يحاول الأمير القطرى أن يكسر عزلته بالخروج إلى محور الشمال الأفريقى ليتنفس هواء جديداً بمحور الجزائرتونس السودان، فقد أُغلقت الأبواب عليه فى الجزيرة العربية ويريد مساحة أخرى للحياة وأيضاً للتآمر، ويضيف لرئته الإخوانية أوكسجيناً بعدما امتلأ صدره بالعادم الخليجى المقبل من الرياض وأبوظبى والكويت، واختار الرجل السودان التى يعانى بشيرها الإخوانى وحركته، فكانت الهبة فى ختام زيارته مليار دولار كوديعة فى البنك المركزى السودانى، ليطيل عمر البشير ويضاف إلى مليار سابق دفعه لإنقاذ الإخوان السودانيين -تذكرنا بمليارى الدوحة لمرسى- من الإقصاء من مقاعد الحكم بعد أزمة مظاهرات الوقود التى أسفرت عن قتلى وجرحى بين صفوف المحتجين على أيدى نظام القمع الإخوانى، وليمنح البشير استدامة على الكرسى ويخفف عنه ضغوط الخليج التى علقت مصارفه وبنوكه التعامل مع البنوك السودانية، إنها لعبة قطرية يحاول بها تميم دعم حكمه فى ظل أزمته مع دول الخليج ويسعى أيضاً إلى خلق لوبى عربى آخر ضد محور مصر/ دول الخليج، وما دامت السودان مارقة لأنها إخوانية فهناك إخوانية أخرى -أو «فى طريقها»- هى تونس رفضت فيها بعض قوى المعارضة حضور لقاء تميم فى قصر قرطاج مع المرزوقى، بل وصف سمير بالطيب، أحد قادة حزب المسار الاجتماعى، الزيارة بأنها «خزعبلات سياسية»، تونس التى ترانا انقلابيين متضامنة مع قطر، فالدعم المقبل من الدوحة كبير، وهناك أيضاً المصلحة لإبقاء الجارة ليبيا كما هى «لا دولة»، إذا لم يسيطر الإخوان عليها ويركبون السلطة فيها، أما الجزائر فتلك قصة أخرى تتعلق بدوام استمرار بوتفليقة فى سدة الحكم، وذهاب تميم إلى هناك بالتزامن مع زيارة جون كيرى إلى العاصمة الجزائرية لتأكيد ارتباط الزيارتين بترتيبات فى المنطقة تلعب فيها الدوحة دور الممول ولتظل جزائر بوتفليقة، التى ترتبط بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الدوحة، كما هى دون تبديل أو تغيير ما دامت المصلحة الأمريكية تقتضى ذلك، فضلاً عن رفض تحالف عربى قوى يمنح دولة مثل مصر فرصة للذهاب بعيداً عن فوضى أرادوها لنا بالمظلمين! تصريحات كاتب الدولة الجزائرى لنفى الربط بين زيارتى كيرى وتميم للجزائر لأبلغ دليل على أن هناك شيئاً يدور فى الكواليس تكشفه مصالح معلنة ورغبة فى دوام سلطة وسعى لخدمة الإخوان وإصرار على أن نظل معلقين فى حبال الإرهاب والعوز والحاجة وعدم الذهاب إلى باحات المستقبل! المؤامرة ليست خيالاً لقلم بل حقيقة تتكشف يوماً بعد يوم، وغداً سترون المواقف المعلنة التى تفضح ما حيك فى الغرف المغلقة، واشنطن لن ترتاح لاختياراتنا وتقبل فقط بها لاستمرار نفوذ لا تريد خسرانه، ففى نفس الوقت الذى تعلن فيه دعمها تكون قد أوكلت لآخرين بمهام جديدة لحربنا وحصارنا. وحشرة المنطقة «الدوحة» تهرول لخدمة سيدتها وعبيدها الإخوان المظلمين، وتميمها يقفز إلى الخلف بزيارة بدأت بدولة فاشلة وانتهت بدولة شائخة!!