن موسى، رئيس المدرسة الأزهرية ورئيس إحدى الجمعيات الأهلية فى فيينا، لشرح ما حدث.
والآن، أنا أستعد للسفر إلى روما، فى أكتوبر الحالى لحضور مؤتمر عن «العلاقات عبر الأطلنطى فى وقت الأزمة»، يحضره عدد من الشخصيات الأمريكية والإيطالية والدولية، لمناقشة بعض القضايا الدولية، وسأتحدث فى جلسة بعنوان: «من الربيع العربى إلى خريف دولة الخلافة الإسلامية»، عن الوضع الحالى فى مصر، خصوصاً بعد الزيارة الناجحة للرئيس عبدالفتاح السيسى، للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، ويشاركنى نفس الجلسة وزير الداخلية الإيطالى ونائبة وزير خارجية إيطاليا السابقة، وهناك اجتماع فى تونس خلال نوفمبر المقبل، سأشارك فيه، عن الدستور التونسى، وأنوى مقارنته بالمصرى، لإيضاح نقاط قوة الدستور المصرى الذى أرى أنه نظراً لاعتبارات سياسية ومواقف بعض الدول الغربية، لم يأخذ ما يستحقه من التقدير الدولى كالتونسى.
■ كيف ترين ردود الفعل الدولية تجاه مصر بعد 30 يونيو؟
- ردود الفعل الدولية تباينت فى كل مرحلة زمنية، فعقب ثورة 25 يناير، كان الناس يحيوننا فى المطارات لأننا مصريون، وبعد أن تولى «مرسى» الحكم، وبدء أحداث العنف، كانوا ينظرون إلينا بنظرات شفقة، ثم جاءت 30 يونيو، بوضع مختلف، فالبعض كان فرحاً بها، ومسانداً لها، وهناك البعض ينتظر، ليفهم ماذا يجرى، ومن هنا تأتى أهمية وجود مبعوثين لنا فى الخارج يتكلمون بحرفية ولغة تناسب الثقافات التى يخاطبونها، عن الأوضاع فى مصر، ولا يكفى أن تكون البعثة أو الوفد مخلصاً، أو لديه حماس، بل الأهم هو الأسلوب والقدرة على الإقناع، والدفاع عن الثورة، وإرادة الشعب بالحجة والبرهان، فقد رأيناً وفوداً للدبلوماسية الشعبية، فيها مَن كان موفقاً، وهناك مَن أخفق رغم نيته الحسنة والمخلصة، واليوم فى ظل الثورة المعلوماتية ووسائل الاتصال الحديثة، أصبحت هناك قواسم مشتركة بيننا والشعوب الأخرى تجعل من السهل علينا إقناعهم.
■ ما رأيك فى الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- السيسى، زعيم، يحظى بشعبية جارفة، ويتسم بالصدق، وكلنا نحبه ونثق فيه، بدليل أنه عندما طلب من الشعب تفويضه لمحاربة الإرهاب المحتمل، وقع أكثر من 22 مليون مواطن ومواطنة، وثائق لتفويضه، وخرج أكثر من 30 مليون مصرى لتأييده، كما اكتسب شرعيته عندما انتخبته الملايين بأغلبية ساحقة. وترجم الشعب المصرى مساندته بمواقف مشهودة، عندما اتخذ قرارات اقتصادية هامة تؤكد مساندته للعدالة الاجتماعية، منها قرار إلغاء دعم بعض المحروقات مثل البنزين والغاز الطبيعى فى البيوت، وتقبله المواطنون بتفهم، كما تحمل الشعب بمزيد من الصبر انقطاع التيار الكهربائى، وعندما دعاه «السيسى» إلى الاكتتاب لشق قناة السويس الجديدة، تدفقت المليارات لشراء شهادات القناة، لتتجاوز المبلغ المستهدف فى أسبوع واحد.
