ينفث دخان سيجارته فى الهواء، ثم ينظر إليها كمن يحدثها، يعلم أنها تستقطع من راتبه مبلغاً كبيراً، لكنه لا يقوى على فراقها، يدرك أنه ليس وحيداً فى عادته، يشاركه ملايين المصريين «قعدة المزاج» كلٌّ فى مكانه، هذا بكوب شاى وآخر بقهوة، وثالث يمزج الاثنين «الشاى أو القهوة مع السيجارة». مليار و700 مليون جنيه، تكلفة «قعدة المزاج» فى مصر، على مدار الستة أشهر الماضية، لينافس حب المصريين للشاى والقهوة والسيجارة حبهم لبلدهم نفسها وانتماءهم إليها، وهو ما تظهره بيانات مستودع التجارة الخارجية فى وزارة الصناعة، بالمقارنة ببيانات تبرعات المصريين فى صندوق «تحيا مصر» منذ نشأته قبل شهرين والتى بلغت 1٫6 مليار جنيه. المليار و700 مليون جينه التى أنفقها المصريون ستزيد إلى 4 مليارات و400 مليون جنيه حال استمرت معدلات الاستهلاك على حالها حتى نهاية العام الحالى، حسب تقديرات مستودع الخارجية، حيث تكشف البيانات أيضاً عن استيراد مصر «تبغ» بحوالى 464 مليون جنيه خلال النصف الأول من العام الحالى، فى حين بلغت واردات الشاى خلال الفترة ذاتها ما قيمته 1.2 مليار جنيه، مقابل أكثر من 2 مليار جنيه للشاى خلال عام 2013 بأكمله. «ليس مسموحاً بزراعة التبغ فى مصر، ولو حدث فالدولة ستخسر مليارات الجنيهات» حسب تأكيد إبراهيم الإمبابى رئيس شعبة الدخان والسجائر باتحاد الصناعات، مؤكداً أن الشركة الشرقية للدخان، المصنع الأوحد للسجائر فى مصر، تستورد التبغ من الخارج، حيث إن زراعة التبغ فى مصر قد تسبب خسائر للدولة بقيمة 25 مليار جنيه، مؤكداً أن وزارة الزراعة لديها عدد من المقترحات لزراعة التبغ فى دول قريبة من مصر، مثل السودان للمساهمة فى تقليل عنصرى الوقت وتكلفة النقل، مطالباً الحكومة باستشارة شركات الدخان قبل اتخاذ أى قرارات قد تؤدى إلى إرباك السوق خلال الفترة المقبلة.