يتغير العالم من حوله وتتبدل الأماكن والأشكال ويبقى محافظاً على مكانه منذ ما يزيد على أربعين عاماً وسط النحاس والزجاج والصاج أمام النار ليتحول المكان من حوله إلى كرنفال احتفالى استعداداً لحلول شهر رمضان. «أحمد السنى» أو كما يناديه سكان وزائرو منطقة تحت الربع بباب الخلق ب«عم السنى» صانع الفوانيس، يحكى الرجل الستينى رحلة حياته التى طبعت ذكرياتها على كل فانوس يخرج من تحت يديه، بداية من الفوانيس «الفينار» الصغيرة التى كان يصنعها والده وحتى «الفانوس السيسى». تتجول يد الرجل الستينى بخفة بين قطع الصاج والزجاج متناولاً كاوية لحام ما بين الحين والآخر، محتضناً هيكلاً لفانوس وكأنه طفله الصغير قائلاً: «أقل غلطة ممكن تؤذى الفانوس فلازم أخاف عليه، الفانوس المصرى أصيل ماتغيرش الخامات اللى استخدمها أبويا هى اللى أنا بستخدمها، مفيش حاجة اتغيرت غير الموديلات كل سنة بتختلف عن السنة اللى قبلها السنة دى عملت الفانوس السيسى، فكرته جاتلى بعد الانتخابات الناس كلها بتطلبه وسعره على قد الإيد وعليه إقبال أكتر من الفانوس التقليدى اللى بنصدره لكل دول العالم العربى والإسلامى، خاصة السعودية أكتر دولة بتطلب الفانوس المصرى ده غير الأردن وعمان وسوريا، أما الفانوس الصينى بيضحكوا بيه على الأطفال زى الأكل البايت، ده غير إنه غالى ومش أصيل زى أبوشمعة». الشىء الوحيد الذى جعل «السنى» مستمراً فى صنعة والده هو الفرحة التى يراها فى عيون الأطفال: «بكون فرحان ومبسوط لما بشوف الفرحة فى عين طفل صغير شايل الفانوس وبيضحك، مقدرش أنسى منظر طفل كان ماشى مع أبوه وفجأة وقف قصادى يتفرج على الفوانيس المتعلقة وشاور على فانوس وهو بيضحك، لكن أبوه كان واضح عليه إنه رجل غلبان على باب الله قام بص للفانوس اللى شاور عليه ابنه وسأل على سعره وقال ربنا يسهل هبقى آجى بعدين آخده لما يكون معايا فلوس، وأخد ابنه ومشى الطفل بكى، قمت بسرعة ناديت عليه وأخدت الولد من إيده وقلت له اختار الفانوس اللى إنت عاوزه، الطفل كان فرحان كأنه طال السما بإيده وأبوه قعد يدعى لى بالستر، ودى عندى بالدنيا، لأن المال مش كل حاجة أهم شىء الرضا، واللى يقول إن الخير قلّ إنسان جاحد».