أرى فى الرئيس السيسى شموخاً، وإيماناً بقدر بلاده، لذلك اعتذر عن عدم حضور القمة الأفريقية الأمريكية، وأناب رئيس مجلس الوزراء، عنه، رداً على عدم التزام الرئاسة الأمريكية بالتوقيتات والمراسم المتبعة فى مثل هذه المناسبات. وأخيراً كانت ملابسات لقائه مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، تعبر عن تقدير واهتمام كبير بزيارته لنيويورك، التى حقق فيها نجاحاً كبيراً، وعاد منتصراً معززاً بتقدير دولى يضاف إلى التقدير الشعبى.
■ هل التقيت الرئيس السيسى من قبل؟
- لا.
■ من خبرتك الدبلوماسية، كيف ترين المشهد الدولى تجاه مصر؟
- أراه فى تحسن، ويعد الآن فى أفضل حالاته منذ ثورة 25 يناير، فزيارة الرئيس السيسى إلى نيويورك قدمت لمصر الجديدة، بفضل الدور الذى لعبه الشعب، وتماسك الجبهة الداخلية، وقوة الجيش المصرى ودوره الوطنى وتمتعه بالتأييد الشعبى، ثم دور الأشقاء العرب فى دول الخليج والأردن والجزائر، وغيرها، وبعض الدول الغربية والولايات المتحدة التى رفضت الاعتراف بثورة 30 يونيو أدركت اليوم خطأ توجهها، وتراجعت وغيرت موقفها وبادرت بمد يدها لمصر.
■ كيف تابعت كلمة الرئيس أمام الأمم المتحدة؟
- كانت ناجحة وموفقة بكل المعايير، خصوصاً أن زيارته لأمريكا كانت مشفوعة بتأييد شعبى جارف هناك، فالمشهد البطل كان للمصريين المحتشدين فى الشارع وخارج القاعة أثناء كلمته لتحية رئيسهم، وهو أهم لقطة، كما أن أول كلمة قالها الرئيس، هى تحية الشعب المصرى، وهو ما يعبر عن أن المصريين هم حرصه واهتمامه الأول والأخير، الأمر الذى رفع رصيده لدى الجماهير، كما أن ترديده «تحيا مصر» والحضور من ورائه مشهد لا يحدث كثيراً فى الأمم المتحدة، كما أن المقابلات المكثفة التى أجراها الرئيس خلال الزيارة مع ملوك ورؤساء دول فاعلة على الساحة الدولية والاحترام الذى حظى به صورته مع الرئيس الفرنسى أولاند ومع الرئيس أوباما والوفد المرافق له يعبر عن أهمية ومكانة مصر، واهتمام الإدارة الأمريكية بلقاء السيسى، وسعيها له، وأود أن أؤكد أن الإعداد لهذه الزيارة كان فى منتهى الدقة والحرفية، ولابد من تحية وزارة الخارجية عليه لما بذلته من جهد، ولمن لا يعلم فإن تبكير موعد إلقاء كلمة الرئيس أمام الجمعية العامة، أمر بالغ الصعوبة، والنجاح فى تحقيقه يعبر عن حرفية عالية جداً والمستوى الرفيع لاتصالات الخارجية فى أروقة الأمم المتحدة.
■ وماذا عن لقائه مع أوباما؟
- الإدارة الأمريكية هى من طلبت لقاء السيسى، والمقابلة عبرت عن تغير نظرة الولايات المتحدة تجاه ثورة 30 يونيو، واعترافها بإرادة الشعب المصرى، بدليل البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية، وفيه أن العلاقات المصرية الأمريكية تمثل حجر الزاوية فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط لفترة طويلة، وهى نقطة مهمة جداً عززت من المركز الدولى لمصر، يضاف إلى ذلك أن التطورات فى العالم العربى، وظهور جماعات مسلحة جديدة تمارس الإرهاب باسم الدين مثل «داعش»، وغيرها، زاد من قناعة المصريين والعرب بأهمية ثورة 30 يونيو، وأنه من الضرورى أن تظل مصر متماسكة وجيشها قوياً، لأنها حصن منيع ضد الإرهاب، يصد هجماته عن العالم العربى، كما أود أن أشير للرسالة التى وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، إلى الرئيس السيسى بمناسبة تنصيبه، وكانت أبلغ تعبير عن وزن ومكانة مصر، ودورها المحورى فى المنطقة والعالم.
