قوات الدفاع الشعبي والعسكري تواصل تنفيذ أنشطة دعم المجتمع المدني.. صور    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    رئيس الوزراء يتفقد مشروعي «رووتس» و«سكاي للموانيء»    النائبة عايدة نصيف: مشروع «الإيجار القديم» يهدد السلم الاجتماعي ويتعارض مع بعض المبادئ الدستورية    محافظ الجيزة: استلام 66 ألف طن قمح محلي بمراكز التوريد والتخزين    متحفا الحضارة والمصرى يشاركان للمرة الأولى فى مؤتمر التراخيص الآسيوى الدولى بهونج كونج    مصر تجدد رفض استخدام إسرائيل «سلاح التجويع» ضد سكان غزة    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ضبط سائق يطلق أعيرة رش من بندقية ضغط هواء تجاه الكلاب بالقاهرة    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    خلال شهر.. تحرير 2054 محضرا خلال حملات تموينية بسوهاج    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة التحكيم    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    4 أركان و7 واجبات.. كل ما تريد معرفته عن سنن الحج    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    الدستورية العليا: إجراءات تأديب القضاة ليست اتهامًا ولا تعوق المحاكمة    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    الآن.. جدول امتحانات الشهادة الإبتدائية الأزهرية 2025 آخر العام    أسعار البلح السيوي بمحلات وأسواق مطروح اليوم السبت 10- 5-2025.. تبدأ من 25 جنيها    الإحصاء :معدل التضخم الشهري 1.3% لشهر إبريل 2025    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    «المشاط»: اللجنة المصرية السويسرية منصة لدفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين    في احتفالية يوم الطبيب المصري.. تكريم 31 طبيبًا وطبيبة من الأطباء المثاليين    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    المتحف المصري بالتحرير ومتحف الحضارة يشاركان في مؤتمر التراخيص الآسيوي    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    بعد صراع مع المرض .. وفاة زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي والجنازة بعد ظهر اليوم    فيلم سيكو سيكو يقترب من حصد 166 مليون جنيه إيرادات    إيطاليا تطالب إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    زلزال بقوة 5.3 درجة يهز عدة مناطق في باكستان (تفاصيل)    عاجل - لماذا استدعى العراق قواته من بكستان؟    القناة 12 العبرية: شركة ITA الإيطالية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 19 مايو    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    رئيس الوزراء يتفقد مشروعي «رووتس» و«سكاي للموانيء» بمنطقة شرق بورسعيد    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    «رئيس الرعاية الصحية»: منصة وطنية للتشخيص عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعي قريبا    صرف مكافأة استثنائية للعاملين بمستشفيات جامعة القاهرة    بخطوات سهلة واقتصادية.. طريقة تحضير الناجتس    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    بعد إطلاق عملية «البنيان المرصوص».. آخر تطورات الأوضاع بين الهند وباكستان (تفاصيل)    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    الصحة: تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير الخدمات    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    السيطرة على حريق داخل عصارة عسل أسود بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا بطانة الرئيس: أليس منكم رجل رشيد؟- المستشار محمود الخضيرى- صحيفة المصري اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 27 - 01 - 2010

حديث الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» الذى يقول فيه (ما من حاكم إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالسوء وتحضه عليه والعاصم من عصم الله) ينطبق على كل الحكام منذ أن وجد نظام الحكم حتى الآن وينطبق على كل حاكم حتى من غير حكام المسلمين لأنه يتكلم عن طبيعة بشرية بغض النظر عن معتقداتها الدينية، ومن باب أولى فإنه ينطبق عندنا فى العالم العربى،

وإذا نظرنا فى أحوالنا وما يحدث لنا فى مصر نشعر بكل تأكيد أن بطانة الرئيس لا تخلص له النصح ويشيعون عنه أنه عنيد لا يعدل عن رأى ولا عن تصرف قام به وهم بذلك يسيئون إليه أبلغ إساءة، لأن من لا يعدل عن رأى اكتشف أنه خطأ أو يعتذر عن تصرف تبين له خطؤه إنسان غير طبيعى يمكن أن يورد نفسه مورد التهلكة حتى فى حياته الخاصة فما بالك بأن يكون حاكما مسؤولا عن ملايين البشر،

والحقيقة أن ما حدث فى أمر قانون الضريبة العقارية يدل على أن هذه الشائعة لا أساس لها من الصحة فما إن كثر الحديث واللغط والنقد لهذا القانون حتى سارع الرئيس بإعلان أن هذا القانون يحتاج إلى تعديل، وهذا أمر فى حد ذاته جيد ولكن يظهر أعوان الرئيس وبطانته والمحيطين به وأصحاب القرار فى مصر بمظهر سيئ يدل على عدم الإخلاص للرجل وللبلد بصفة عامة وعدم التروى ودراسة الأمور بشكل جيد قبل اتخاذ القرار،

