أسعار الذهب اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    الاتصالات: الأكاديمية العسكرية توفر سبل الإقامة ل 30095 طالب بمبادرة الرواد الرقمين    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    ترامب يوجه رسالة خاصة ل كريستيانو رونالدو: أعتقد أن بارون يحترمني كوالده أكثر قليلا الآن    جامايكا وسورينام يكملان الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم    غلق الطريق الصحراوى من بوابات الإسكندرية لوجود شبورة مائية تعيق الرؤية    خيرية أحمد، فاكهة السينما التي دخلت الفن لظروف أسرية وهذه قصة الرجل الوحيد في حياتها    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    الرئيس السيسي: البلد لو اتهدت مش هتقوم... ومحتاجين 50 تريليون جنيه لحل أزماتها    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    البيت الأبيض: اتفاقية المعادن مع السعودية مماثلة لما أبرمناه مع الشركاء التجاريين الآخرين    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديو- الإهمال يطحن المرضى الغلابة ياحكومة


قبل أن تقرأ
من الطبيعى عندما يصاب أى إنسان بمرض خطير أن يتوجه على الفور إلى المستشفى، حيث الرعاية الطبية والتمريضية والأجهزة من معامل وأشعة.. ومن المفترض أن يشعر المريض وهو بالمستشفى بالراحة النفسية، حيث يعتقد أنه لو تدهورت حالته سيتم إسعافه بسرعة!
ولكن الذى لا نفهمه حتى الآن هو النصيحة الصادرة من وزارة الصحة فى حالة إصابة أى مواطن بأنفلونزا الخنازير, بأن يتوجه بسرعة إلى مستشفى حميات العباسية، الذى من المفترض -أيضا- أنه أكبر مستشفى حميات فى مصر, ولكن إذا استجبت لنداء وزارة الصحة, وذهبت فعليك تحمل مسئولية نفسك, فالمستشفى غير مجهزة بأى أجهزة ولا حتى خدمة تمريضية, والانتظار لساعات طويلة أمام حجرات الكشف حتى يحين دور الدخول, وغير ذلك من المآسى التى يتحملها المرضى فى صبر وآنين لأنهم لا يملكون الذهاب إلى العيادات أو المستشفيات الخاصة.
بل الأخطر من ذلك, إذا أصر أى مواطن على البقاء فى المستشفى حتى تظهر نتيجة تحاليل فيروس الأنفلونزا، يتم إرهابه بوضعه فى عنبر به مصابون بأمراض خطيرة, بمعنى أصح لو نجا من الأنفلونزا فإنه لن ينجو من باقى الأمراض الخطيرة التى فى النهاية سوف تؤدى إلى تهديد حياته.
عنابر المستشفى متهالكة وخاصة الأقسام المجانية تشبه "المزبلة", العاملون بالمستشفى يرتدون ثيابا متسخة وكأنهم يعملون فى "مشحمة", وإذا تم تزويد المستشفى بالأجهزة فماذا ستفعل الوزارة بالعاملين فى التمريض الذين لا يصلح أغلبهم للعمل فى هذه المهنة.
ورغم استقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوى, وفشل وزيرة الصحة د.مها الرباط, فى إخفاء مرض "إنفلونزا الخنازير" عن عيون الإعلام والمواطنين, أو التعامل معها بمهنية وكفاءة مما أدى لانتشاره، وارتفاع حالات الوفيات - كما ذكرت البيانات الرسمية للوزارة - إلى 69 حالة حتى الآن, فلم يستطع القائمون على الحكم مواجهة المرض خارج أو داخل المستشفيات, مكتفين فقط بجملة واحدة, وهى "الوضع الصحى آمن ولا داعى للقلق".. وهذا طبعا فى خيالهم فقط, ولكن فى الواقع يختلف الوضع.
وعلى الرغم من إعفاء مدير مستشفى حميات العباسية, فى شهر يوليو عام 2009, بسبب الانتقادات الشديدة التى انفجرت بسبب ظهور " إنفلونزا الخنازير", أثناء عصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك, ومرور 5 أعوام, وقيام ثورتين وتولى رئيسين, إلا أن الوضع داخل المستشفى لم يتغير حتى الآن, فحتى هذه اللحظة, ما زالت الحكومات ووزراء الصحة يعيشون الفشل فى حل أزمة الإهمال داخل مستشفى "حميات العباسية".
