وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    كوريا الشمالية تطلق نوعا جديدا من الصواريخ وتختبر "رأسا حربيا كبيرا جدا"    كانسيلو يعلق على خروج برشلونة من تشامبيونزليج وآخر الاستعدادات لمواجهة ريال مدريد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة لاتزال غائبة في انفجار ميناء بيروت.. وحرب «الحصانات» تشتعل
نشر في الوطن يوم 04 - 08 - 2021

في صباح الثلاثاء الموافق الرابع من أغسطس الماضي، استيقظ اللبنانيون لاستكمال مسيرة البحث عن حلول لأزماتهم المتفاقمة آنذاك والتي حاول رئيس الوزراء حسان دياب، تسكينها عبر تكليف المؤسسات الأمنية والعسكرية بمكافحة السوق السوداء للوقود المختفي من الأسواق والدولار الذي أفقد الليرة اللبنانية قرابة 530 % من قيمتها.
وبينما كان حسان يصدر قراره، شهد مقر وزارة الطاقة بالعاصمة بيروت مظاهرة حاشدة تخللها اشتباكات مع قوات الأمن احتجاجا على انقطاع الكهرباء الممتد لأكثر من 15 ساعة يوميا وغياب المازوت اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة، وذلك قبل قرابة 48 ساعة من الموعد المحدد لإغلاق كامل أعلنته الدولة اللبنانية في مواجة وباء فيروس كورونا الذي كان مستجدا.
وفي غضون ذلك، كان هناك ثلاثة حدادين يقومون بأعمال لحام في باب العنبر رقم 12 المطل على البحر، وبعد مجهود شاق انتهى عملهم في الساعة الثالثة عصرا.
ومع دقات الساعة السادسة عصر ذلك اليوم بتوقيت بيروت، ساد الهدوء كعادة كل يوم في مختلف الأنحاء والأحياء، بعد انتهاء يوم عمل شاق في نهار صيف حارق، ولكن دقائق معدودة وحدث ما لا يسر الأعداء في العاصمة بيروت التي تقع بكاملها على ساحل البحر المتوسط ويتوسطها مينائها البحري الذي يضم 16 رصيفا و12 مستودعا «عنابر»، وصوامع عملاقة لتخزين الحبوب والغلال ويعد زينة سواحل لبنان.
وبعد السادسة بدقائق، لاحظ السكان حركة غير معتادة لسيارت فوج إطفاء بيروت بينما تطلق صافراتها أصواتا عالية تنم عن خطر كبير يداهم ميناء بيروت، وبالفعل وصل فوج الإطفاء إلى منطقة العنابر وتحديدا عند العنبر رقم 12 الذي نشب به حريق كبير وتخرج ألسنة لهبه من فتحات للتهوية أهلى العنبر الذي لا يعلم رجال فوج الإطفاء أن بداخله كمية 2750 طنا من نيترات الأمونيوم شديدة الانفجار مخزنة داخل العنبر منذ عام 2014 وكانت تتهيأ للإنفجار!
وأثناء محاولات كسر الباب لدخول العنبر والسيطرة على الحريق، حدث انفجار أحدث موجة انفجارية محدودة ثم تلاه بقرابة 36 ثانية انفجار آخر تم تصنيفه واحدا من أشد الانفجارات غير النووية في التاريخ، ليكون 10 من رجال فوج الإطفاء هم أول الشهداء المعروفين في هذه الكارثة.
ورغم اعتياد سكان بيروت القدامى على أصوات الرصاص والتفجيرات سواء في الحرب الاسرائيلية أو إبان الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 وحتى عام 1990 وأسفرت عن 120 ألف قتيل، إلا أن ما حدث في ذلك اليوم لم يعرفه تاريخ قط في المدينة التي كانت تعرف بباريس الشرق.
لقد أثارت الموجة الانفجارية هزة غير مسبوقة في مدينة بيروت بمحيط وصل إلى 10 كيلومترات ما أدى إلى وفاة أكثر من 200 شخصا وإصابة أكثر من 6500 آخرين وشردت 300 ألف شخص وأفقدت 70 ألف موظف أماكن عملهم وألحقت الضرر بأكثر من 88 ألف وحدة سكنية وما يزيد عن 5000 سيارة في ضربة واحدة!
مرّ اليوم وأثاره في نفوس اللبنانيين لم يمر، ومن هول الصدمة لم ينطق أحد من أهالي الضحايا والمصابين في ذلك اليوم إلا بكلمة واحدة وسط سيل من الدموع والصرخات، وهي العدالة! ورغم مرور عام كامل على هذه الكارثة، إلا أنها لا تزال غائبة.
