دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، الذى أنهى شهرا من القتال، يومه الثانى وسط مفاوضات فى القاهرة حول هدنة طويلة الأمد، ويوجد وفدان من الجانبين فى القاهرة منذ أمس الأول، حيث يخطط الوسطاء المصريون للتنقل بينهما فى محاولة للتوصل إلى اتفاق، وظهرت بعض التفاصيل حول نقاط «حماس» التفاوضية من بينها تمويل دولى لإعادة إعمار غزة، تشرف عليه حكومة التوافق الوطنى الفلسطينية التى يقودها الرئيس محمود عباس. وفى غزة، استغل المواطنون التهدئة فى العودة إلى منازلهم المدمرة لتفقد الأضرار التى لحقت بها. وذكر راديو «صوت إسرائيل» أمس بأن المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر للشئون الأمنية والسياسية بحث خلال جلسة مطولة أمس الأول، الاتصالات الجارية مع مصر حول وقف إطلاق النار فى قطاع غزة. وفى المقابل، أكدت حركة «حماس» رفضها مجرد الاستماع لطرح «نزع سلاح المقاومة» فى قطاع غزة، الأمر الذى تطالب به إسرائيل كشرط لتهدئة دائمة فى القطاع، وقال إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إن «ما عجز الاحتلال عن تحقيقه فى الميدان لا يمكن أن يحصل عليه فى ميدان السياسة». وفى سياق متصل، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، إن الوفد الإسرائيلى الذى وصل إلى «القاهرة» أمس الأول، سلم المسئولين المصريين ورقة مواقف إزاء اتفاق وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة، موضحة أن الوفد الإسرائيلى يتشكل من 3 مسئولين هم المبعوث الخاص لرئيس الحكومة يتسحاك مولوخو ورئيس الشاباك يرام كوهين ورئيس القسم الأمنى السياسى فى وزارة الأمن عاموس جلعاد. وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مصادر فلسطينية، أن لا علم للوفد الفلسطينى بتفاصيل ورقة الموقف الإسرائيلى إزاء وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن مصر اعترضت على انضمام نائب رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس إسماعيل هنية للوفد. فيما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مصر تسعى إلى تمديد وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلى وحركة «حماس»، الذى بدأ أمس الأول، ليومين إضافيين ليصل إلى 120 ساعة بدلاً من 72 ساعة. من جانبها، قالت الخارجية الأمريكية إن المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط فرانك ليفنستون فى طريقه ل«القاهرة»، للمشاركة فى محادثات وقف إطلاق النار. كما أشار موقع «والا» الإخبارى الإسرائيلى أن مصر أبلغت الوفد الفلسطينى والقيادات الحمساوية الذين وصلوا إلى القاهرة، أن فتح معبر رفح وإقامة ميناء بحرى وإعادة تأهيل المطار وتشغيله ليس مطروحاً على مائدة المفاوضات، فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلاً عن مصادر فلسطينية، إن مصر التزمت أمام الوفد الفلسطينى بفتح المعبر فى حالة توقيع الاتفاق على وقف إطلاق النار، شريطة أن تكون الرئاسة الفلسطينية هى المسئولة عن إدارة المعبر. وعلى صعيد آخر، تداول الأردن قراراً للأمم المتحدة يطالب بوقف إطلاق نار دائم فى غزة ويدين «كافة أشكال العنف والاعتداءات ضد المدنيين»، وقالت سفيرة الأردن الجديدة لدى الأممالمتحدة دينا قعوار، إنه تم تسليم مشروع القرار إلى مجلس الأمن أمس الأول فى صيغة تمكن من التصويت عليه. ويدعو مشروع القرار إلى «إعادة فتح المعابر بصورة دائمة» إلى غزة، كما يطالب الأممالمتحدة بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وعلى الصعيد الميدانى الداخلى، قرر الجيش الإسرائيلى نشر مجموعات خاصة للتدخل السريع على امتداد حدود غزة، إلى حين التوصل إلى اتفاق بتثبيت التهدئة ليتسنى لها التحرك سريعاً حال اقتضت الظروف التوغل الميدانى فى القطاع أو عند اكتشاف نفق هجومى جديد، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلى نشر معطيات إجمالية حول عملية «الجرف الصامد» فى قطاع غزة أن حوالى نصف القتلى الفلسطينيين وعددهم 1875 كانوا ممن سماهم العناصر التخريبية، على حد زعمه، وأشار الجيش إلى أنه تم خلال العملية قصف أكثر من أربعة آلاف وسبعمائة هدف فى القطاع، فيما أطلق باتجاه الأراضى الإسرائيلية أكثر من 3300 قذيفة صاروخية وقذيفة «هاون»، وتم اعتراض 580 قذيفة منها، فى حين تم خلال العملية تفجير 32 نفقاً إرهابياً. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أمس الأول أنه تم فى الضفة الغربيةالمحتلة اعتقال من يُعتبر مسئولاً عن خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين فى يونيو الماضى، وقالت الشرطة فى بيان «قبل شهر اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية فى مخيم الشعفاط حسام القواسمة الذى يشتبه بأنه قاد المجموعة التى خطفت وقتلت الشبان الثلاثة»، وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حسام القواسمة اعترف خلال اعتقاله أنه تلقى دعماً مالياً من حركة «حماس» فى غزة لتجنيد وتسليح مجموعة قامت بخطف الشبان وقتلهم، وأوضحت الشرطة الإسرائيلية أن إسرائيل لا تزال تلاحق الفلسطينيين مروان القواسمة وعامر أبوعيشة اللذين يعتبرهما جهاز الأمن الداخلى المشتبه بهما الرئيسيين فى هذه القضية. كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الأول أن حصيلة ضحايا العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ نحو شهر بلغت 1875 قتيلاً بعد انتشال عدد من الجثث أمس. وعلى صعيد آخر، اعتبرت غالبية من الإسرائيليين أن «لا أحد انتصر فى الحرب بين الدولة الإسرائيلية وحركة حماس إثر التهدئة لمدة 72 ساعة التى دخلت حيز التنفيذ أمس الأول»، بحسب استطلاع للرأى نُشرت نتائجه أمس. ورداً على سؤال «إثر وقف إطلاق النار، كيف تقيّمون فى هذه المرحلة نتائج عملية الجرف الصامد»، قال 51% من الإسرائيليين إن أياً من الطرفين إسرائيل وحماس لم ينتصر فى الحرب، فى المقابل، رأى 36% من الإسرائيليين أن إسرائيل انتصرت، فيما اعتبر 6% أن «حماس» انتصرت، ولم يعط الباقون أى رأى. وأشار الاستطلاع أيضاً إلى أن 56% من الإسرائيليين يعتبرون أن الأهداف التى حددتها الحكومة للعملية - تدمير الأنفاق بين قطاع غزة والأراضى الإسرائيلية وتوجيه ضربات ل«حماس»- لم تتحقق إلا «بشكل جزئى»، كما رأى 77% من الإسرائيليين أن طريقة إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للعملية كانت «ممتازة» أو «جيدة». وحث وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إسرائيل والفلسطينيين على الاستفادة من الهدنة فى قطاع غزة للتحرك نحو مفاوضات جادة على نطاق أوسع، وقال «كيرى» فى تصريحات خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية (بى.بى.سى) أمس، إن الوضع القائم فى قطاع غزة يظهر ضرورة التفاوض حول حل الدولتين.