الشيوخ يناقش ملفات البيئة والضريبة العقارية والتأمين الصحي غدا    وزير العمل يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون مع صربيا في كافة المجالات    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 31 مايو    بعد خسائر 69 دولارا.. ننشر أسعار الذهب اليوم السبت 31 مايو    الرى: التنسيق مع شركات مياه الشرب لتركيب عدادات لمآخذ المحطات الآخذة من النيل    الأمم المتحدة: خطة لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة على نطاق واسع    استشهاد لبناني في اعتداء إسرائيلي على بلدة "دير الزهراني" جنوب البلاد    وزير الخارجية يبحث هاتفيا مع نظيره الهولندي تبادل الرؤى بشأن الأوضاع في غزة    رقم مميز ل لاوتارو مارتينيز قبل مواجهة نهائي دوري أبطال أوروبا    «الأرصاد»: معظم المحافظات الساحلية في مصر تتعرض لأمطار متفاوتة الشدة    تعويض الطلاب عن تأخر توزيع أوراق امتحان اللغة العربية بعدد من لجان كفر الشيخ    نجاة شخص وزوجته بعد تعرض سيارتهما للدهس من جانب نقل في الجيزة    إصابة 7 عمال فى حادث تصادم بكفر الشيخ    غزو نجوم الطرب لشاشة سينما 2025    الاحتلال يدمر منازل 14 عائلة فى جباليا شمال قطاع غزة    كريم عبدالعزيز يحقق إيرادات ضخمة من المشروع X أمس    وزير الصحة يتوجه لمحافظتي البحيرة ومطروح لتفقد عددا من المنشآت الصحية    رغم تعديل الطرق الصوفية لموعده...انطلاق الاحتفالات الشعبية بمولد «الشاذلي» والليلة الختامية يوم «عرفة»    أخصائية نفسية: طلاب الثانوية العامة قد يلجأون للانتحار بسبب الضغط النفسي    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 بالشرقية وخطوات الاستعلام برقم الجلوس (الموعد و الرابط)    400 مليون جنيه..الأهلي يتلقى إغراءات ل بيع إمام عاشور .. إعلامي يكشف    أسعار الفراخ والبيض في بورصة وأسواق الشرقية السبت 31 مايو 2025    تشكيل باريس سان جيرمان ضد إنتر في نهائي دوري أبطال أوروبا    قوات الاحتلال تنفذ عمليات نسف شمالي قطاع غزة    بسبب الطقس السيء.. سقوط لوحات إعلانية وتضرر المطاعم وغرق شوارع الإسكندرية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة مدربة أسود سيرك طنطا في واقعة النمر    نيبينزيا: روسيا لن تمنح أوكرانيا فرصة إعادة التسلح تحت غطاء وقف إطلاق نار مؤقت    جدل بين أولياء الأمور حول «البوكليت التعليمى»    ترامب يعلن عزمه مضاعفة تعرفة واردات الصلب إلى 50%    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نمنح الحصانة لأحد وسنرد على أي تهديد    «تنسيق الجامعات 2025»: 12 جامعة أهلية جديدة تنتظر قبول الدفعة الأولى    النائب أحمد السجيني يحذر من سيناريوهين للإيجار القديم: المادة 7 قد تكون الحل السحري    ب62 جنيه شهريًا.. أسعار الغاز الطبيعي اليوم وتكلفة توصيله للمنازل (تفاصيل)    النيابة تستعجل تحريات واقعة مقتل شاب في الإسكندرية    بعد تلميحه بالرحيل، قصة تلقي إمام عاشور عرضا ب400 مليون جنيه (فيديو)    «سأصنع التاريخ في باريس».. تصريحات مثيرة من إنريكي قبل نهائي دوري الأبطال    ثروت سويلم: رابطة الأندية أخطأت في موعد مباراة الأهلي والزمالك    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    أحمد حلمي ومنى زكي وعمرو يوسف وكندة علوش في زفاف أمينة خليل.. صور جديدة    «متقوليش هاردلك».. عمرو أديب يوجه رسائل خاصة ل أحمد شوبير    حلم أشرف يودّع جمهوره بالحلقة 11.. قصة حب وأسرار تُفجر التريند التركي    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    مهاجم بيراميدز: التركيز سلاحنا لحسم اللقب الأفريقي    رئيس «النحّالين العرب»: قطاع تربية النحل يتعرض لهجمات «شرسة» سنويًا لتشويه المنتج المحلى    محافظة قنا: الالتزام بالإجراءات الوقائية في التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    لا تتركها برا الثلاجة.. استشاري تغذية يحذر من مخاطر إعادة تجميد اللحوم    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    «قنا» تتجاوز المستهدف من توريد القمح عن الموسم السابق ب 227990 طنًا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    لا تضيع فضلها.. أهم 7 أعمال خلال العشرة الأوائل من ذي الحجة    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    «أصيبت به نوال الدجوي».. ما هو مرض «الدمنشيا» وهل يختلف عن الزهايمر؟    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا.. إحباط هجوم إرهابى فى روسيا.. وصول مليون و330 ألف حاج للسعودية.. سقوط قتلى فى فيضانات تضرب نيجيريا    مشرف بعثة الحج السياحي: إلغاء ترخيص الشركات السياحية المخالفة للضوابط المنظمة    وزير التعليم يبحث مع «جوجل» تعزيز دمج التكنولوجيا في تطوير المنظومة التعليمية    تطرق أبواب السياسة بثقة :عصر ذهبى لتمكين المرأة فى مصر.. والدولة تفتح أبواب القيادة أمام النساء    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنق الزجاجة
نشر في الوطن يوم 30 - 04 - 2014

أذكر جيدًا كيف دخلت الجامعة بمجموع كبير؛ لأرسم أحلامًا وردية نحو مستقبل مشرق ينتظرني بعد تخرجي منها، ولكنني فوجئت بنفسي أجلس في منزلنا، ويدي على خدي، لا أجد عملًا أو أملًا في تحصيل ما تكبدته من مشاق طيلة 4 سنوات ماضية، وبعد جهد جهيد، وواساطات لا حصر لها، وسعي لا ينقطع من والدي، وكل معارفه، تمّ المراد من رب العباد، ووجدتني أدخل برجلي اليمين أحد مصالح مصر الحكومية، وأنا لا أصدق نفسي من فرط الاستياء.