في الأيام التالية لانفجار، كان الأهالي مشغولين في البحث عن ذويهم وفي المستشفيات وبين أشلاء الضحايا المتناثرة في كل مكان، بينما أصدرت الحكومة قرارا بفرض إقامة جبرية على كافة المسئولين ودون استثناء الذين تُظهر التحقيقات أنهم شاركوا في تخزين المواد المتفجرة، ثم أعلنت سلطات التحقيق القضائية العسكرية عن وجود 16 شخصا قيد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات.
المطالبة بمحكمة دولية أسوة بقضية اغتيال الحريري
لم تمر ساعات على الحادث المؤلم، حتى طالبت قوى وتيارات سياسية بإجراء تحقيق دولي شفاف تتولاه محكمة دولية بالتعاون مع الأمم المتحدة على غرار التحقيق الذي تجريه المحكمة الخاصة بلبنان التي تتولى منذ عام 2009 التحقيق في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري عام 2005 علما بأن حادث الاغتيال تم على بعد بضعة كيلومترات من ميناء بيروت البحري، إلا أن هذا الاقتراح قوبل بالرفض نظرا للتكلفة الباهظة للمحكمة، وخصوصا أن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري مهددة بالتوقف بسبب نقص التمويل.
وبالتالي بات التمويل عقبة تمنع لبنان من تكليف قضاء خارجي مستقبل بالتحقيق في الحادث تفاديا للخلافات التي عادة ما تنشأ بين التيارات والقوى السياسية اللبنانية حول التحقيقات وسيرها بما يعيق الوصول بسهولة للعدالة في قضايا مشابهة.
تكليف قاضي تحقيق لبناني بالتعاون مع محققين فرنسيين والFBI
وسرعان ما تم تعيين القاضي فادي صوان، قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة ليتولى مهمة التحقيق في الجريمة لما يعرف عنه من استقلالية ووقوفه على مسافة واحدة من القوى السياسية وبعده عن الأضواء، كما بدأ محققون أجانب المشاركة في التحقيقات الأولية بينهم فرنسيون وفريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) وآخرين.
بدأ صوان العمل على ثلاثة مسارات أولها تتبع كيفية وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى ميناء بيروت، وأظهرت تحرياته أن باخرة تسمى «روسوس»، كانت تحمل مادة «نيترات الأمونيوم» منطلقة من ميناء باتومي، في جورجيا (غرب آسيا) إلى ميناء «بايرا» في موزمبيق (شرق أفريقا)، وفي طريقها توقفت ليومين في أحد مواني تركيا لتبديل طاقم الباخرة ثم انحرفت عن مسارها المحدد خلال وجودها في عرض البحر بناء على طلب مالك السفينة قبل أن تتابع رحلتها الى أفريقيا، ووصلت في نوفمبر من عام 2013 إلى ميناء بيروت لتحميل ونقل معدات تستخدم في عمليات المسح الزلزالي بحثا عن النفط وذلك لتفريغها في ميناء العقبة الأردني بواسطة الوكيل البحري لشركة GSC التي تملك مكاتب في الأردن. إلا أن السفينة المتهالكة لم تتمكن من تحميل أي من المعدات الثقيلة الإضافية ما أحدث أضرارا جسيمة فيها، فاضطرت الشركة لاحقا الى نقل المعدات عبر سفينة أخرى إلى ميناء العقبة، وبقيت «روسوس» في ميناء بيروت وخصوصا بعد افلاس مالكها، فتم تنزيل حمولتها والحجز عليها في عام 2014 بالعنبر رقم 12 بالميناء.
وخاطب صوان بالفعل السلطات القضائية في الأردن وموزمبيق وتركيا وأيضا قبرص موطن الشركة الوسيطة في عملية بيع وشراء كميات النيترات للإفادة بأسباب ترك السفينة ببيروت، كما خاطب الانتربول الدولي (منظمة الشرطة الجنائية الدولية) الذي أصدر النشرة الحمراء لضبط صاحب السفينة وقبطانها الذي غادر لبنان ولتاجر النيترات (برتغالي الجنسية) الذي زار ميناء بيروت مرتين وكشف على النيترات في العنبر رقم 12 في عام 2014.
وأما المسار الثاني فكان المتعلق بتحديد الميئوليات تبعا لشبهة الاهمال القصدي، وبعد قرابة شهرين من التحقيق، طلب القاضي فادي صوان استجواب رئيس الحكومة حسان دياب -الذي تقدم باستقالة حكومته بعد الحادث ب6 ايام - وثلاثة أعضاء بمجلس النواب كانوا وزراء سابقين، هم وزير المالية الأسبق علي حسن خليل ووزيري الأشغال الأسبقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، إلا أن أحداً منهم لم يمثل أمامه في جلسات حددها لاستجوابهم ك"مدعى عليهم" وليس كشهود.