تعرف على أسهل طريقة للإصابة بأنفلونزا الخنازير
حميات العباسية.. الداخل مفقود والخارج مولود
مغامرة حية تكشف دور القطط والأطفال الرضّع فى المأساة
مستشفى حميات بالعباسية المنشأة بوضع أفقى على مساحة 42 فدانًا على هيئة أقسام تبعد عن بعضها البعض بمسافة حوالى 50 مترًا, يغلفها ليلا الظلام الحالك دون وجود أى وسيلة للإنارة, بالإضافة إلى أن سور المستشفى الخارجى غير آمن وسهل التسلق, فهل يوجد مسئول يأمن على ابنته أو زوجته أو أخته المبيت داخل هذا المكان؟؟
معاناة المصريين وخوفهم من مرض "إنلفونزا الخنازير" كانت هى المحرك الأساسى لهذا التحقيق الذى أجرته "بوابة الوفد", لمتابعة استعدادات مستشفى الحميات العباسية لهذا المرض والمعروف عنها أنها من أشهر المستشفيات لعلاج المرض بمحافظتى القاهرة و الجيزة, غير أن المفاجأة كانت اكتشاف "مقابر حياة" من خلال منظومة فساد متكاملة, ترعاها وزارة الصحة نفسها, فالأمر لا يقتصر على تكتم الوزارة على المرض فقط, بلا هو اللامبالاة فى حياة المصريين.
"بوابة الوفد" دخلت مستشفى الحميات بالعباسية، واكتشفت أن أهم ملامحها هو الإهمال السائد هناك.. شاهدنا آلام ودموع الأمھات والآباء على فلذات أكبداهم المرضى كیف یجرى علاجھم؟.. وكیف تتم معاملتھم؟.. وما الذى یجرى داخل عنابر مستشفى الحميات العباسية؟ وكیف یرقد المرضى وسبل رعایتھم؟.. كل هذه الأسئلة دارت فى ذهننا قبل خوض المغامرة.
المشهد الأول:
حكايات لا تعترف بها حكومات مصر, من بيوت الفقر والأسى, تلك التى غفت فى حضن الفقر وأمست فى قبضة الشدائد حتى يشاء الله أمراً كان مفعولاً, تلك البيوت التى تُفتَح جميع أبوابها داخل مستشفى الحميات العباسية, حيث إهمال الفقراء, وتركهم للموت فى كل ثانية نتحدث فيها هنا وهم يموتون هناك.
بدأنا المغامرة بادعاء أحدنا - وكنا ثلاثة شباب - الإصابة بمرض إنفلونزا الخنازير, لنشاهد ماذا سيحدث معنا داخل المستشفى، وفوجئنا منذ دخولنا من الباب الرئيسى للمستشفى فى تمام الساعة 11 صباحاً باثنين من رجال الأمن فقط, اقتصر عملهم على الجلوس على الأريكة بحانب بوابة الدخول, يتناولان أكواب الشاى, ويتحدثون عن أخر مباراة للنادى الأهلى.
لم يسألنا أحد إلى أين نحن ذاهبون, ولا حتى طلب تفتيش الحقائب التى كانت معنا, وكأن حياة المصرى لا تهم أحدًا حتى إذا كان مريضًا, فيما جلست بجوارهم سيدة تتحدث بالهاتف المحمول, من الواضح أنها ليست لها علاقة بأفراد الأمن, وكأنها "استراحة الحميات" وليست مستشفى تحمل داخل جدرانها الفيروسات الخطيرة بمختلف أنواعها.
المشهد الثانى:
نجحت ممرضات مستشفى الحميات العباسية فى إلزام المرضى بتطبيق شعار "اعتمد على نفسك", فمنذ دخولنا لم نجد أحدا نستطيع أن نستفسر منه، إلى من نذهب؟ وإلى أين نتجة للكشف؟, فالممرضات هناك منشغلات فى الحديث عن متاعب الحياة والأزواج والأطفال, ويتركن المواطن البسيط يدفع ثمن مرضه وحده دون مساعدة.