وحتى طريقة إعلان الرئيس عن إعادة النظر فى القانون لم تكن دقيقة لأن ما أعلن عن لسانه من أن القانون لم يصبح نهائياً بعد، هو أمر غير صحيح من الناحية القانونية لأن القانون أخذ دورته التشريعية وقدم للرئيس الذى أصدره وبدأ فى وضعه موضع التنفيذ وبالتالى فإن القول بأنه لم يصبح نهائيا بعد هو قول غير صحيح ما كان يجب أن يرد على لسان الرئيس وهذا بالطبع ليس خطأه بل خطأ المحيطين به من رجال القانون الذين يعلمون التعبير الصحيح الذى يجب أن يلتزم به الرئيس، والتعبير الخاطئ الذى يجب أن يتجنبه،
واحتياج قانون فى هذا الحجم إلى تعديل فور وضعه موضع التنفيذ أمر يدل على أن المؤسسات التى قامت بوضعه والمجلس الذى أقره كل منهما لم يقم بدوره على الوجه الأكمل، ولو أن كل جهة منوط بها إجراء اتخذته بدقة وأمانة لما احتاج هذا القانون لهذا التعديل السريع الذى بلا شك يسىء إلى واضعه، والخوف من أن يتم هذا التعديل بذات السرعة التى تم بها إصدار القانون منذ البداية فتكون المصيبة أكبر.
ما حدث مع قافلة الإغاثة الثالثة للشعب الفلسطينى فى غزة من معوقات وعراقيل ومتاعب شوه صورة مصر فى العالم الخارجى بصورة لم يسبق لها مثيل ثم جاء بناء مصر للجدار العازل بينها وبين الأخوة فى غزه من أجل هدم الأنفاق التى تستعمل لتخفيف حدة الحصار ليزيد الصورة تشويها والأمر سوءا، تشعر بذلك جيدا وتحس بمرارته عندما تتواجد خارج مصر،

ولقد شعرت به بشكل مخيف ومزعج عندما كنت فى لبنان الأسبوع الماضى لحضور المنتدى العالمى لنصرة المقاومة حيث كان الشعور معبأ ضد مصر بصورة جعلت جميع المصريين الحاضرين بالمنتدى يشعرون بالأسى من موقف الحكومة المصرية من المقاومة فى غزة ولبنان، ولا يستطيعون الإجابة عن تساؤلات الناس عن سبب كره مصر ومحاربتها للمقاومة فى البلدين: غزة ولبنان،

وهو الأمر الذى كان لافتا للنظر ومحل تساؤلات من الجميع وأساء إلى مصر أبلغ إساءة، ولو أن بطانة الرئيس وأعوانه كانت تحبه حقا وتحرص على مصر وسمعتها لأقنعته بأن هذه الأمور تشوه صورته وصورة مصر ولا تحقق لها فائدة بل تضرها سياسيا واقتصاديا حتى وإن كانت ترضى أمريكا وإسرائيل اللتين تحرص على رضائهما.