وأثار الادعاء على المسؤولين الأربعة اعتراض تيارات سياسية، كما تقدم كل من زعيتر وخليل بمذكرة أمام النيابة العامة طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر، واعتبرا أن الإجراءات التي اتخذها "صوان" بحقهما تثير الريبة والشكوك والخشية من عدم تحقيق العدالة المنصفة بحقهما، فيما اعتبر رئيس الحكومة أن الإدعاء عليه استهداف سياسي لموقع رئيس وزراء الجمهورية اللبنانية.
ولم يمهل القدر القاضي صوان لإعلان نتائجه في المسار الثالث المتعلق بكشف كيفية وقوع الانفجار، حيث بعد قرابة شهرين آخرين، وتحديدا في 18 فبراير الماضي، أصدرت محكمة لبنانية مختصة قرارا بنقل ملف التحقيقات المتعلق بالانفجار من القاضي فادي صوان إلى القاضي طارق بيطار ليتولى المهمة.
بيطار يعلن 3 فرضيات للحادث
بدأ القاضي طارق بيطار مهمته من حيث انتهى صوان وسار في نفس المسارات الثلاثة، بل توسع في البحث والإفادات الدولية وطلب رسميا من عدد من الدول الاستعانة بصور لأقمار صناعة تحلق فوق بيروت. وبعد قرابة شهرين ونصف تقريبا أطلق تصريحه الشهير «نحن أكثر جهة تملك الكثير من المعلومات والمعطيات ، وكل ما يحكى خارج إطار التحقيق الذي نقوم به هو مجتزأ».
كان بيطار محقا، وفي أوائل يونيو أعلن بيطار تقدما في المسار الثالث، وحدد ثلاث فرضيات يركز عليها التحقيق في انفجار الميناء وهي:
الأولى: إمكان حصول خطأ في عملية تلحيم باب العنبر رقم 12 أدى إلى اندلاع الحريق، ثم الانفجار.
الثانية: حصول عمل أمني أو إرهابي متعمد داخل الميناء تسبب بالكارثة.
الثالثة: فرضية الاستهداف الجوي عبر صاروخ.
وأشار إلى أن إحدى هذه الفرضيات استبعدت بنسبة 70%، والعمل يجري على الحسم النهائي بين الفرضيتين المتبقيتين، من دون أن يحددهما، مؤكدا أن تقرير التحقيق الفرنسي الذي تسلمه أخيرا دفع باتجاه استبعاد إحدى الفرضيات الثلاث بنسبة كبيرة.
واستفاض بيطار في فرضية الاستهداف الجوي قائلا إن الأمر قيد التحقيق المعمق، وهذا يرتكز إلى ثلاثة عوام وهي:
الأول: إفادات الشهود وما إذا عاينوا طائرات حربية أو سقوط صاروخ.
الثاني: الإطلاع على الرادارات.
الثالث: تحليل التربة والتثبت عما إذا كان هناك أثر لصاروخ أو أثر لبارود أو أي مواد متفجرة أخرى.
وطلب بيطار مدة شهرين لتتوضح أسباب الانفجار بشكل نهائي وحاسم، حيث تعهدت قوى الأمن الداخلي (الشرطة اللبنانية) بانشاء مجسم لموقع الانفجار لإجراء محاكاة للحادث وتحديد المشاهد التقريبية له، مؤكدا أن التحقيق توصل بنسبة 70% إلى تحديد ما إذا كانت الباخرة روسوس التي نقلت نيترات الأمونيوم من جورجيا تعمدت دخول ميناء بيروت وإفراغ حمولتها فيه، أم أنها أتت عن طريق الصدفة!
وفي مطلع يوليو الماضي، أثار بيطار جدلا واسعا بطلب نفس المطالب التي أدت إلى استبعاد سلفه صوان بل توسع في الأسماء لتشمل قادة آخرين، حيث طلب استجواب رئيس الحكومة والنواب وزاد عليهم عدد وزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق وقائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا والمدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وعدد من القضاة وقادة عسكريين وأمنيين سابقين من بينهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات.
فتح بيطار فصلا جديدا من التحديات التي تعرقل سير العدالة في القضية، وهو فصل الحصانات، إذ ينص قانون مجلس النواب على أنه لا يجوز الإدعاء على نائب أو استدعائه للتحقيق إلا في حالة الجرم المشهود المحددة بثمانية أيام أو بعد رفع الحصانة عنه من قبل مجلس النواب.
كما تنص المادة 80 من الدستور اللبناني على أن تكون محاكمة الوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وهو مجلس يتألف من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة، وتصدر قرارات التجريم من المجلس الأعلى بغالبية عشرة أصوات، فيما يحاكم القضاة أمام محاكم خاصة، والعسكريين أمام محاكم عسكرية، كما يمنع القانون مثول المحامين للتحقيق إلا بإذن من نقابة المحامين، وبعض المدعى عليهم محامون.
