لدى أهالى قرية «خنيزة»، التابعة لمركز كوم حمادة بالبحيرة، اقتناع تام بأنهم على صواب فى محاصرة محطة كهرباء النوبارية، وأن أبناءهم الأولى بالتعيين بها بعد تنازلهم عن أراضيهم لإقامة المحطة، خاصة أن الشركة لم تقدم لهم التعويضات الكافية، ولذلك عاودوا الاعتصام أمامها ومحاصرتها للمرة الرابعة من جديد، من جانبها رصدت «الوطن» تفاصيل 15 ساعة كاملة داخل وخارج المحطة ومفاوضات القيادات الأمنية وبعض النواب مع الأهالى. بداية اليوم مرتبكة ويشوبها قدر كبير من القلق والتوتر بسبب تحركات وتربيطات أهالى وشباب القرية منذ الثلاثاء الماضى، حيث قرروا معاودة حصار المحطة وقطع الطريقين المؤديين إليها ومنع المهندسين والعاملين من الدخول والخروج، الأهالى اشتعل بداخلهم الغضب بشدة وبشكل متزايد بعد تنصل المهندس أحمد صوان، رئيس مجلس إدارة شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء، من اللقاء الذى كان قد تم الاتفاق عليه معهم بمقر الشركة بمدينة المنصورة، يوم الثلاثاء الماضى، واشتعل الغضب أكثر فى صدور الأهالى والشباب بعد تصريحات صوان لقناة «الحياة» الفضائية، التى قال فيها إن أهالى القرية ليس لهم حق فيما يطالبون به، وإنه لا توجد تعيينات تحت الضغوط وإنهم حصلوا على كامل التعويضات اللازمة نتيجة حصول الشركة على الأراضى التى كانت معهم. وتوجه أهالى وشباب القرية منذ الصباح الباكر بالعشرات حاملين معهم «نعشاً» قطعوا به الطريق المؤدى إلى البوابة الرئيسية للمحطة، فى تقليد جديد للاعتصامات، ووجدوا على مسافة أكثر من نصف كيلو أمام بوابة المحطة يرددون الهتافات المطالبة بتعيين أبنائهم بالمحطة، ويؤكدون أن اعتصامهم سلمى، وأنهم ليسوا بلطجية، بل مواطنون مصريون يطالبون بحقوقهم المشروعة، وأمام البوابة الخلفية للمحطة وجد عدد من شباب وأهالى القرية وقطعوا الطريق المؤدى إليها ومنعوا الدخول والخروج، ليبدأ مسلسل حصار المحطة للمرة الرابعة من أهالى وشباب قرية «خنيزة» للمطالبة بتعيين أبنائهم بالمحطة. قوات وسيارات الأمن المكلفة بتأمين وحماية المحطة موجودة داخل وأمام المحطة، فى الوقت الذى يباشر فيه المهندسون والعاملون أعمالهم بالمحطة وسط حالة من القلق والخوف تنتابهم بشكل يتزايد مع مرور الوقت، خاصة أنهم أدركوا أن خروجهم من المحطة مع انتهاء ورديتهم، الساعة الثالثة عصراً، سوف يكون صعباً ومحفوفاً بالمخاطر بسبب حصار الأهالى والشباب للمحطة. يمر الوقت وتمضى الساعات والأهالى مستمرون فى حصار المحطة من بوابتيها الرئيسية والخلفية، فى الوقت الذى وصل فيه اللواء طارق الناغى، مساعد مدير أمن البحيرة للأمن العام، إلى المحطة والرائد فتحى المنياوى، رئيس مباحث كوم حمادة، لإقناع الأهالى والشباب بفض التجمهر وإنهاء الحصار، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل؛ لأن الأهالى مصرون على وعود حقيقية وصريحة من المهندس محمود بلبع، وزير الكهرباء، وليس غيره هذه المرة بتعيين أبنائهم بالمحطة. المشهد يزداد تعقيداً وارتباكاً أمام المحطة، الأهالى والشباب يواصلون الحصار والهتافات المنددة بسياسة قيادات شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء ومحطة كهرباء النوبارية، خاصة فيما يتعلق بالتعيينات، ويؤكدون أنهم لن يفكوا الحصار إلا إذا تم تعيين شباب القرية بالمحطة، فى المقابل المهندسون يطالبون بمغادرة المحطة بعد انتهاء ورديتهم فى الثالثة عصراً، ويطلبون الحماية والتأمين