■ بات فى حكم المؤكد فوز المشير السيسى فى انتخابات الرئاسة لينصَّب رسمياً رئيساً لمصر.. ولما كان الحكم مسئولية جسيمة أمام الله أولاً ثم أمام شعبه وأمته والتاريخ كله ثانياً.. رأيت أن أوجه رسالة مفتوحة إلى المشير السيسى الذى سيقود مصر فى أحرج وأدق لحظاتها التاريخية وأصعبها وأشقها.. وأرجو الله أن يوفقه لقيادة سفينة مصر إلى بر الأمان.. وتجنيبها المزالق التى تحوطها وتكتنف مسيرتها.. فصلاح الحاكم يصلح رعيته والعكس صحيح.. والحاكم كالقلب فإن صلح صلح سائر الجسد، وإن فشل أو فسد ضاع الجسد كله. ■ وحتى أكون محدداً فى رسالتى سأجعلها فى نقاط محددة حتى يمكن الاستفادة منها: ■ أولاً رجال حول الرئيس: ■ اخترت أن تكون هذه النقطة بداية لرسالتى للرئيس السيسى ليحسن اختيار مساعديه ومعاونيه.. فهم عنوانه لدى الناس.. وهم الذين سيصلونه بشعبه وسيصلون شعبه به.. فالحاكم لا يرى إلا من خلال رجاله.. ولا يقرر إلا من خلال تقاريرهم وآرائهم.. ولا يعدل أو يظلم إلا من خلالهم.. وهؤلاء يسمون فى الشريعة البطانة.. وقد تنبأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأهمية البطانة والتدقيق فى اختيارهم واصطفائهم حيث قال: «ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة (أى حاكم) إلا كانت له بطانتان؛ بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه.. والمعصوم من عصم الله»، رواه البخارى. ■ والناس الآن فى مصر معروفون بالاسم والرسم.. الوطنى والنظيف معروف.. والحرامى معروف.. والصادق أو الكاذب والانتهازى والأنانى معروفون.. ولا حجة اليوم لأى حاكم أن يسىء اختيار مساعديه ومعاونيه.. خاصة أن الرئيس السيسى ترأس أجهزة أمنية عديدة «تعلم دبة النملة فى مصر»، كما يقول العوام. ■ وعليه ألا يجامل أحداً.. فمجاملة «عبدالناصر» لصديقه «عامر» وترقيته استثنائياً من رائد للواء فمشير ليقود جيش مصر إلى الهزيمة مرتين فى 1956 و1967 بنفس الطريقة.. ثم يضطر «ناصر» إلى قتل صديقه بالسم بعد كارثة 5 يونيو.. هذه المجاملة كلفت «عبدالناصر» و«عامر» ومصر الكثير. ■ كما أن مجاملة «مبارك» لزوجته وأولاده وآخرين وتسليمهم مقاليد الحكم أدى إلى تدمير مصر، ثم الإطاحة به. ■ أما الملك فاروق فلم يضيعه سوى رئيس الديوان الملكى. ■ إن الشعب المصرى ينتظر على أحر من الجمر رؤية الرجال حول الرئيس الجديد.. وهذا الاختيار إما أن يضيف إلى رصيد «السيسى» لديهم، وإما أن يخصم منه فيكون بداية لليأس والقنوط. ■ إن الشعب المصرى لم يعانِ طوال تاريخه من الحكام وحدهم.. ولكنه عانى من أعوانهم الذين كانوا دوماً أقسى وأظلم منه. ■ يا سيدى الرئيس أعوانك عنوانك.. أعوانك مرآتك.. وأعوانك هم صلتك مع شعبك.. فأحسن اختيارهم وأنت أدرى بهم جميعاً.. فلا تتهاون فى ذلك أبداً. ■ فلا تقل يا سيدى هذا يشرب الخمر «بسيطة».. أو هذا له علاقات نسائية محرمة «هذا لا علاقة له بالسياسة».. أو هذا حرامى متوسط «إنه مبلغ بسيط الذى سرقه».. أو.. أو.. ■ لا تستهن بهذا كله.. وإياك والمجاملة على حساب مصر أو على حساب مؤسسة الرئاسة.. فهى قمة المؤسسات، والخطأ الصغير منها سيتحول إلى كارثة إذا وصل متضخماً إلى أصغر المؤسسات. ■ ثانياً: إقامة العدل بين الناس: ■ العدل يا سيدى الرئيس أساس الملك.. وعليه قامت السماوات والأرض.. ولأجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل.. وأقام الموازين يوم القيامة.. والعدل يا سيدى الرئيس ضائع فى بلادنا.. لا يعرف الفقير واليتيم الضعيف إليه سبيلاً.. فلا يدرك هؤلاء حقوقهم ما داموا لا يملكون مالاً للرشوة.. أو واسطة يصلون بها إلى حقوقهم. ■ نريد أن يُطبق العدل على الجميع.. ويُنفذ القانون على الجميع دون استثناء.. فميزان العدالة أعمى لا يميز الغنى من الفقير ولا صاحب السلطة من الإنسان البسيط.. وأكثر الوزارات رشوة وفساداً ومجاملة هى الوزارات التى تحتك بالجماهير ومصالحهم. ■ لقد نخر الفساد فى مؤسسات الدولة المصرية، فهى تتعامل مع المواطن المصرى طالب الخدمة كالأجرب وكالعبد الآبق.. لا تعطيه أى خدمة إلا بعد أن تذله وتهينه وتستلب ماله وتضيّع وقته. ■ ثالثاً: إجراء مصالحة وطنية شاملة تصهر كل التيارات السياسية المصرية فى بوتقة الوطن، وتذيبهم جميعاً فى منظومة خدمته.. فليس من المعقول ولا المقبول أن يكون فى مصر دائماً فصيل فى الحكم والآخر فى السجن. ■ فهل نحن حقاً أمة الإقصاء؟.. وكلما حكمت أمة لعنت أختها وسجنتها وجعلتها خلف الشمس.. فعليك يا سيدى الرئيس مسئولية كبيرة فى جمع شمل هذه الأمة المصرية الممزقة. ■ ولا يُعقل أن يكون التيار الإسلامى مكانه السجون والمعتقلات دوماً أو الصراع بينه وبين دولته.. فلا بد من دمج هذا التيار بفصائله المختلفة فى خدمة الوطن لا الحاكم.. وأن تصل إلى حلول مرضية وعادلة ومتسامحة فى الوقت نفسه مع هذا التيار. ■ وعليك يا سيدى بإشراك الجميع بحسب كفاءته دون إقصاء لأحد أو مجاملته. ■ رابعاً: القبض على كل البلطجية فى مصر كلها فى العام الأول من حكمكم. ■ خامساً: الإفراج عن طلاب الثانوى والجامعة وكبار السن الذين لم يدانوا فى أعمال عنف أو تفجيرات. ■ سادساً: جمع كل الأسلحة الثقيلة والخفيفة من مصر كلها، خاصة المناطق الحدودية والصعيد، خلال العام الأول من حكمكم.. وإلا ستتواصل مسيرة قابيل وهابيل بين المصريين والتى وصلت إلى أبشع معدلاتها. ■ سابعاً: إعادة فتح كل المصانع المغلقة فى خلال 6 أشهر، وإنشاء ألف مصنع كبير كل عام من حكمكم.