إن لم تكن فاسداً.. كن منافقاً وسيأتيك الفساد لاحقاً.. على كل ما تمر به مصر من أزمات وإرهاب وأمراض يبقى مرض الادعاء محنة كبرى، ونحن فى عصر الأدعياء، وجميعهم فى الكذب والنفاق والجهل سواء. والادعاء نار موقدة، وعندما يتزامن مع العجز فى التفكير وانعدام الرؤية، فسوف نظل نتصور أن الحاكم هو مبعوث العناية الإلهية وأن الحكومة هى الأب والأم والعائلة ونحن الشعب ننتظر لنأخذ ولنرسخ أننا عالة وعلة. فقط نحتج وننتقد ونزايد فى الادعاء، بداية من أدعياء الثورة؛ حيث إنها أصبحت مهنة والمزايدة هنا لا تعرف الرحمة بالوطن.. مروراً بأدعياء التدين، وبعضهم كارثة على الدين كله وبعضهم طالب دنيا وسلطة، لكنه يتوارى خلف أشكال تدين لا تعرف عمق الدين، ومروراً بأدعياء كفاءة وعلم، والعلم منهم براء، وبينهم وبين الكفاءة مسافة فاصلة كالتى تفصل السماء عن الأرض. ومروراً بأدعياء المعارضة من أجل المعارضة والشهرة والعزف على لحن «خالف تُعرف»، وتصبح ناشطاً أو مناضلاً، وهو نضال مزيف ومعارضة هشة لا يجنى منها الوطن سوى الشقاء، بينما يجنى بعض أصحابها الشهرة والثراء. على جثة القيم.. لقد نزعت قيمة المعارضة من سياقها على أيدى معارضى هذه الفترة. المعارضة تكون حقيقية وقوية عندما تبنى على حق وتدافع عن حق بوعى وفهم ولا تبنى على باطل أو جهل أو تصبح عملاً، هروباً من البطالة أو بحثاً عن الأضواء والوجاهة، وصولاً إلى حملة مباخر النفاق، سواء كان النفاق مجانياً أو نفاقاً من أجل مصلحة أو بشر وُلدت بالفطرة منافقة. مصر تشهد الآن حالة من النفاق ل«السيسى»، وهى لزوم ما لا يلزم، وتضره كثيراً وتعوقه. فمتى يكف الإعلام عن «وصلات» الحب التى لا تطرب؟ فالرجل لا يحتاج إلى دعاية جهولة وأغانٍ وألحان أصبحت كالمطر.. هناك لحظات تتأكد فيها مقولة «من الحب ما قتل» ومن النفاق ما دمر مع سبق الإصرار. هذا الرجل الرمز الذى جاء فى الوقت المناسب لمصر، هل يليق به هذا الأداء الرخيص فى إعلان الحب، سواء كان حباً أو مزايدة ونفاقاً؟ أوقفوا كل رغبات إعلان الحب أو النفاق والسيل المتدفق من الألحان والأغنيات، ومن أراد الخير لمصر فلا يجب أن تكون لديه أى رغبة ولا فعل ولا هدف سوى العمل، بداية من تغيير طريقة التفكير والانحياز للإيجابية والموضوعية وامتلاك ما ينبغى أن يكون من مهارات ودقة، أياً كان نوع العمل، وصولاً إلى الانتصار على الجهل بكل تنويعاته وأشكاله والبحث فى أهداف كبرى وخلق مشروعات قومية ندور حولها بدلاً من الفراغ الفكرى والدوران بين عجلات النفاق أو الجدل أو التشكيك أو السلبية أو ذلك كله معاً؛ فهذه أمراض تصيب أى مجتمع بالشلل. إذا كنتم تحبون الوطن حباً خالصاً وتريدون «السيسى» قائداً له فانصروه، وطريق النصر المبين لا يعرف الادعاء، يعرف فعلاً وقيماً وسلوكيات أكثر تحضراً. وعلى «السيسى» أن يقدم مشروعه، وقبله وبعده يعمل بمبدأ «اللهم اكفنى شر أدعياء التقرب والحب والنفاق، أما أعدائى فعملى كفيل بهم».