وبعد التوغل داخل المستشفى, فوجئنا بسيدة مسنّة لا تستطيع الحركة, وتطلب من الممرضات المتجولات داخل المستشفى مساعدتها حتى تصل إلى غرفة الكشف, ولكنهن تحولن من ملائكة الرحمة إلى "شاهد ماشفيش حاجة", ليقوم أحد أهالى المرضى بمساعدة السيدة وتوصيلها إلى قاعة الاستقبال, ليتحول الموقف من إهمال داخل مستشفى، إلى انعدام الإنسانية والرحمة, فماذا لو لم يأت أحد ويساعد السيدة, هل تعتمد على نفسها فى الحركة, وهى لا تستطيع؟، هل يقبل مسئول داخل البلد أن يترك والدته فى هذا الموقف, أم أنهم لا يتعاملون مع مستشفى حكومى.
ومن اللافت للانتباه أيضا بشأن فريق التمريض، أنهم لا وسط فيهم فإما جميعهن صغار السن، ولن نخطئ إذا توقعنا أنهن مازلن يدرسن التمريض، وإما كبارا أصبحن غير قادرات على مساعدة المرضى، وتلبية احتياجاتهم وإعطائهن الرعاية المطلوبة، لتصبح ملائكة الرحمة داخل مستشفى حميات العباسية يرتدين طاقية الإخفاء مجهولة السر!، وبدلا من المسارعة فى المساعدة فإنهن يتجولن فى أرجاء المستشفى يتبادلن الحديث.
المشهد الثالث:
تؤكد التعليمات الرسمية أنه أثناء تفشى الأمراض الوبائية مثل إنفلونزا الخنازير, فانه يتوجب على العاملين فى مجال الرعاية الصحية معالجة جميع المرضى الذين يحضرون إلى مرفق الرعاية الصحية ,كما يتوجب عليهم ارتداء الكمامات عندما يكون المريض موجودًا داخل المستشفى لتفادى العدوى، وهذا ما يطبق فى البلاد التى تحرص على سلامة المواطنين.
إما إذا كنت تتحدث عن مصر, وإهمالها, وعدم الاهتمام بالمرضى, فيجب أن تتخيل حالة الممرضات أو العاملين داخل المستشفى دون أن أشرح لك, فالجميع لا يرتدى كمامات لتفادى العدوى, أو حتى مناديل لتجنب العدوى, فهذا هو شعب مصر الذى لا يخشى شيئا !!
المشهد الرابع:
بعد استخراج إيصال الكشف فى قسم الحميات, أوضح لنا أحد أهالى المرضى داخل المستشفى كيفية الوصول إلى مكان العيادة, عندما رآنا نبحث عن الطريق دون فائدة, ووجدنا أنفسنا أمام كارثة متكاملة, وإهمال لم نكن نتوقعه.
فقد طلبت منّا الممرضة المسئولة عن دخول المرضى إلى غرفة الكشف الجلوس وانتظار دورنا فى الدخول, رغم علمها أن معنا حالة تشكو من الإصابة بإنفلونزا الخنازير, حيث طلبت الممرضة الجلوس وسط باقى المرضى من الحالات المختلفة فى قاعة الاستقبال.
فوجئنا من رد الممرضة, وظهرت على وجهنا علامات الحزن, لما يمكن أن يتعرض له باقى المرضى, فإذا كانت الحالة بالفعل مصابة, فكم حالة سوف تمرض بنفس المرض بعد جلوسنا معاً, فهل من الطبيعى أن يجلس المريض بجوار المصاب لا تفصل بينهم سوى سنتميترات قليلة, فبدل أن يخرج المريض معافًا من المرض تصاحبك أمرض أخرى قد تودى بحياتك وحياة أسرتك!!
المشهد الخامس:
لم يكن لنا حل سوى الجلوس وسط المرضى داخل قاعة ااتستقبال, فى انتظار دورنا أو ااسفراج عن المريض, نتأمل فى وجوه المرضى والأهالى, التى ظهرت عليهم علامات التعب والإرهاق و الحزن, بالإضافة إلى كتم الدموع.