■ كيف ترين رد فعل الرئيس السيسى على طلب أمريكا مشاركة مصر فى الحرب ضد داعش؟
- رد الفعل كان حاسماً وقاطعاً، فأولاً الحرب ضد الإرهاب لا تتجزأ ولا تقتصر على داعش، بل يجب أن تشمل جميع صور الإرهاب، وفى مقدمتها ما تعانيه مصر، ثانياً لم نتورط فى الحرب على داعش الذى يمثل أيديولوجيات تكفيرية متطرفة يجب أن نعترف أنها نجحت بالفعل فى التوغل فى عقول بعض أبناء مجتمعاتنا عبر عقود طويلة، ولذلك أرى أن الحرب على الإرهاب لا تقف عند مهاجمتهم بالجيوش على الأرض، فيجب أن تمتد لتشمل مهاجمة العقول والأفكار المسمومة، وهذه الكلمات قالها الرئيس السيسى فى الاحتفال بعيد العلم، حيث أكد أن المواجهة الفكرية هى الحل الجذرى والأكيد، هنا أود أن أشير إلى الاهتمام الذى أولاه الرئيس لقضية إصلاح التعليم والارتقاء بجودته.
وأنا أرى أن خطورة داعش تكمن فى أفكاره، قبل كيانه، ومن الضرورى مواجهة تلك الأفكار بالحوار مع الشباب فيجب أن نستمع إليهم، ونتواصل معهم بأسلوبهم.
■ كيف كانت ردود الأفعال الدبلوماسية لأصدقائك فى الخارج تجاه زيارة السيسى للأمم المتحدة؟
- كانت ردود فعل إيجابية جداً، ففى 6 أكتوبر الحالى، كتبت صحيفة الفايننشيال تايمز، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى استعادة وضع مصر داخلياً ودولياً، وأن تعيد الولايات المتحدة رسم سياستها تجاه مصر والمنطقة، وأشادت بسياسته الاقتصادية والقرارات التى اتخذها، وسبق ذلك ردود أفعال مماثلة عقب اللقاء المصرى الأمريكى، اتضح فى تصريحات الرئيس الأمريكى نفسه، من أن العلاقة المصرية الأمريكية تشكل حجر الزاوية فى السياسة الأمنية الأمريكية، واتفقت عدد من وسائل الإعلام الغربية على أن أمريكا سعت من وراء اللقاء لتحسين علاقاتها مع مصر والحصول على دعمها فى المنطقة لأن دورها التاريخى وهيبتها فى الشرق الأوسط سيساعدان واشنطن فى حملتها ضد داعش. وهناك جريدة الواشنطن بوست، علقت على نجاح زيارة السيسى لنيويورك، وأنها كانت معبرة عن وزن وأهمية مصر. كما توقفت أمام موقف مصر التى نبهت على ضرورة عدم اختزال الحرب على الإرهاب فى محاربة داعش.
■ من واقع خبرتك الدبلوماسية من المسئول الآن عن الترويج الإعلامى لمصر فى الخارج، وما دور السفارات ومندوبى الهيئة العامة للاستعلامات؟
- الترويج الإعلامى لمصر فى الخارج قضية بالغة الأهمية، فلا توجد جهة واحدة مسئولة بمفردها عن الترويج الإعلامى لمصر، وزارة الخارجية تلعب دوراً مهماً، وأعتقد أن زيارة الرئيس لنيويورك أظهرت بوضوح أهمية دورها، كذلك الهيئة العامة للاستعلامات، ومكاتبها المنتشرة داخلياً وخارجياً تؤدى دوراً هاماً للغاية، ويجب أن تتوفر لها الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية التى تمكنها من الاضطلاع بمهامها، لكن ما أود التأكيد عليه، هو أننا نعيش عصر السموات المفتوحة، وأصبح فيه للمواطن دور أخطر من كل هذه الأجهزة مجتمعة، فالمصريون الذين اصطفوا أمام الأمم المتحدة، للترحيب بالسيسى لعبوا دوراً أخطر من أى جهاز إعلامى، فنحن فى عصر حقوق الإنسان، والتزام المواطنين مثلاً بالنظام العام واحترام المارة والحفاظ على نظافة الشوارع وقواعد المرور، يجذب السياح أكثر ما تجذبه الإعلانات المدفوعة فى شبكة CNN ما شابهها. وترحيب موظف الجوازات بالمقبلين فى المطار أقوى دعاية للوطن، كما أن زيارة السيسى للأمم المتحدة لعبت دوراً هاماً فى الترويج لمصر، والمقابلات التى أجراها والأحاديث الصحفية، والمصريون الذين تجمعوا لتحيته قدموا أفضل صورة للبلاد، ومثل هذه المبادرات تأثيرها أقوى من الإعلانات المدفوعة، المهم فهم ثقافة من نروج لديهم ومخاطبتهم بالعقل والمنطق وباستخدام لغة العصر، وفى المقابل فإن العصبية والانفعال ليسا وسيلة للإقناع.
