* لا خير في معارضة. ولا خير في موالاة.. قلت ذلك.. فسألني السائل: كيف هذا؟!.. "طب نعمل إيه يعني؟!".. قلت: لا أدري ماذا نفعل.. صدقني لا أدري.. كنت علي وشك أن أقول لك: نعارض في الله. ونوالي في الله.. لكن ذلك أيضاً جعله الناس هوي.. فكل امرئ يري نفسه معارضاً في الله.. ويري نفسه موالياً في الله.. وتلك سرائر لا يعلمها إلا الله وحده.. ولا نستطيع نحن أن نضبطها.. يعني الإخوان ومَن لف لفهم يرون أنفسهم ينتحرون في الله ولله.. والذين يوالون ويؤيدون ويطبلون ويزمرون. يرون أنهم مؤيدون في الله.. "مش عارف نعمل إيه؟!".. وقد كان المنافقون علي عهد رسول الله "صلي الله عليه وسلم" يحلفون إن أرادوا إلا إحساناً وتوفيقاً. وأنهم لو علموا حرباً وقتالاً وخروجاً لخرجوا وحاربوا.. كان المنافقون يفسدون ويقولون إنهم مصلحون.. ولأن النفاق أخطر آفة أصابت الدين.. فقد تكفل الله وحده بفضحهم. وحربهم وبيان سماتهم.. لكنه سبحانه لم يأمر بقتالهم.. وقال سبحانه: "هم العدو فاحذرهم".. ولم يقل هم العدو فقاتلهم.. والكفار أمرهم سهل وميسور: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب".. الأمر بقتال الكفار واضح جداً وصريح. ولا لبس فيه.. أما المنافقون فهم الطامة الكبري. والابتلاء العظيم.. وليس هناك أمر بقتالهم ولكن بالحذر منهم.. وقد أظهر الله سيماهم لنعرفهم ونحذرهم.. تعرفهم في لحن القول.. وإن يقولوا تسمع لقولهم.. وإن يكتبوا تعجب بكتابتهم.. وكثيرون منا سماعون لهم.. وقُراء لهم.. ولحن القول فيه كلام كثير.. قيل إنه إمالة القول عن معناه.. كلام مرتب وجميل يخلب الألباب. لكن مقصده خبيث وسييء.. وقيل إن لحن القول هو الخطأ اللغوي. أو النحوي. وعدم إجادة الإعراب.. وقيل إنه التفسير المغرض والهوائي للنصوص من القرآن والسُنَّة.. وقيل إنه التأويل علي المزاج.. وقيل إنه إطلاق أسماء جميلة وبراقة علي معاني قبيحة. مثل تسمية الجنس الحرام حُباً.. وتسمية الفوضي حرية.. وتسمية الفتنة والوكسة ثورة. والخلاصة أننا غارقون جميعاً في مستنقع النفاق.. وأن هذا الزمن هو زمن المنافقين والنفاق.. لم يعد هناك معسكر للكفار. في مقابل معسكر للمؤمنين.. لم يعد هناك كفار ومؤمنون. لكن الفرق المتقاتلة كلها هي فرق النفاق.. منافقون ضد منافقين.. وليرفعوا ماشاءوا من الشعارات. فذلك ليس سوي لحن القول.. ليس سوي كلام حق يراد به باطل. "طب نعمل إيه؟!".. ببساطة يا سيدي.. دعك من الحرام والحلال إذا قامت الحرب بين فرق المنافقين "اركن الإيمان والكفر علي جنب".. فلا يوجد بيننا الآن مؤمنون ولا كفرة.. تصرف علي أساس أنك إما قاتل وإما مقتول.. وأن خصمك منافق. وأنت منافق.. فكن منافقاً قاتلاً. ولا تكن منافقاً مقتولاً.. إذا قامت الحرب بين المنافقين فلا تسأل عن الحق "فين".. أو مع مَن؟!!.. فلا شيء واضح ولا يوجد حق.. أنا علي باطل. وأنت علي باطل.. فلتكن الباطل القاتل. ولا تكن الباطل المقتول.. أنت علي الحرام. وخصمك علي الحرام.. فكن الحرام القاتل. ولا تكن الحرام المقتول.. أنت وخصمك في النار.. فاذهب إلي جهنم