وجدنا أن جميعهم مواطنين بسطاء مطحونين أنهك الفقر قدرتهم على مواصلة الحياة
المشهد السادس:
استمرت جلستنا فى انتظار الدخول للكشف طيلة ساعة كاملة, وشد انتباهنا ضحكات طفل يلعب مع أخته الصغيرة بجوار المرضى دون رقيب, يجرى وراءها وتجرى وراءه, يجلسون على أرض المستشفى يخرجون ويدخلون إلى حجرات الكشف والأشعة, وكأنهم يلعبون مع المرض والموت لعبة "الاستغماية".
وعند الحديث مع الأطفال اكتشفنا أنهم جاءوا مع الأب والأم, للكشف على أخيهم الأكبر, ولكن الغريب فى المستشفى أنهم لا يمنعون الأطفال, رغم أنها مستشفى ينتشر فيها أمراض الحميات الخطيرة والمعدية وعلى رأسها "إنفلونزا الخنازير"، مما قد يودى بحياتهم.
وتظهر ملامح الإهمال مكتملة الأركان داخل مستشفى الحميات العباسية فنجد رضيع إحدى الممرضات يخرج زاحفًا من الحجرة التى يتلقى فيها المرضى الحقن، وبالرغم من أنه لابد من تعقيم هذه الحجرة، إلا أنها خالية من أبسط أنواع الاهتمام والتعقيم.
الممرضات يصطحبن أبنائهن، ويتركهن على "بطانية" فيحبو الطفل إلى خارج الغرفة متجها إلى الدولاب الذى توضع به المحاليل الطبية، التى من المفترض أن تكون واجهتها من الزجاج، ولكن فى مستشفى الحميات واجهتها هى الهواء!، ليتم وضع المريض فى مواجهة مباشرة مع الموت فى حال تلوث هذه المحاليل.
فيما لم يتدخل أحد من أفراد الأمن أو الممرضات لمنعهم أو إجبارهم على الجلوس بعيدا عن حجرات الكشف.
المشهد السابع:
تجولنا داخل المستشفى أثناء انتظار لحظة الدخول للكشف, لاحظنا انتشار عدد من القطط تهرول مسرعة ما بين الحين والآخر، حتى وجدنا قطة مستغرقة فى النوم على سرير من أسرة المستشفى، داخل أحد العنابر، على الرغم من وجود مرضى داخل العنبر، وكأنهم معتادون على ذلك الأمر.
فمن الطبيعى عندما تدخل مستشفى أن تجد جواً ملائما للشفاء, ولكن كيف يتحقق ذلك داخل مستشفى ممتلئة بالحيوانات ممكن أن تكون ناقلة للمرض أو شديدة الخطر على المرضى, فيما لم يندهش أحد من عمال المستشفى من وجدوها وكأن المشهد هو أمر طبيعى أو أن القطة هى أحد نزلاء المستشفى الدائمين.
المشهد الثامن:
وبالمضى قدمًا داخل المستشفى الحكومى، وجدنا كارثة إنسانية، حيث رقدت سيدة مسنة, تفترش الأرض, يبدو عليها الحسرة والتعب, وعدم القدرة على التحرك, لتكتفى بأن تجعل الأرض سريرًا تفترشه لحين دخولها حجرة الكشف.
والغريب فى الأمر, أنه لم يتدخل أحد من الممرضات لمساعدة السيدة، وكأنها لم تكن موجودة.
المشهد التاسع :
رحلة الألم والمرض تعتبر تجربة فريدة يمر بها الإنسان، وخاصة فى حالة مرض مثل أنفلونزا الخنازير, رصدت بوابة الوفد, أحد عنابر الاحتجاز داخل مستشفى الحميات بالعباسية, وكيف يقضى المرضى يومهم داخل المستشفى.
العنبر مكون من 16سريراً، الشبابيك مفتوحة على مصراعيها بدون زجاج أو سلك مانع للناموس، والباب أيضاً مفتوح، ولافتة ضخمة تعلو العنبر, مكتوب عليها: "العنبر تم إنشاؤه كصدقة جارية من أحد المواطنين".