■ هل توافقين على فكرة المصالحة مع الإخوان؟
- الشعب أصبح مسيساً ويشارك بعد ما كان يفضل العزوف، وهو من يقرر قبول أو رفض المصالحة، لكن من الواضح أن هناك رفضاً شعبياً للمصالحة، خصوصاً مع من سفك الدماء واستباح الأرض، ومن الصعب الآن المصالحة، فالأولوية لمحاربة الفكر المتطرف الذى يشق وحدة المصريين، كما أن المصالحة ليست كلاماً، ولا بد أن يسبقها إثبات لحسن النوايا، ولو حدثت تكون وفق معايير وضوابط، ما أتمناه أن ينتهى الإرهاب الأسود.
■ ما رأيك فى الدكتور محمد البرادعى؟
- دبلوماسى مصرى مخضرم، لديه رؤية، إلا أن الخدمة فى المنظمات الدولية لفترة طويلة بعيداً عن مصر ربما تجعل رؤيته للأمور مختلفة، وتوقيت انسحابه من مصر، كان خطأه الكبير.
■ كيف قرأت تقارير المنظمات الدولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، عن حقوق الإنسان فى مصر؟
- هذه التقارير سياسية لا حقوقية، فهى متحيزة وغير منصفة، وهو ما يتضح فى توقيت إصدارها، كما أنها اختارت بعض الأحداث، وتعمدت إغفال البعض الآخر، وكُتب عنها الكثير لتفنيد ما تضمنته من مغالطات.
■ كيف ترد مصر على مثل هذه الجمعيات الإخوانية فى الخارج؟
- عنصر المبادرة مهم جداً، ومن المهم أيضاً توثيق الأحداث بالصوت والصورة وتجميع آراء الشهود وفضح محاولات التشهير بمصر ليس فقط داخلياً، بل الأهم من ذلك على الصعيد الخارجى. ومن الضرورى التدقيق فى اختيار الشخصيات التى يسند إليها مهمة تمثيل مصر، أو الدفاع عنها فى الخارج، فالأمر يتطلب مهارات محددة وأسلوباً هادئاً وعلمياً ومتزناً، بعيداً عن التهويل أو التهوين فى الحديث مع دعم الأمر بالأرقام والحقائق وتصيد الأخطاء للطرف المعادى، كما يفعل معنا، ولا بد من الحديث بلغة العصر، فهناك ألفاظ وعبارات عفى عليها الزمان لا يجوز استخدامها، كما أن قضايا حقوق الإنسان أصبحت فى أولويات السياسة الدولية وللأسف تثار بصورة انتقائية، لهذا يجب أن نتنبه إلى هذه الانتقائية مثلما حدث فى تقرير هيومان رايتس ووتش من مغالطات ومحاولة إيقاعنا فى مطبات ولكنهم انكشفوا.
■ هل تغضب مشيرة خطاب من لفظ «فلول» مبارك؟
- لا، إطلاقاً.
