«مستنبت الشعير»، إحدى الزراعات التى لم تلق اهتماماً كبيراً على الرغم من أهميتها، كعلف حيوانى بديل للبرسيم، ملىء بالبروتين اللازم لبناء الكتل العضلية لدى قطعان الماشية، ما يعود بالنفع على المزارعين، نظراً لقلة تكاليف الإنتاج حيث يمكن زراعتها فى مساحات قليلة دون الحاجة إلى تجهيزات فنية عالية. رئيس «العربي للأمن الغذائي»: لو انتشرت عملية استنبات الشعير وحلت محل البرسيم وتوسعنا في زراعات القمح سنصل للاكتفاء الذاتي الدكتور أشرف عمران، رئيس المجلس العربى للأمن المائى والغذائى، أحد المهتمين بتكنولوجيا الإنتاج الزراعى الحديث، أراد أن يكون له السبق فى مجال إنتاج الشعير الأخضر بطريقة الاستنبات، وهى طريقة مبتكرة لإنتاج العلف الأخضر من بذور الشعير، دون الحاجة إلى تربة زراعية، بنسبة بروتين عالية، تفوق نسبته فى البرسيم. «عمران» قرر أن يسلك طريقاً مختلفاً حتى يصل فى نهاية مطافه إلى حلمه الذى طال انتظاره، والمتمثل فى تحقيق اكتفاء ذاتى من القمح إلى جانب تقليص المساحات المنزرعة بالأعلاف الخضراء، التى تعتمد فى أسلوب زراعتها على الرى بالغمر، ما من شأنه أن يهدر مليارات المكعبات من المياه. طريقة حديثة فى الزراعة يتبعها خبير الزراعة الحديثة، يمكن من خلالها الحصول على مجموع خضرى طازج، فى مساحة صغيرة، بكميات كبيرة تصل إلى أضعاف ما يتم زراعته فى البيئة الخارجية، التى تتطلب وجود تربة يتم غمرها بالمياه، إضافة إلى أن المجموع الجذرى ينمو دون استعمال وسط لنمو البذور، ما يمكن من زراعته فى الغرف المغلقة. يروى «عمران» الأسباب التى دفعته إلى تلك الفكرة، ويقول إنه رأى أن إهدار المياه سيؤثر بشكل كبير على مصر فى القريب العاجل، ومن ثم دفعه هذا الشعور إلى محاولة تطبيق ما قام بتنفيذه فى إندونيسيا بالتعاون مع حكومة سنغافورة فى مصر، حتى يتسنى له الحد من هدر المياه وزيادة إنتاج اللحوم التى تحتوى على البروتين، أحد عناصر الأمن الغذائى الهامة: «كمية البروتين التى يتناولها المواطن المصرى 15 جراماً يومياً، بانخفاض يصل إلى 55 جراماً عن النسب العالمية، حاولت أوصل بالنسبة دى ل24 جرام كمرحلة أولى، ومن هنا كان لازم أدور على زراعة جديدة تكون علف للحيوان، وبالتالى أقدر أربى حيوانات أكتر بسعر أقل للكيلو، وكان فى الشعير المستنبت كل ده، وبكده أبقى حافظت على المياه، وكمان زودت نصيب الفرد من البروتين بدون هدر للمياه، وده كان سبب فى فكرة الاستنبات المعتمد فى أسلوب زراعته على الرش وليس الغمر». يصف الدكتور أشرف عمران الشعير المستنبت بأنه مجموع خضرى ذو لون أخضر خال من الاصفرار، ومجموع جذرى أبيض اللون خال من الإصابات المرضية، كما أنه يخلو أيضاً من الفطريات والبكتيريا التى تسبب ضرراً أو تسمماً للحيوان، يمكن أن يخزن فى غرفة داخل المزرعة تحوى إضاءة وتهوية جيدة، بالإضافة إلى ضرورة إمكانية التحكم فى الحرارة داخلها حتى لا تتجاوز 24 درجة مئوية، ما يؤثر بدوره على الإنتاج والنمو، ويشير الخبير الزراعى إلى أنه تم تسويق الشعير المستنبت على أنه الحل الأمثل لمواجهة التصحر إلا أنه يحتاج إلى استثمارات عالية وخبرة فنية متخصصة حتى تتمكن من التعامل بشكل احترافى مع المحصول. ويعرف مصطفى مرزوق، مهندس زراعى، الشعير المستنبت ويقول: «شعير يتم زراعة بذوره على المخلفات النباتية سواء كان تبن قمح أو شعير أو أى مخلفات نباتية أخرى، مع الاستغناء التام عن التربة»، يرى «مرزوق» أن فكرة استنبات الشعير تعد أحد الحلول العملية والعلمية لمواجهة نقص المياه، إلى جانب كونها أيضاً حلاً مثالياً للتخلص من مخلفات النباتات، التى تسبب أزمات مستمرة لدى المزارعين كل عام: «مش محتاج مساحات كبيرة لأن التوسع بيكون رأسى من خلال عمل عدة أرفف فوق بعض 4 أو 5 حسب الارتفاع، ده غير إنه كاره للمياه ويتم ريه بالرش، من 2 إلى 3 مرات». يمسك بطرف الحديث سيد مدنى محمود، رئيس قسم إرشاد زراعى، ويقول: «الشعير المستنبت على التبن تمتاز المادة العلفية الناتجة منه بزيادة وزنها عدة أضعاف، ونسبة الألياف بها تصل إلى 25٪ وارتفاع كميات المركبات الغذائية المهضومة للعلف الناتج تصل إلى 30٪ عن المادة الأصلية». وعن طريقة استنبات الشعير يقول «مدنى» إنه لا بد من نقع حبوب الشعير فى المياه لمدة 12 ساعة، حتى تنتفخ تلك الحبوب، ثم تأتى مرحلة تصفية المياه منها، وكمرها فى قطعة من القماش المبلل، وتوضع فى مكان دافئ لمدة 36 ساعة حتى تبدأ فى الإنبات: «كمية التقاوى لكل صينية 750 إلى 900 جرام فى حالة استخدام صوانٍ مقاس 30 × 60 سم، يمكن استخدام أى تبن متاح وينقع لمدة 8 ساعات ثم يرفع من الماء ويصفى، بعدها يوضع التبن فى الصوانى ويكبس باليد، ويتم فرد حبوب الشعير فى الصوانى المجهزة ويتم تغطية الحبوب بطبقة خفيفة من التبن، وبعد ذلك يتم رش الصوانى بعد الزراعة بالماء حتى التشبع بالماء، ويتم الرى مرتين أو ثلاث مرات يومياً».