بقدر ما كانت واقعة التحرش بالميدان صادمة للرأى العام بقدر ما يمكن استخلاص نتائج وحلول لهذه الظواهر المقيتة التى استشرت فى المجتمع المصرى -بكل أسف- بسبب عوامل عدة، وربما أهمها هو «عدم وجود رادع قوى» تجاه من يقدم على مثل هذه الأعمال «البربرية» التى فاقت كل الحدود وتجاوزت حد المعقول. ومع اختلاف الآراء والتفسيرات لما حدث سواء كان «مدبراً» أم «غير مدبر»، فإن ظاهرة التحرش بمصر حاضرة وبقوة وليست وليدة اليوم وإنما ظاهرة قديمة تزداد حدتها تدريجياً وتهدد المجتمع، وبالتالى فنحن فى حاجة ماسة لوضع منظومة من الحلول تشمل المستويات الاقتصادية والتربوية والتعليمية والدينية لحلها، مع السير جنباً إلى جنب مع تغليظ عقوبة وردع من تسول له نفسه الإقدام عليها، فبموجب القانون الجديد الذى أصدره المستشار عدلى منصور الرئيس السابق، فإن مرتكبى التحرش يواجهون أحكاماً بالسجن تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات، على أن يحكم بالمدد الأطول على أولئك الذين يرتكبون جرائمهم من خلال ممارسة أى نوع من أنواع الضغط على الضحية باستخدام القوة، سواء وظيفياً أو فعلياً، إذ ينص على أنه إذا كان مرتكب جريمة التحرش «له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس أى نوع من أنواع الضغط كالإكراه أو الابتزاز أو اُرتكبت الجريمة من شخصين فأكثر فإن العقوبة تزيد لتصل إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين وتتدرج حتى تصل إلى خمس سنوات بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه»! ولكن هل تعد هذه العقوبات رادعة بالقدر الكافى؟! لا أعتقد! فقد تعالت الأصوات داخل المجتمع هذه الأيام بتغليظ عقوبة «المتحرش» لتتساوى مع عقوبة «المغتصب» على أن تكون فى الحالتين «الإعدام»، مما يتطلب استصدار قرارات سيادية أخرى حفاظاً على كرامة وشرف الأسرة بل المجتمع المصرى بأكمله، بينما يحاول العابثون والمجرمون النيل منهم، فإذا ما كانت العقوبة مغلظة فهذا يعنى أن كل متحرش سوف يفكر مائة مرة قبل الإقدام على مثل هذه الجرائم والأفعال المشينة، وإن فعلها فهو آنذاك قطعاً يستحق عقوبة الإعدام. ومع تغليظ العقوبة علينا أيضاً ألا ننسى أن يقوم كل بدوره، سواء كانت مؤسسات أم أسراً أم أفراداً، مع ضرورة أن يكف الإعلام عن بث السموم التى يبثها داخل البيوت المصرية، التى تؤثر على شبابنا تأثيراً كبيراً، خاصة أن الغالبية العظمى منهم يمرون بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بل طاحنة، وعلى رأسها البطالة فى وقت يتابعون فيه إعلاماً ودراما لا يكتفيان بعدم تناغمهما مع الغالبية الساحقة من الشعب، بل إنهما يعملان أيضاً على النفخ فى النار، سواء عن قصد أو عن غير قصد، مما يؤدى بمجتمعنا للانهيار الأخلاقى التدريجى، ولكنى ومع هذا لم أفقد الأمل فى احتواء هذه الظاهرة، نظراً لاهتمام الدولة بمعالجتها وإن كنت وسوف أظل أؤكد على أن «الإعدام للمتحرش».