«أنا اللى هأغلبك.. لا أنا اللى هأغلبك انت.. هيه هيه».. أصوات تختلط بين الضحكات البريئة المدوية والكلمات المبهجة، فرغم بساطة المكان فإنه يترك على وجه كل مرتاديه البسمة، فإذا سألت أى طفل منهم عن أمنيته فى الحياة يجيبك: «نفسى أفضل هنا على طول.. ألعب مع أصحابى فى الملاهى». ملاهى السلام فى عزبة النخل، حلم كان يراود «عم محمد جلال» وأشقاءه الثلاثة منذ السنوات طويلة، حتى بات الحلم حقيقة، عندما تمكن عم محمد من تأجير قطعة أرض صغيرة وتزويدها ببعض الألعاب البسيطة التى لم تزد عن لعبتين وقتها هما المراجيح اليدوية و«الزحلوقة». الآن، وبعد مرور خمس سنوات وعلى مساحة مائة وخمسين مترا، استطاعت ملاهى السلام أن تضم بين طياتها تسع ألعاب هى «السيارات الطائشة، والسلاسل، والفنجان، والساقية، والطائرات، والفيل، وبيت الكوَر، والمركب، وأخيرا الشلال». ربما ينتابك إحساس بالعطش والجوع نتيجة كثرة اللعب، فتجد حولك ما يروى ظمأك أو يمنحك بعض الطاقة مثل «جيلاتى الزعيم» الشبيه بآيس كريم ماكدونالدز، و«غريب لغزل البنات»، و«فيشار العمدة»، وهؤلاء الباعة لا يتبعون الملاهى، فلا مانع لدى عم محمد من أن يسترزق ويدع غيره يسترزقون. «لكن الحلو ما يكملش». فأكثر المشكلات التى تؤرق عم محمد هو انتشار بعض البلطجية، مما جعله يقرر إغلاق الكافتيريا بعد هروب الكثير من زبائن الملاهى. ورغم أن ملاهى السلام تقع فى منطقة شعبية فإن ذلك لا يمنع من تردد جميع الفئات عليها. مصطفى محمد، الذى لم يتجاوز عمره سبع سنوات، تصحبه أسرته الميسورة إلى الملاهى يوم الخميس عقب الانتهاء من يومه الدراسى، فوالد مصطفى الذى يملك عقارا شاهقا ولديه الإمكانيات المادية لأخذ أسرته فى عطلة إلى الملاهى، حيث الألعاب الصاروخية، يفضل ملاهى عزبة النخل لقربها من منزله، خاصة أن الملاهى الكبرى تحتاج إلى يوم عطلة كامل. أما أبانوب رومانى الذى لم يتعد عمره عشر سنوات فينتظر نهاية الأسبوع، خاصة يوم الجمعة، ليُخرج من حصّالته كل ما ادخره من مصروفه اليومى للذهاب إلى الملاهى برفقة أصدقائه، فاللعب مع أصدقائه متعته الوحيدة فى الحياة، وملاهى عزبة النخل التى يتراوح سعر تذكرة دخولها بين جنيه وثلاثة جنيهات، تعوضه عن مرارة انتظار الأعياد للذهاب إلى الملاهى.