■ البعض يقول إن مشيرة خطاب كانت الذراع اليمنى لسوزان مبارك؟
- نعم عملت قريباً منها 12 سنة، واحترمت حماسها للأطفال، وفى هذه الفترة كانت إنجازات الطفولة والأمومة فى مصر غير مسبوقة، وكسرنا حواجز صمت فى العديد من القضايا التى خدمت الشعب، والشعب نفسه هو من تصدى للإخوان، أو غيرهم فيما بعد عند محاولته تدمير هذه الإنجازات.
■ كيف استقبلت مطالب نساء الإخوان بتغيير قانون الطفل والسماح بختان النساء؟
- بكل أسى، وتعجبت أن تأتى من نساء يدركن خطورة هذه الجرائم، تساءلت كيف تكون أولويات برلمان 25 يناير التنكر للمبادئ التى قامت من أجلها الثورة، فلم نر البرلمان يناقش سبل تحقيق الحرية أو الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية، أو محاربة الفساد، وإنما وجدناه يطالب بإلغاء إنجازات مهمة تحققت للمرأة وللطفل، وما أثلج صدرى أن المجتمع المدنى وآلاف الرجال والنساء فى الكفور والنجوع، الذين تكاتفوا معنا لتحقيق هذه الإنجازات هم من تصدوا لهذه المحاولات، ولا يزال هؤلاء يقظين ومصرين على استكمال ما تحقق، فهذه الإنجازات ليست ملكاً لأفراد، وإنما لملايين البشر، ممن طالبوا بحقوقهم وناضلوا من أجلها، فهناك قرى ونجوع فى مصر خرجت عن بكرة أبيها وأعلنت بشجاعة معارضتها لجريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتمت صياغة قانون للطفل لا يزال العالم يشيد به ويعتبره من أهم إنجازات مصر.
■ ما رأيك فى المرأة المصرية والدور السياسى الذى لعبته مؤخراً؟
- المرأة المصرية هى البطل الحقيقى للثورتين اللتين شهدتهما مصر فى السنوات الأربع الماضية، تحدت العادات والتقاليد وخرجت للشوارع والميادين إلى جانب الرجل، ولم ترفع شعارات بمطالبها، وإنما انضمت للرجال فى مطالب الوطن بأسره، والمشاركة النشطة للنساء فى التصويت على دستور 2014 ثم الانتخابات الرئاسية جاءت استمراراً لدورها النشط عبر السنوات الأربع الماضية، وكانت المرأة حاضرة فى كل المناسبات، وأبهرت العالم بوعيها ومشاركتها، وفى الواقع مصر مدينة لنسائها ويجب أن تعود دولة مدنية تقوم على حقوق المواطنة وسيادة القانون.
■ كيف ترين غياب النساء عن مراكز اتخاذ القرار؟
- المرأة حتى الآن لم تحصل على حقها الطبيعى الذى ناضلت من أجله، نحن تخلصنا من سيطرة تيار الإسلام السياسى على الحكم، ولم نتخلص من أفكارهم التى تسللت إلينا عبر السنين. فلا تزال النظرة المتحيزة تنكر على المرأة حقوقها. ولا يزال لدينا عدم إدراك لحقيقة أن مصر لن تنهض إلا إذا عوملت المرأة كمواطنة لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات. ومع ذلك هناك أمل كبير، فى أن تحتل النساء مواقعها فى مراكز اتخاذ القرار، خصوصاً أن الرئيس السيسى يدرك ويثمن دور المرأة، واستهل لقاءاته كمرشح للرئاسة بلقاء أعضاء المجلس القومى للمرأة، وكثيراً ما يخص المرأة بالذكر فى لقاءاته، وبرهن على ذلك بزيادة تمثيل المرأة فى الحكومة، حيث لدينا 4 وزيرات، كما لاحظنا التمثيل المشرف للنساء فى المجالس القومية المتخصصة التى أنشئت حديثا للتعليم وتنمية المجتمع، وكلى ثقة أنه سيحرص على تطبيق الدستور بما يضمن عدالة تمثيل المرأة، ونأمل أن يكون تمثيل المرأة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة معبراً عن دورها البطولى.
■ هل ضاعت مكاسب المرأة برحيل سوزان مبارك؟
- لا، ولكن بعضها مهدد، والفضل فى الحفاظ على المكاسب يرجع للدور الذى لعبته النساء، ومنهن السفيرة مرفت التلاوى، رئيس المجلس القومى للمرأة، التى وقفت بشجاعة تدافع عن مكتسبات المرأة.
■ هل حدث أى اتصال بينك وقرينة الرئيس الأسبق، بعد الثورة؟
- عقب الثورة حاولنا الاطمئنان عليها، وأرسلنا رسائل عن طريق المكتب مثلما اعتدنا فى إطار العمل، والحق يقال إنه خلال عملى معها 12 عاماً، لمست منها كل احترام وإخلاص فى العمل، والتاريخ سيذكر كل شىء وسيعطى كل شخص حقه، وأرى أن بعض ردود الفعل تجاهها تعود لكونها امرأة، وفى مجتمعنا ما زالت النظرة الذكورية تضعف من وضع المرأة فى المجتمع.
■ هناك مشروعات موصومة بأنها مشروعات سوزان مبارك، ما رأيك فى ذلك؟
- هذه المشروعات تخدم الشعب، وتضافر من أجل تحقيقها الكثيرون وتم تنفيذها بموارد الدولة، ويشكر كل من عمل لتحقيقها، مثل مدارس تعليم الفتيات التى أشاد بها كل من زارها، ومنهم أمين عام الأمم المتحدة بان كى مون، وهى مدارس تقدم خدمة تعليمية مميزة للفتيات فى أفقر القرى، وبأحدث أساليب التعليم، مثلها مثل خطوط نجدة الطفل ومكتبة الإسكندرية، ومكتبة الأسرة، ومشروع القراءة للجميع، وغيرها، ولا أعرف لمَ يجرى وصم مثل هذه المشروعات.
■ هل مصر تحتاج إلى السيدة الأولى الآن؟
- التنمية، خاصة فى الدول التى تكافح من أجل التقدم، تحتاج كل شخص بيده أن يقدم المساعدة، ودور السيدة الأولى يتوقف على استعدادها ورغبتها.
■ هل تعتقدين أن المجتمع يرغب فى وجودها؟
- أعتقد أن الشعب المصرى وخصوصاً الفئات الضعيفة منه التى عادة ما تسقط من الاهتمام فى ظل زحمة قضايا أخرى قد تبدو أكثر أهمية أو إلحاحاً، تحتاج إلى دورها ودعمها سواء المعلن أو غير المعلن، وهذه هى الخبرة المستفادة من الدول التى قطعت شوطاً فى التنمية البشرية وتخفيف حدة الفقر.
■ ما رأيك فى أوضاع الطفولة فى مصر حالياً؟
- مضطربة مثلها كأشياء أخرى كثيرة.
■ وماذا عن دور المجتمع المدنى حالياً فى قضايا المرأة والطفل؟
- أنا سعيدة بدور المجتمع المدنى للحفاظ على الحقوق المكتسبة، لأنه شريك فى كل ما قمنا به، وفى تقديرى أنه ضمان قوى وتعبير عن التعددية والديمقراطية.
■ قضية زواج القاصرات عادت مجدداً، كما يمارس ختان الإناث دون رقابة كافية، ما رأيك؟
- أرى الأمر ردة خطيرة وانتهاكاً لحقوق الأطفال، ومصر ستمثل قريباً أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، وستسأل عن ذلك ضمن أمور أخرى، وكم كنت أود أن ينص دستورنا على الالتزام بالحقوق المكتسبة كما فعل الدستور التونسى.
■ كيف يمكن مواجهة مشكلة أطفال الشوارع وعمالة الأطفال؟
- هذه المشاكل مثال حى لما أشرت إليه من الاستخفاف بقضايا الطفولة، ويجب أن نعلم أن أطفال الشوارع وعمالة الأطفال هى تعبير عن فشل التعليم، ونتيجة له، لا يوجد تلاميذ أو أطفال فاشلون، ولكن هناك مدارس ومدرسين فشلوا فى جذب الأطفال للتعليم، ويجب علاج تلك المشاكل من منابعها، برفع مرتبات المعلمين، وبناء مدارس جديدة، وبناء المعلم فى حد ذاته ليكون وسيلة صالحة لنقل المعارف للأطفال، ويجب أن نتأكد من أن هذه المدارس تؤدى الغرض من إنشائها، وتحتضن عملية تعليمية حقيقية، وأن التلاميذ يذهبون إليها سعداء شغوفين لأنهم يحصلون على تعليم يحفزهم على مواصلة الدراسة، مع القضاء على الدروس الخصوصية التى تكلف الأسر المصرية 116 مليار جنيه سنوياً، مع القضاء على أية كلفة خفية للتعليم مثل شراء زى أو كتب أو تسديد رسوم نشاط.
ومن الضرورى أن يواكب التعليم النهضة المعلوماتية، وأن يتوجه التعليم لتنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية، وحقه فى التعبير عن رأيه وفى الاستماع إليه، وأن يرسخ داخل الأطفال احترام حقوق الإنسان وحرياته، وهويته الثقافية وقيمة الوطنية، وتنمية روح التفاهم والتسامح والمساواة بين الجنسين وعدم التمييز لأى سبب كان، وأتمنى أن أرى برنامجاً يرعاه الرئيس يدعو للتبرع لسداد الرسوم المدرسية وشراء الزى المدرسى للأطفال الفقراء وبدء حملة قومية لضمان التحاق كل طفل بالتعليم وضمان عدم التسرب من الدراسة مهما كانت الأسباب اقتصادية أو اجتماعية.
ولا بد من تمكين الوالدين الفقراء من الوفاء بحقوق أطفالهم فى التعليم والحماية الأسرية. ومنع أسباب تخلى الأسرة عن حماية أطفالها وتسهيل الفرصة الثانية، والعودة للمدارس لمن تسرب من التعليم، فبكل وضوح أرى أن التعليم هو الوسيلة الوحيدة التى ستجعل «مصر قد الدنيا»، لذلك يجب أن يصبح مشروعاً قومياً يلتف حوله المصريون كالتفافهم حول مشروع قناة السويس، ويجب أن نوجه الموارد أولاً لتعليم الأطفال ومنع تسريبهم، لأن ذلك أهم من محو أمية الكبار، ونموذج المدارس الصغيرة الصديقة للأطفال قليلة التكلفة، تناسب المناطق النائية، وفى هذه المناطق يمكن رعاية نماذج ناجحة تقاوم شرور الدروس الخصوصية، وسبق أن زرنا أماكن لم يكن المحافظون يعرفون شيئاً عنها وأنشأنا فيها مدارس تضاهى أرقى المدارس الخاصة فى جودة التعليم، والأمم المتحدة وثقت التجربة وأفردت لها إحدى مطبوعاتها كنموذج تحتذى به الدول.
■ كيف ترين المطالبات بتعديل قانون الطفل، ورفع العقوبات فيه لتصل إلى الإعدام؟
- هذه ردة أخرى خطيرة فى التخلى عن مسئوليتنا تجاه الأطفال، فقبل أن نضع حبل المشنقة حول رقبة الطفل يجب أن نبحث عن المجرم الحقيقى الذى أوصله لهذا الوضع، وكيف تعاملت معه الدولة، فالظروف الحالية تجعل من السهل مغازلة الرأى العام، لكن الأصعب هو تذكير المجتمع والأسرة بمسئولياتهم ووضع الأمور فى سياقها السليم.
