اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة فى جنيف، أمس، التقرير الذى قدمته مصر للرد على الاستعراض الدورى الشامل لأوضاع حقوق الإنسان لديها، وسط إشادة بالخطوات التى اتخذتها الحكومة فى مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والحريات الأساسية فى مختلف المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية. وبعد اعتماد تقرير مصر، قرر المجلس الدولى التابع للأمم المتحدة إنهاء كافة أعماله أمس، وتعليق باقى فعاليات الأسبوع الأخير من الدورة 43 لحقوق الإنسان، فى ضوء الإجراءات الاحترازية التى اتخذها عدد من دول أوروبا، ومنها سويسرا، لمواجهة فيروس كورونا. مندوب مصر بالأممالمتحدة: مصر مصممة على الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان واستئصال آفة الإرهاب وقال السفير علاء يوسف، المندوب الدائم لمصر لدى الأممالمتحدة، فى بيانه أمام المجلس الدولى، إن مصر قبلت 87.37% من التوصيات التى قُدمت إليها خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة التى عُقدت فى 13 نوفمبر الماضى، بعد دراستها والتشاور بشأنها مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، مؤكداً حرص الدولة على التعاون مع مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، وآلية المراجعة الدورية الشاملة التابعة له، باعتبارها تُشكل منبراً للحوار التفاعلى البنّاء، وتبادل الخبرات والآراء من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها فى مختلف دول العالم، تأسيساً على مبادئ التعاون والحوار الموضوعى، وبعيداً عن التسييس والانتقائية، ما يسهم فى تعزيز قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها الدولية. اللجنة العليا ستحدد تدابير تنفيذ التوصيات الجديدة وأضاف «يوسف» فى كلمته أن اللجنة الوطنية العليا الدائمة لحقوق الإنسان المنشأة حديثاً فى وزارة الخارجية ستتولى تحديد السياسات والتدابير اللازمة لتنفيذ التوصيات التى قبلتها مصر، بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية ومنظمات المجتمع المدنى، مشيراً إلى أن احترام مصر لحقوق الإنسان والحريات الأساسية يستند إلى قاعدة متينة يرسخها دستور 2014، الذى يعتبر احترام الحقوق والحريات وحمايتها من مقومات النظام السياسى للدولة، بل وتُعد القوانين ذات الصلة بالحقوق المنصوص عليها فيه من القوانين المكملة له. وأكد «يوسف» أن مصر تراجع دورياً موقفها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، والتحفظات عليها، فى إطار التزامها باحترام وصون الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، وبإعمال حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً، لافتاً إلى أن الدستور ألزم السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بأحكام الاتفاقيات الدولية التى يتم التصديق عليها كالقوانين الداخلية، الأمر الذى يعطى الحق لمن يتضرر من عدم تطبيقها فى اللجوء إلى القضاء، كما منح اتفاقيات حقوق الإنسان وضعاً خاصاً، ما يصبغ الحقوق والحريات الواردة بتلك الاتفاقيات بالحماية المقررة للقاعدة الدستورية.ورداً على بعض المنظمات غير الحكومية، شدد «يوسف» على ضرورة احترام مبدأى سيادة القانون والمساواة أمامه، وعدم السماح لأى شخص بالتمتع بوضعية خاصة تعلو على القانون، لافتاً إلى أن مصر لديها إيمان كامل وتصميم أكيد على الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، وإقرار السياسات وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك. وأشار المندوب الدائم لمصر لدى الأممالمتحدة إلى أن الحكومة ستواصل التعاون مع ممثلى المجتمع المدنى، لتحقيق مطالب الشعب فى 30 يونيو 2013 فى بناء قاعدة مؤسسية لمجتمع ديمقراطى يحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، متابعاً: «الدولة لديها تصميم لا يتزعزع على استئصال آفة الإرهاب البغيض بكل ما تملك لحماية أمن وسلامة مواطنيها فى إطار الشرعية الدستورية والقانونية، وسبق إعادة النظر فى قانون مكافحة الإرهاب وتعديله اتساقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بحيث