وهنا، شهدت قضية انفجار ميناء بيروت حراكا هو الأعنف منذ حدوث الكارثة في أغسطس الماضي، حيث تحرك أهالي الضحايا والمصابين في ظاهرات شابها أعمال عنف مطالبين برفع جميع الحصانات ومثول الجميع أمام قاضي التحقيق، بينما تمسك المدعى عليهم بحقوقهم الدستورية والقانونية.
حرب الحصانات تشتعل
وأمام هذا الجدل، برزت حرب الحصانات، حيث بدأ الفرقاء السياسيون في لبنان باستخدام رفع الحصانات كسلاح للتلاسن والهجوم والمزايدات كنوع من الانحياز لأهالي الضحايا، فيما يرى الطرف الآخر أن المثول أمام القضاء واجب في هذه القضية، ولكن بما لا يخالف الدستور والقانون لتكون الأحكام غير قابلة للطعن والتشكيك.
الحريري يطالب بتعليق العمل بمواد بالدستور والقوانين
وفي السابع والعشرين من الشهر الماضي، تقدم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري وكتلته النيابية بتيار المستقبل تضم 18 نائبا باقتراح لتعليق جميع المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو حقوق خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وللوزراء وللنواب وللقضاة، وللموظفين وللمحامين وذلك لضمان محاكمة عادلة للجميع أمام قضاء واحد وهو القضاء العدلي في جريمة انفجار ميناء بيروت.
وقال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري إن هناك نصوصا بالدستور والقانون تعطي حصانات وضمانات خاصة لعدد من الفئات بشكل يصعب مهمة قاضي التحقيق، مشيرا إلى أن هذه النصوص تضمن للقضاء أن يتم التحقيق معهم أمام محكمة خاصة وليس المحقق العدلي (النيابة العامة)، فيما تؤكد هذه النصوص على محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء تكون أمام المجلس الأعلى، وبالتالي ستكون المحاكمة في قضية انفجار ميناء بيروت البحري إذا سارت في المسار الحالي مقسمة على 3 جهات قضائية وليست جهة واحدة، مما يجعل الوصول إلى الحقيقة أمرا مستحيلا، مشددا على أن هذا هو البديل الوحيد للمحاكمة الدولية التي سبق وأنه طالب بها في هذا الحادث لترفع الحصانات عن الجميع.
تضامن كثيرون مع مبادرة الحريري، إلا أنها لم أن أهالي الضحايا لم يكن لهم كلمة إلا العدالة في 4 أغسطس 2020، ولا كلمة لهم إلا «رفع الحصانات» في 4 أغسطس 2021.
تقرير الFBI يفجر مفاجأة
وقبل أيام من إحياء الذكرى الأولى لانفجار ميناء بيروت، كشف مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي «إف.بي.آي»، عن أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت العام الماضي لم تكن أكثر من 20% من إجمالي الشحنة التي تم تفريغها عام 2014، حيث أن حوالي 552 طنا فقط من نترات الأمونيوم انفجرت في ذلك اليوم وهي كمية أقل بكثير من الشحنة الأصلية التي تزن 2754 طنا!
ولم يقدم التقرير أي تفسير لهذا التناقض بين الكمية التي انفجرت والكمية التي وصلت إلى الميناء، كما لم يوضح أين ذهبت بقية الشحنة.
واتفق عدد من السياسيين اللبنانيين مع التقرير الأمريكي وسط تقديرات تؤكدا أن الكمية كلمها لو كانت انفجرت في الحادث لحدث أضعاف هذا الدمار.
1- لماذا لم يتم فتح تحقيق أمام محكمة دولية أسوة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري؟
2- ما سر استبعاد قاضي التحقيق عن نظر القضية وتعيين آخر بعد 6 أشهر على الإنفجار؟
3- ما الأسباب التي برر بها رئيس الوزراء امتناعه عن المثول أمام القضاء؟
4- هل يرفض مجلس النواب رفع الحصانة عن أعضاءه المطلوبين أمام القضاء؟
5- لماذا طالب سعد الحريري تعطيل العمل ببعض مواد الدستور والقوانين كشرط لاستكمال التحقيق؟
مرت الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، ولا تزال تلك الأسئلة بلا إجابات في انتظار تجاوز التحديات التي تعرقل تحقيق العدالة.
جاء التقرير الأمريكي ليضيف لغزا إلى الغاز جريمة انفجار ميناء بيروت والمتمثل في الاجابة على سؤال جديد، إين ذهبت كمية النيترات التي لم تنفجر في الميناء؟ ومن كان له سلطة التحكم فيها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.