أصبح لزاماً علىّ أن أنوه فى كل مقال أكتبه، وكل جدل سياسى أخوضه، وكل بوست على الفيس بوك أنشره، إلى أنى شاركت فى ثورة 25 يناير وما سبقها وما تبعها من مظاهرات قامت اعتراضاً على ظلم، أو مطالبة بحق، لأدرأ عن نفسى تهمة الفلولية أو التأخون أو العمالة أو خيانة الثورة! فمؤيدو «السيسى» يحكمون على كل من تسول له نفسه أن يعارض النظام المقبل -أو الحالى- بأنه إخوانى إرهابى مستتر، أو خائن وعميل وأجندة! أما معارضو «السيسى» ومعهم المزايدون الذين يظنون أن الوطنية والثورية والبطولة حكر عليهم، فيعتبرون كل مؤيدى «السيسى» فلولاً وحزب كنبة تائبين، أو خونة ومدعين! وعليه، أصبحت أنا ومَن مثلى ممن شاركوا فى أحداث الثورة بل وإرهاصاتها، بدءاً من مظاهرات «كفاية» و«خالد سعيد» ثم «25 يناير»، مروراً بأحداث «محمد محمود ومجلس الوزراء والاتحادية»، وصولاً إلى «30 يونيو» ثم تأييد «السيسى»، غرباء فى هذا الوطن! فلا الفريق الثانى الذى يضم الثوار -زملاء الأمس القريب- يقبلنا بعد ارتكابنا خطيئة تأييد مرشح عسكرى، ولا نقبل نحن أن نكون فى زمرة الفريق الأول الذى يُشكل الفلول سواده الأعظم، رغم أنى قلت من قبل أن «ثورة 30 يونيو تجُبّ ما قبلها»، إلا أن الفلول عادوا إلى ما كانوا عليه من تهكمهم على الثوار، بعد أن انتهت مهمتهم المشتركة مع أبناء عمومتهم بالقضاء على الغريب! أما عن تيار الإسلام السياسى، الإخوانى والسلفى، فسوف يظل بيننا وبينهم ما صنع الحداد وما سوف يصنع. لماذا تتشظى الكتلة الثورية المتماسكة بعد كل ثورة إلى كتل فى منتهى الاختلاف والتنافر والاقتتال أيضاً؟! لماذا لا يعى الفلول أن ثورة 30 يونيو ما كانت لتؤتى ثمارها لولا مشاركة إخوانهم الثوار، ولو امتد اعتصامهم أمام الاتحادية حتى يومنا هذا؟! ولماذا لا يعى الثوار أن تطبيق الديمقراطية التى تكبدنا من أجل تطبيقها ما تكبدناه، يتطلب منهم فى المقام الأول تقبل الآخر واحترام رأيه ورؤيته كيفما تكون، وأن الثورة التى قمنا بها لم تكن غايتها التخلص من نظام قمعى مستبد، إنما كان التخلص منه مجرد وسيلة لتحقيق غاية أهم وأرقى، هى إقامة مجتمع يحقق المساواة ويحترم الحقوق والحريات، ويحميه القانون، وليس مجتمعاً همجياً يستبد فيه فريق برأيه مصادراً على حق الآخرين فى مشاركته اختيار المصير؟! لماذا يقول الثوار ما لا يفعلون؟! كبر مقتاً عند الله أن يقولوا ما لا يفعلون.