أيتها المصرية، أيها المصرى، ماذا تفعلان إن أردتما تحصيل بعض المعلومات عن إحدى جَدّاتنا العظيمات، بل كبرى جدّاتنا فى الميثولوجيا المصرية القديمة: «إيزيس»؟ ستكتبون فى أحد محركات البحث هذه الكلمة البسيطة: Isis، وهو اسم السيدة الفاتنة التى تحمل فوق رأسها عرشاً صغيراً، رمزاً لسلطان الجمال والفضيلة والأمومة. ماذا نُحصّل من نتائج البحث؟ آلاف الروابط والصور لسيدة نحيلة ممشوقة القِدّ مرفوعة الرأس حسناء الملامح أنيقة الملبس، تقبض على صولجان الحُكم بيمناها، وفى اليسرى تحمل «مفتاح الحياة»، لتحكى أسطورة تلك الفرعونة القوية التى رمزَ بها المصريون، أجدادُنا العظام، إلى كل المعانى الطيبة النبيلة السامية الرفيعة. «إيزيس» فى اللغة المصرية القديمة هى المتربعة على عرشها، هى ربّة القمر والأمومة. شقيقة الإله أوزوريس وزوجته. جمعت رُفات زوجها بعدما قتله إلهُ الشر «سِتْ» ووزع أشلاءه على أربعين بقعة من بقاع مصر، لكيلا يعود إلى الحياة. (ومن هذه الأسطورة أصبحنا نحتفل بالمتوفى بعد أربعين يوماً من رحيله، تلك عادة مصرية قديمة ورثناها عن أجدادنا). لكن جدتنا الأسطورية جمعت الأشلاء وأعادت إليه الحياة وأنجبت منه الطفل «حورس» الذى سيشبّ ليغدو إله الشمس، وتصبح «عين حورس» تعويذة خير وبركة ونعمة لكل من يحملها. (بعدما زار مصرَ أبو الطب الإغريقى «أبقراط» وذُهل من التقدم الطبى لدينا، نقل رمز عين حورس إلى بلاده كتميمة شفاء، أصبح يتبرّك بها أطباءُ أثينا القديمة فرسموها على صدر وصفات العلاج. تلك التى تحوّرت مع الزمن وصارت الرمز الشهير الذى يتصدّر كل روشتات الأطباء فى العالم حتى اليوم: Rx). كان ما سبق هو النزر القليل مما ستتعلم عن حضارة بلادك حين تبحث بهذه الكلمة الساحرة Isis عن أسلافك العظماء الذين كتبوا تاريخ البشرية بفكرهم المثقف وحضارتهم الهائلة. أما الآن، لو وضعت تلك الحروف ذاتها: Isis فى محركات البحث ذاتها، فسوف تصدمك وجوهٌ قبيحة يعلو جباهَها غضبٌ وبُغضٌ، رجالٌ كفوفهم مخضبةٌ بدم الضحايا، وتحت أقدامهم تتدحرج جماجمُ بشريةٌ وأعناقٌ منحورة وجثاميُن مبتورةُ الأطراف وبحيراتٌ من الدماء تجرى إلى حيث تجرى! كيف هذا؟! لأن الكيان الإرهابى الأمريكى الدموى الوحشى عدو الإسلام، الذى كوّن حروف اسمه: «داعش» من (دولة، إسلامية، عراق، شام)، قرر أن يتخلّص من الاسم «اللعنة»: «داعش»، ثم يتخلص أيضاً من «التنكير اللغوىّ»، بإضافة «ال» التعريف، ليغدو: «الدولة» الإسلامية، بدلاً من الاسم النكرة (دولة)، لكن المضحك، والمؤلم، أنه قرر أيضاً أن «يتفرنج» فيكتب اسمه بالإنجليزية ليس Daesh كما عرفته كل صحف العالم. بل اختار اسماً خرافياً هو Islamic State in Iraq and Sham، ثم تبجح أكثر وعمل لنفسه «اختصاراً» من الحروف الأولى ليغدو ISIS. وهنا تقاطع اسمه الدموى مع اسم جدتنا الجميلة رمز الحياة والرحمة إيزيس Isis. حذّرتُ فى مقالات عديدة من وقوعنا فى فخ تسميتهم ب«الدولة الإسلامية»؛ لأن فى هذا تكريماً لهم وإهانةً للإسلام! واقترحتُ عليهم عدة أسماء بديلة مثل: (ذُبع = ذقونٌ بلا عقول) أو (وبا = وحوش باسم الإسلام) أو (جالش = جنود أمريكا لتدمير الشرق) أو (عمعيص - عرائس ماريونيت عبيطة فى يد صهيون) أو (صالع = صبيان أمريكا لغزو العرب). كنت أمزح بمرارة ظنّاً منى أن «داعش» فقاعة سرعان ما تختفى. أما وقد دخلت فى «التاريخ» واختارت لنفسها اسماً يتقاطع مع حضارة بلادى، فالأمر ما عاد يحتمل الصبر لأن فيه عبثاً بما سوف يبقى! حيث سيظل اسمُ تلك الحثالة القتلة فى محركات البحث مُزاحماً لاسم جدتى الأسطورية الجميلة «إيزيس». هلا تحركنا أيها السادة؟!