يكفل سريان الحقوق المصونة والمكفولة دستوراً وقانوناً دون تعطيل، وسريان قانون الإجراءات الجنائية فى حالة الاتهام بجريمة إرهابية، ومن ثم قبلت مصر جميع التوصيات التى تلقتها فى هذا الصدد». "نصر الدين": استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان بنهاية العام الجارى وقال السفير وائل نصر الدين، نائب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان، فى تصريحات ل«الوطن»، إنه وفقاً لتقرير مصر أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان، فإن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان ستتولى ملف حقوق الإنسان بشكل دائم من الآن، وستعمل على تنفيذ التوصيات، وهى التى يرأسها وزير الخارجية، فيما يمثل قطاع حقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية، الأمانة الفنية لها، وستبدأ اللجنة العمل على التوصيات فى 3 محاور، الأول يتمثل فى التنسيق مع المؤسسات الوطنية لبحث الآليات والجدول الزمنى لتنفيذ التوصيات التى قبلتها مصر، فيما يتمثل المحور الثانى فى التنسيق مع المجتمع المدنى فى ذات الإطار، وبحث كيفية مساهمته فى تنفيذ التوصيات، والمحور الثالث هو دمج التوصيات التى تمت الموافقة عليها فى استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان يجرى إعدادها من قبَل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان.وأضاف «نصر الدين» أنه من المفترض الانتهاء من إعداد هذه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان قبل نهاية العام الجارى. حقوقيون: تعديل قانون منظمات المجتمع المدنى وتمكين المرأة وحقوق ذوى الإعاقة أهم الإنجازات فى الملف الحقوقى وقدم عدد من المنظمات كلمة خلال جلسة الاعتماد، منها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان برئاسة حافظ أبوسعدة، الذى أكد فى كلمته أنه رغم جهود مصر فى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فإنها استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة فى ملف حقوق الإنسان، من بينها تعديل قانون منظمات المجتمع المدنى، وتمكين المرأة سياسياً، وعلى مستوى العمل العام، إضافة إلى تقديم قانون يضمن حقوق ذوى الإعاقة، وكل هذه القضايا كانت ضمن التوصيات الموجهة لمصر. وأضاف «أبوسعدة»: أتوقع تنفيذ مصر التوصيات الجديدة، لتبنى خططاً مستقبلية لرفعة حقوق الإنسان، بالشراكة مع المجتمع المدنى.وقال محسن عوض، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن هناك تقدماً فى موقف مصر من بعض القضايا الخاصة بحقوق الإنسان وفق التقرير المعتمد من قبَل المجلس الأممى، مضيفاً: «يتبقى إصلاح عدد من القوانين التى من شأنها قصر عقوبة الإعدام على الجرائم الأشد غلظة، وهذا ليس له علاقة بمكافحة الإرهاب، فالإرهاب من أشد الجرائم غلظة». "عوض": إشادة دولية بملف مصر وأضاف «عوض» ل«الوطن» أن مصر أحرزت تقدماً كبيراً فى مجال التعاون مع الأممالمتحدة، وتحققت بالفعل جوانب كبيرة كانت موقع إشادة من المجلس الدولى لحقوق الإنسان، لافتاً إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان كانت له مساهمة فى المراجعة الدورية الشاملة، ويكون له تقرير لآلية المراجعة الدورية الشاملة، موضحاً أن جزءاً أساسياً من عمل المجلس هو متابعة تنفيذ التوصيات المعتمدة بالتعاون مع الحكومة، خلال الأربع سنوات المقبلة، حيث تتم آلية المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان كل أربع سنوات.
تعليق: مصر تعاملت باحترافية مصر تعاملت بجدية واحترافية مع توصيات المراجعة الشاملة، وقبلت معظمها وهذا دليل على التعامل الموضوعى والجدى، واحترامها للمواثيق والاتفاقيات الدولية، ودليل قاطع على توافر إرادة سياسية للارتقاء بحالة حقوق الإنسان فى مصر، فى الوقت الذى يحاول البعض النفاذ عبر تلك البوابة للتدخل فى الشئون الداخلية، أو تشويه صورة مصر. وما حدث فى جنيف أمام المجلس الأممى لحقوق الإنسان، هو نتاج جهود وزارة الخارجية، وتنسيقها مع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى. عصام شيحة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان