فى ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، وكلما مرت بخاطرى ذكريات تلك الأيام العظيمة من تاريخ مصر، التى سطرها رجال ضحوا بأرواحهم، ورجال وهبوا دماءهم، ورجال حملوا أرواحهم على أكفهم ضد من ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ومن نار الثأر وقوة الحق وعزيمة الرجال ليدخلوهم فى غيابات الذل والهوان وعار الهزيمة. كان لعمليات أكتوبر أهداف واضحة وأجندة عمل وقيادة، أجندة العمل كان أساسها الإيمان الراسخ بالله، فما من مقاتل من رجال حرب أكتوبر إلا وكانت صرخة «الله أكبر» المدوية ناصراً انطلقت من القلوب قبل الحناجر تزرع الأمل فى قلوب الرجال، وكان هديرها سباقاً لهدم الحصون قبل أن تصيبها المدافع والطائرات، وفى نفس الوقت كان الإعداد العلمى والعملى للرجال بالجهد والمثابرة والصبر وقوة التحمل بلا كلل ولا ملل مع الاستعداد للتضحية بالغالى والنفيس لتحقيق الهدف، قيادات واعية بمعايير الكفاءة والتأهيل وامتلاك القدوة الحسنة لمرؤسيهم، وقبل أن يكون أمام الرجال سلاح كان خلفهم شعب لملم جراحه بعد هزيمة 67 وتوحد وصمد وساند جيشه بالعمل والقلب واللسان. أهداف حرب أكتوبر كان ظاهرها العبور واستعادة الأرض، وباطنها العبور من الهزيمة إلى النصر، وفى عقول وقلوب الرجال هو العبور بالوطن والأمة من التخلف إلى التقدم ومن الفقر إلى الرخاء ومن الجهل إلى العلم ومن الذل والهوان إلى العزة والكرامة، لقد عبر المقاتلون وهذا كان هدفهم الأسمى والأكبر والأشمل، كنا نخشى أن يختصمونا أمام الله الواحد القهار عندما يسألوننا عما فرطنا فلم نوفِ بالعهد ولم نكن أمناء فقد عبروا بقوة السلاح وضحوا بأرواحهم، ولم نكن قادرين على استكمال المسيرة، وبعد سنوات التعثر فى عهد مبارك وأكثر من ثلاث سنوات بعد ثورة 25 يناير آن أن ننطلق لتحقيق حلم هؤلاء الرجال العظماء إلى التقدم والرخاء والعلم والعزة والكرامة لنثبت لهم أننا أوفياء وأمناء وتحيا مصر.