لم يستغرب "عمر" تصرف إدارة مستشفى أسوان الجامعي عندما رفضت استقبال سيدة عجوز أثبتت التحاليل، أنها مصابة بالأنفلونزا الموسمية "H1N1"، بحجة عدم وجود غرف للعزل، مؤكدًا أن إهمال المستشفى وفقر المعدات الطبية بداخلها لا يسمح حتى باستقبال المرضى العاديين في الأساس، فقرر أن يبرهن على ذلك بصور من داخل المستشفى محذرًا المرضى التعامل معها لأنها تودي بحياة المريض إلى "سكة اللي يروح ميرجعش"، وفق قوله. وجد حاله أمام خيارين إما أن يقطع مسافة طويلة حتى يصل إلى مستشفى أسيوط الجامعي لإسعاف والدته، أو يطير بها نحو المستشفى التى تبعد دقائق عن منزلهم رغم تحذيرات الجميع له بعدم الذهاب، فلم يكن بيد "عمر محمد" حيلة عندما أخذته قدماه نحو مستشفى أسوان الجامعي، بعد تدهورت حالة أمه المسنة بسبب مرض القلب وفق قوله، لكن عقل الشاب العشريني لم يستوعب هول المشهد الذي رآه أمامه منذ أن دخل ساحة الاستقبال: "مستحملتش أفضل فى المكان دا دقيقة واحدة بعد ما شوفت التلوث والسراير اللي مرمية في كل حتة"، مؤكدًا أن حال المستشفى يوحي للمريض بأنه على بعد خطوات من الموت إما بالتلوث أو بالعجز عن سداد قيمة التحاليل والأشعة: "أسوان كلها على قد حالها، ومفيش حد معاه تمن التحاليل اللي بيقولوا عليها.. للأسف الطب بقى متاجرة مش تخفيف عن آلام المريض، والمستشفى بتخيرك خيارين يا تقطع كشف عادي وتستحمل بالمهازل، أو تدفع وتتعالج فى جناح جوا المستشفى مايدخلوش إلا اللي معاهم فلوس". منطقة السيل أصبحت تقطع مسافات لقرى مختلفة لتلقي العلاج في مراكز أخرى، هروبًا من إهمال مستشفى أسوان الجامعى، كلمات لخص بها وائل حمدى، أحد أهالى مركز أبو الريف واقع آلام باقى سكان أسوان، عندما أغلقت مستشفى أسوان الجامعي الباب أمامهم: "العيان مننا يدخل يدفعوه فلوس، وفى الآخر يرموه بره في استراحه مكسرة وكراسيها مخلعه، ولو معاه فلوس يدفع ويكشف في الجناح الفندقي ولو معوش يشوف حتة تانية".