يصلح الجو داخل المستشفى لنزهة, يترك النزلاء عنابرهم ويخرجون للنزهة فى ممرات المستشفى, فى حين أنه كان من المتوقع أن يكون العنبر معزولا عن العالم الخارجى, لضمان عدم خروج الفيروس والمرض إلى باقى المواطنين, ولكن يبدو أن التعامل اليومى مع الموت أصاب العاملين فيه بتواطؤ مع الموت.
أما عن الأسرة داخل العنبر, كأنها تنادى المريض "تمنياتى لك بأمراض أكثر"، بدلاً من الشفاء العاجل, حيث تجد الملاءات ذات البقع الحمراء الداكنة نتيجة لدماء تجلطت، وسلة القمامة منقلبة على رأسها.
المشهد العاشر:
تحدثنا مع بعض الحالات داخل مستشفى "حميات العباسية", لنتعرف على مشاكلهم وأحلامهم البسيطة فى الحياة بعد ثورتين, عسى أن يكون لنا دور فى عرض هذه المشاكل للحل الفورى وعرضها على المسئولين, الذين هم فى مجمل الأمر "لا حياة لمن تنادى أو كأنك ياأبو زيد ماغزيت".
كانت البداية مع عماد عبد الرحمن, قال :" من الصعب أن تعثر على طبيب ليلاً لمتابعة حالة المريض", لافتاً إلى أن الأطباء صغار السن والخبرة، لا يتحركون لزيارة المريض فى سريره, لذلك يجب أن يذهب المريض إليه فى غرفته أو يموت.
وأضاف عبد الرحمن, أن المستشفى لا يوجد بها "ترمومتر" للكشف عن درجة حرارة المريض أثناء احتجازه, لافتاً إلى أن أهالى المريض يقومون بشرائه من صيدلية بالخارج.
بينما قال الحاج أشرف: "يابنى لو أنت خايف تدخل تتعالج, روح أفضل لك من البقاء داخل المستشفى, اللى معاه فلوس عمره ما يبفكر يضحى بحياته ويجى يتعالج داخل مستشفى حكومى".
وتابع, قائلاً: "إن الحشرات تتجول بحرية داخل العنابر كأنها أحد المرضى, وأضاف:" إحنا بنلاقى الصراصير ماشية علينا وإحنا نايمين".
وكشف عبد الغنى متولى, والد طفل مصاب بمرض إنفلونزا الخنازير, أن مصل علاج المرض, يقوم الدكاترة ببيعه للمرضى بمبلغ كبير, ويرفضون إعطاءه للبسطاء.
وأضاف, أن المشكلة ليست فقط فى نقص أعداد أسرة المستشفى, بل إن السراير تحتاج إلى أجهزة وخدمات طبية وإمكانيات المستشفى محدودة للغاية".
المشهد الحادى عشر:
وبعد هذه الجولة, قامت الممرضة المسئولة عن دخول المريض للكشف, بالنداء علينا, لنجد غرفة صغيرة فى أخر ممر الاستقبال, ووجدنا بها طبيبين بجهاز واحد وسرير واحد, كل طبيب يتسلم أوراق التحويل ويوقع الكشف على المريض.
يدخل مريضان معاً للكشف, ينتظر أحدهما الثانى لحين الانتهاء من الكشف على السرير، لينام الأخر ويتم الكشف عليه بنفس الأجهزة الطبية.
وعند الكشف على صديقنا الذى قال للطبيبة إنه يخاف أن يكون مصابًا بإنفلونزا الخنازير, طلبت منّا الدكتورة بعد الفحص, القيام بتحاليل وآشعة لتحديد الحالة, وعرفنا أنه عند التحليل لمرض إنفلونزا الخنازير يجب على المريض البقاء فى المستشفى لمدة 24 ساعة لحين التأكد من نتيجة التحاليل والأشعة سواء سلبية أو إيجابية.
وفى هذه اللحظة أخذنا القرار بالاكتفاء بما رصدناه وغادرنا المستشفى دون أن يمنعنا أحد، وانتهت المغامرة وتركت فى أنفسنا أوجاعًا وهمومًا بحجم الوطن.
شاهد الفيديو:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.