■ القضية السكانية عقب ثورة يناير أغلق بابها ولا توجد سياسة واضحة للدولة تجاهها، إلى أى مدى تمثل خطراً على المجتمع؟
- أعلى معدلات للزيادة السكانية فى مصر كانت عام 2012 حيث بلغت 2 مليون و200 ألف نسمة، بمعدل 22.6 فى الألف، والخطورة أن الزيادة السكانية بتركيبتها الحالية تورث وتكرس الفقر، فى ظل تراجع الاهتمام بكل قضايا التنمية البشرية فى السنوات الأربع الماضية، وكان المجتمع بحاجة إلى رسالة تعبر عن إرادة سياسية لتبنى القضية السكانية، والسيسى عندما كان مرشحاً للرئاسة اجتمع مع المجلس القومى للسكان فى إطار حملته الانتخابية، ويجب متابعة هذا الاهتمام بالتركيز على العمل ميدانياً فى الأماكن التى ترتفع فيها معدلات الزيادة السكانية، وهى عادة تفتقر إلى خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
■ ما رأيك فى رفع الدعم عن بعض السلع الغذائية وتأثيرها على شعبية السيسى؟
- الرئيس يهتم بالفقراء وبالعدالة الاجتماعية أكثر ما يهتم بشعبيته، والشعب وخاصة الفقراء يثق فى السيسى ويعلم أن حرصه عليهم يفوق أى اعتبار. فى تقديرى القضية ليست فى رفع الدعم، وإنما فى التأكد من أن الدعم يصل إلى مستحقيه، وهو يحاول أن يساعد الفقراء على الاستغناء عنه، ونعلم جميعاً أن هناك خللاً يمنع وصول الدعم لمستحقيه، وهناك جهود كبيرة تبذل منذ سنوات لإحكام الأمر، مثل وضع قاعدة بيانات وإصدار كروت ذكية تمنع التحايل والفساد وتضمن وصول الدعم لمستحقيه، ويوجد تقدم فى مواجهة السوق السوداء للسلع، نتيجة توزيع الخبز بالبطاقات وتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل، والمهم هو الحفاظ على كرامة الفقراء، ومساعدتهم على الخروج من دائرة الفقر، ويجب أن يتكاتف المجتمع المصرى للقضاء على الفقر أو تخفيف حدته بصورة مستدامة، ومن المهم أيضاً أن تباع السلع بسعرها الحقيقى لمنع التهريب، مع دعم المحتاجين بصورة مباشرة.
■ ما الخطأ الرئيسى الذى وقع فيه المعزول «مرسى» وأدى لإسقاطه؟
- أنه لم يكن رئيساً، أو على الأقل لم يكن رئيساً لكل المصريين.
■ وما الخطأ الذى وقع فيه «مبارك»؟
- لم يشكك على ما يبدو فى صحة ما يعرض عليه من تقييم وتقارير عن حالة الشارع.
■ هل تأثرت مشيرة خطاب على المستوى الدولى بعد ثورة 25 يناير؟
- نعم تأثرت، وأنا فخورة بالتقدير الدولى الذى أتمتع به، وأراه فى الدعوات التى توجه لى منذ مغادرتى المنصب للمشاركة فى مؤتمرات أو فعاليات، يضاف إلى ذلك التقدير الذى تحظى به مجهوداتى سواء فى العمل الدبلوماسى أو التنموى، خصوصاً عندما يصلنى ممن لا أعرفهم، وهناك لفتات لن أنساها، فمثلاً عندما اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً العام الماضى يحث الدول على تجريم ختان الإناث، اتصلت بى وزيرة الخارجية ونائبة رئيس مجلس الشيوخ الإيطالى لمشاركتهما فعالية تنقل على الهواء، تزامناً مع صدور قرار الجمعية العامة، وطبعاً من المعتاد أن يحدث هذا مع مسئول فى السلطة، إلا أنها ذكرت أن الجميع يعلم جهودى فى هذا المجال، ولفتة أخرى عندما فوجئت باختيارى ضمن أعظم 5 ناشطات فى مجال حقوق الإنسان على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط، وكان ترتيبى الثالث، وذلك من قبل مؤسسة سويدية لم أعرفها، هذا إلى جانب اختيارى عضواً فى هيئات رفيعة مع من حازوا على جوائز نوبل وغيرها. وبشكل عام فمنذ خروجى من الوزارة، وبرنامجى مزدحم للغاية، وأعمل ساعات أطول، وشاركت فى محافل دولية فى الخارج وانضممت إلى مراكز علمية وبحثية رفيعة المستوى وأقوم بالتدريس فى أرقى جامعات العالم، وتنشر لى أكبر مراكز الأبحاث فى الخارج العديد من الأوراق والمقالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.