لا يوجد حاكم فى الدنيا حتى فى البلاد الصغيرة يستطيع أن ينفرد بالقرار خاصة فى هذه الأيام التى تشعبت فيها الأمور وكثرت ويصعب على أى إنسان مهما أوتى من علم ومعرفة وعقلية جبارة الإحاطة بها.
ونحن نرى الرئيس الأمريكى يعين مستشارين له من كل لون وجنس وهو لم يعينهم إلا لكى يستعين بهم فى الأمور التى لا يستطيع أن يقطع برأى فيها إلا بعد مشورتهم، ولم يعينهم ديكورا أو لكى يفعل فى النهاية ما يحلو له لأن سلامة القرار الذى يتخذه تعود إليه فى النهاية رغم أنه فى الغالب قد لا يكون هذا رأيه الشخصى فى الأمر بل هو رأى مستشاريه الذين نصحوه بما رأوا أنه صواب له وللشعب الذى يحكمه، وهو فى النهاية يصب فى صالحه حيث يثبت حكمه ويمكنه من البقاء فيه المدة التى يسمح بها الدستور دون الحاجة إلى تزوير وتلاعب فى الانتخابات.
لفت نظرى فى حديث الدكتور مصطفى الفقى الأخير قوله بأن الرئيس لم يطلب تعديل المادة 76 من الدستور على النحو الذى هى عليه الآن، ولكن المحيطين بالرئيس تطلعوا لما يمكن أن يرضيه وهذه هى البطانة التى يسعى أى حاكم لأن يجدها إلى جواره،
والتى تسعى إلى معرفة واستشراف ما يدور فى ذهن الحاكم وتشتاق إليه نفسه دون أن يصرح به لسانه منعا للحرج الذى يمكن أن يسببه له هذا التصريح، وبطانة السوء تعمل على تحقيق ذلك حتى وإن كان فى حقيقته يضر الحاكم والشعب الذى يحكمه، فكل ما يرغبون فيه هو أن يرضى عليهم الحاكم ولو مؤقتا حتى ينكشف فساد ما أشاروا به عليه وعندها إما الاعتذار أو الأسف أو محاولة إلقاء المسؤولية على الغير،
أما بطانة الخير التى تسعى إلى صالح الحاكم والبلد فإنها حتى عندما تعرف برغبة الحاكم فى أمر ترى أنه فى النهاية ليس فى مصلحة الشعب ويضر بسمعة الرئيس، فإنها تسارع إلى تقديم المشورة إليه بعدم فعل الأمر الذى يرغب فيه، وتصر على ذلك حتى وإن أدى ذلك إلى تركها موقعها إلى جوار الرئيس حتى لا تتحمل مسؤولية أمر لا ترضى عنه.
الرئيس بالطبع لا يعرف الصياغة القانونية ولا يعرف الأمور التى يجب أن يتضمنها الدستور واختلافها عن الأمور التى مكانها القوانين العادية، ولذلك فإن أى عيب فى صياغة الدساتير والقوانين لا يعزى إلى الرئيس بل يعزى إلى أصحاب الصفة فى الصياغة، وهم فى زماننا هذا هم من أطلق عليهم ترزية القوانين وهذه الصفة ازداد أصحابها هذه الأيام وكثروا وأصبح التنافس بينهم شديدا وهم يتنافسون للأسف فى السوء وليس فى الخير كما ينبغى، فكل واحد منهم ينافس الآخر فى إرضاء الحاكم وتنفيذ رغباته مهما كانت مضرة وغير قانونية،
والعجيب أن أحدهم خرج علينا قريبا فى تصريح يقول فيه بأنه من ترزية القوانين على أساس أن هذا دليل على إتقان الصنعة وهو أمر غير حقيقى لأن هذا التعبير لا يعنى الإتقان والجودة ولكنه يعنى تفصيل القانون على مقاس وضع معين لا يصلح لغيره، لأن هذه مهمة الترزى الذى يصنع لباسا لإنسان لا يصلح إلا له بحيث إذا لبسه إنسان آخر ظهر لكل من يراه أنه غير خاص به
أما القانون فإنه قواعد عامة مجردة تنطبق على كل إنسان تتوافر فيه شروط معينة يضعها القانون وبذلك يتنافى مع فكرة التفصيل الذى يكون لفرد معين، وأى قانون يخرج عن هذا الأصل العام يفقد صفته كقانون ويكون مصيره البطلان.
بطانة الرئيس إذاً لها تأثير كبير على كل ما يصدر منه من قرارات وتصريحات وتصرفات عامة تخص الشعب وتؤثر على مصالحه، ولا يمكن أن يقبل منها القول بأن هذا هو رأى الرئيس وأنه مصر عليه، لأنه حتى إذا كان هذا صحيحا فلابد من أن يكون ظاهراً للعيان وأن يلمسه الناس ويروه رؤيا العين، كما حدث من وزيرى الخارجية إسماعيل فهمى وأحمد كامل عندما استقالا احتجاجا على سياسة الرئيس أنور السادات تجاه إسرائيل،


حيث استقال الأول لعدم موافقته على زيارة الرئيس السادات لإسرائيل واستقال الثانى أثناء المباحثات معها، ومن قبلهما استقال الدكتور محمد حلمى مراد فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر احتجاجاً على بعض سياسته وكل منهم دخل التاريخ من أوسع أبوابه تقديرا واحتراما لأنه لم يرض أن ينسب إليه تصرف للرئيس يدخل فى نطاق اختصاصه لا يرضى عنه ولا يوافق عليه، وهكذا ما ينبغى أن يكون عليه كل المحيطين بالرئيس أى رئيس حتى يأمن الناس على مصالحهم وتكون البلاد فى أيد أمينة لا هم لها إلا مصلحة الوطن.
من هذا المنطلق يمكن القول بأن ما يحدث فى مصر الآن من مشاكل وتصرفات تسىء إليها وإلى شعبها وحكومتها ورئيسها مرجعه أن بطانة الرئيس لا تخلص له النصح والإرشاد، وتكاد تستهدف رغباته ورغبات أسرته لكى تعمل على تحقيقها مهما كانت هذه الرغبات غير مشروعة وغير قانونية وتضر بمصلحة البلد وتضر فى النهاية الرئيس وعائلته.
يا سيادة الرئيس لا نريدك أن تصدق أن أنفاق غزة تستعمل لتهريب السلاح والمخدرات إلى مصر وأن الجدار العازل لحماية أمننا القومى، وإذا كان لابد من بنائه فإن ذلك يكون بعد فتح الحدود مع غزة بصورة طبيعية تسمح بمرور البضائع العادية والناس من وإلى القطاع الذى كان قريبا جزءاً من مصر وبينه وبينها نسب وصهر، لأن إقامة الجدار قبل ذلك وهدم الأنفاق فيهما تجويع وإبادة لمليون ونصف المليون إنسان.
وهى جريمة تدخل فى باب الإبادة الجماعية لا يرضى عنها الله وليست فى مصلحة أحد سوى إسرائيل التى أعجزها الخلاص من شعب غزة المكافح وتريد هلاكه بأيدينا نحن إخوته، فلا تلوث يدك بهذه الدماء الذكية ولا تاريخك وتاريخ مصر بهذا العمل الذى سيضعه التاريخ فى صفحة سوداء لمن يقوم به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.