أثناء الخروج؛ لأنهم يدركون أن الشباب سوف يتعرضون لهم. تصل المكان سيارتان «جيب شيروكى» تابعتان لمديرية الأمن تقلان اللواء ممدوح حسن، مدير الأمن، والعميد محمد خريصة، رئيس مباحث المديرية، والعميد أشرف عبدالقادر، مفتش الأمن العام، والعقيد خالد غانم، رئيس فرع البحث الجنائى ببدر، والعقيد محمد زايد، وكيل الفرع، وتوقفت السيارتان أمام «النعش» الذى وضعه الشباب على مسافة من البوابة الرئيسية للمحطة، ورفض فى البداية الأهالى مرور السيارتين للوصول إلى بوابة المحطة رغم نزول العميد محمد خريصة إليهم، حتى اضطر مدير الأمن إلى النزول من سيارته مخاطباً الشباب والأهالى بأنه جاء إليهم بنفسه من أجل بحث مطالبهم والعمل على تلبيتها، مطالباً إياهم بمنحه الفرصة لإنهاء الأزمة. دخل اللواء ممدوح حسن إلى مدير المحطة، المهندس عمران شعيب، وبعد فترة من الوقت خرج إلى الأهالى وسط حالة من الهرج والمرج والهتافات والأصوات العالية، وحاول مدير الأمن إقناعهم، موضحاً أنه اتصل باللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، الذى بدوره اتصل بالمهندس محمود بلبع، وزير الكهرباء، من أجل إنهاء المشكلة، وقال لهم إن وزير الكهرباء وافق على لقاء وفد منهم الأسبوع المقبل بمكتبه لبحث المشكلة والعمل على حلها، وبعد فترة طويلة من الوقت، امتدت ساعتين، أعلن الأهالى والشباب عن رفضهم هذا الاقتراح، مؤكدين أنهم مصرون على تعيين أبنائهم بالمحطة وأنهم شبعوا وعوداً. وسط تلك الحالة المعقدة والمرتبكة بات الحل الأمنى هو الخيار الأخير بسبب إصرار الأهالى على رفض كل ما تم طرحه عليهم واستمرارهم فى حصار المحطة ومنع دخول وخروج المهندسين والعاملين، فى الوقت الذى ما زال العاملون محبوسين داخل المحطة لمدة ساعتين وغير قادرين على الخروج، الأمر الذى لم يجد معه مدير الأمن بدا من إخراج العاملين من البوابة الخلفية بمساعدة قوات الأمن وتم إخراج المهندسين والعاملين إلا أنهم تعرضوا للضرب والقذف بالطوب والحجارة من شباب القرية، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من المهندسين وتكسير زجاج ونوافذ أحد الأتوبيسات أثناء مغادرة المحطة من البوابة الخلفية. أمام البوابة الرئيسية للمحطة، ومع دخول الليل، يوجد مدير الأمن وقيادات المديرية والموقف يزداد تعقيداً وارتباكاً وتوتراً فى ظل إصرار الأهالى على عدم إنهاء حصار المحطة، فى الوقت الذى تم فيه إخراج تربينة بخارية بالوحدة الأولى بالمحطة قدرتها 250 ميجاوات من الخدمة، نتيجة الارتباك والوضع المؤسف حول وداخل المحطة، قوات الأمن بدأت تتقدم صوب المحتجين فى محاولة لإثناء أهالى القرية عن الاستمرار فى حصار المحطة، إلا أنهم أصروا على موقفهم. يصل المكان نائب مجلس الشعب السابق عن حزب النور السلفى، الدكتور عبدالله سعد، فى محاولة أخيرة لإنهاء حصار المحطة وإقناع الأهالى والشباب بالحوار، وبعد ساعات من الشد والجذب معهم اقتنع الأهالى باقتراح مدير الأمن والنائب البرلمانى ووافقوا على إنهاء الحصار فى الساعة الثانية عشرة من صباح الخميس على أن يقوم وفد مكون من ثلاثة منهم بلقاء وزير الكهرباء، المهندس محمود بلبع، لإنهاء تلك الأزمة التى يبدو أنها مستمرة لبعض الوقت، مما يهدد أكبر محطة لتوليد الكهرباء بالشرق الأوسط وسط حالة غضب متزايد بين المهندسين والعاملين بسبب تكرار حصار المحطة، ما جعلهم يهددون بتقديم استقالات جماعية وتوقف إنتاج 1500 ميجاوات من الكهرباء.