كان السلم متهالكًا، والموظفين أكثر عددًا من أصحاب المصالح أنفسهم، والمبنى قديمًا متعدد الأدوار، والمصعد معطلًا لا يعمل إلا بحركات "بهلوانية" من عامله الفهلوي، الذي يعطله في كثير من الأحيان؛ ليتجاذب أطراف الحديث مع هذا أو ذاك، أو ليشرب كوبًا من الشاي "إصطباحة"، ولم أصدق نفسي حينما دخلت المكتب الذي تمّ تعييني به، لأجدني بلا مقعد ليصبح حلم حياتي بعدها هو الحصول على مقعد كبقية موظفي المكتب اللذين رمينني بنظرات فضول عجيبة من أول لحظة تعارف.
أما مديرة المكتب ف"لوت فمها" بغيظ، وقالت "ودي هنقعدها فين دي.. اقعدي ع السلم لو لقيتيلك مكان"، لكن القدر كان رحيمًا بي، ولأن شكلي "بنت ناس" انتشلتني إحدى الموظفات من الضياع، وأجلستني مكان موظفة غائبة؛ لإن رجلها كانت مكسورة، وعلى حد تعبير تلك الحنونة التي أجلستني قالت "عقبال رقبتها لما تتكسر هيه كمان، ونرتاح منها"، واكتشفت رغم صغر المكان، وضيقه إلا أنه كان يتسع للخلافات، والمناوشات، و"الأسافيين".
ومع الأيام رزقني الله بكرسي مِلك، ونظرت حولي فرأيت عالمًا لا حدود له يشبه الغابة، الغلبة فيها للأقوى، والأكثر سلاطة لسان، فكان للسائق أهمية أكبر من أهمية موظف صاحب مؤهل عالي مثلي، فكنت كلما التقيت ب"عم فتحي" السائق رفعت يدي تحية له، فيتمتم هو بكلمات مبهمة كأي مدير عام مشغول بمهامه.. أما موظفات المكتب فكل حسب سطوته، الأعلى صوتًا هو الأكثر قوة، وأذكر الست زينب "دبلوم صنايع"، وكيف كانت تجلس بجبروت تمامًا كما لو كانت مديرة للمكتب كله، فتحكي لجارتها في المقعد المجاور عن حياتها، وحياة أولادها، وحياة عائلتها بأكملها حتى تنقسم رؤوسنا نصفين من قصصها، التي لا تنتهي دون أن يجرؤ شخص واحد منا على الاعتراض، أو حتى على إلقاء نظرة جانبية.
بدأت أكره المكان كرهًا شديدًا، وهو الذي يخنق كل شيء حتى العبرات المكتومة، ولأنني مؤلفة قديمة بدأت في كتابة كل ما يخطر ببالي من قصص، وحكايات، ومؤلفات، ولي من الوقت الطويل ساعات وساعات، وعيني على بوابة المصلحة الحكومية تريد أن تتخطاها، وقلمي يكتب كل ما بداخلي بلا هوادة، وأنا أرى "الست زينب" تهتف بحرقة من أعماق قلبها، وهي تنظر إليّ قائلة "بت يا منال.. بتكتبي ايه؟.. أوعي تكوني بتكتبي قصص حياتنا"، ومع أول مجلة نشرت لي مؤلفاتي انطلقت حاملة قلمي، وأوراقي، وعمري الذي لا زال في المقتبل.
أهبط سلالم المصلحة بكل فرحة خارجة من عنق الزجاجة، فأمرّ بعم فتحي السائق، وهو ينظر إليّ بازدراء "مؤهل عالي، وأكيد مش من مستواه"، وفصل المختل عقليًا، و"زينات" التي لا تترك أحدًا في حاله، و"نعمة" التي تعرج بقدمها، وفي عينيها نظرات تحدي للعالم أجمع، و"عم سيد" الذي يمسك دفاتر الحضور والانصراف، وكأنه يمسك أرواح البشر، والمريض، والمنعزل، والموهوب وقد دفن مواهبه بين جدران المصلحة، والفيلسوف، والعانس، وصاحبة العيال، ومدام "انشراح" التي لا تبتسم إلا لمن يجمعها به مصالح مشتركة، وعبرت بوابة المصلحة بلا رجعة.. أخيرًا قررت كسر قيودي، وتحرير ذاتي، فلا دفتر إمضاء في الدور الرابع، ولا 220 جنيه راتب شهري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.