قاتلاً. ولا تذهب إليها مقتولاً. المتقاتلون جميعاً منافقون مهما اختلفت الرايات والشعارات التي يقاتلون تحتها "إحسبها كده علشان ترتاح وما تفكرش كتير".. أينما تولوا فثم وجه النفاق.. اختر ما شئت من الفرق المتحاربة. فكلها فرق النفاق.. باسم الله.. باسم الحرية.. باسم العدالة الاجتماعية.. باسم الليبرالية.. بعلامات رابعة.. بعلامات الساعة.. بإشارات المرور.. باسم الوطن "كله محصل بعضه".. من أجل ذلك لا تثريب عليك إذا اتجهت إلي أي فريق شئت.. لن يدخلك فريق منهم الجنة. ولن يدخلك الآخر النار.. "حتقول لي: أنا خلاص.. لا مع دول.. ولا مع دول".. سأقول لك: "تبقي منافق برضه".. لأن أحداً لن يتركك في حالك.. وإذا قامت الحرب فإن المحايدين هم أسوأ المنافقين.. إذا قامت الحرب فلابد أن تكون متحيزاً إلي فئة. ومتحرفاً لقتال.. إذا اشتعلت الفتنة فإن المحايدين والقاعدين مع الخوالف سيكونون أول ضحاياها.. والفتنة لا تصيب الذين ظلموا وأشعلوها خاصة. بل ستطال الجميع وأولهم المحايدون والخوالف و"اللي قالوا: مالناش دعوة".. والذين يدعون ويرفعون أكف الضراعة إلي الله كل ساعة قائلين: "اللهم أهلك الظالمين بالظالمين. وأخرجنا من بينهم سالمين".. لا يستجاب لهم.. لأنهم لن يخرجوا سالمين. فالفتنة كما ورد في القرآن "لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. وسوف تصيب الجميع.. فدعاء أخرجنا من بينهم سالمين لا يستجاب له.. وهو يشبه تماماً قول بني إسرائيل أجدادنا: "فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هُنا قاعدون". * * * * * وأخطر المنافقين هم فريق "مالناش دعوة.. وعايزين ناكل عيش.. ربنا يولي من يصلح".. وإذا كان المتقاتلون قد ظلمونا.. أي ظلموا غيرهم.. فإن "اللي مالهمش دعوة ظلموا أنفسهم".. والظالم لنفسه أسوأ الظالمين.. وإذا اقتنعت بأن زماننا ليس فيه كفرة. وليس فيه مؤمنون. وأن كل الخصوم والفرقاء منافقون.. فإنك ساعتها لن تحتاج إلي برامج التوك توك شو. والمحللين والمفتين.. سوف يكون قرارك من رأسك.. فلا فرق بين فريق وآخر.. ولا معني للتفكير وانتظار رأي المفتي أو أمير الجماعة أو المسئول الكبير "كله زي بعضه".. الذي قال: "أنا بتاع ربنا".. يشبه الذي يبدو لك أنه مع الله.. بينما الجميع يقودهم الشيطان. لا توجع دماغك في البحث عن الحقيقة لأنك لن تجدها في مجتمع النفاق والمنافقين.. فلا أحد منا لديه صديق في السر أو عدو في العلانية.. كما وصف خالد بن صفوان.. شبيب بن شيبة.. ووجهي صديقك الطلق البشوش.. وصدري عدوك اللدود.. ونحن نصادق ألسنة. وملامح. ولا نصادق أو نحب قلوباً وأرواحاً وعقولاً.. ونحن كما قلت لك من قبل: لا نختار بين مُرَّين. وشرَّين. ونفاقين وكذبين.. و"لازم نختار".. لا يمكن أن نقول: لا هذا ولا ذاك.. هذا ترف لا نملكه.. وفي زمن الحرب لابد من اختيار.. إنه اختيار المُكرَه المجبر. وليس اختيار ذي الإرادة. وفي زمن النفاق لا تصدُق معارضة ولا موالاة.. فنحن نمتلك خاصية لا أراها في أي أمة من الأمم.. وهي أننا نحسن لمن نعارضه. ونسيء إلي من نواليه.. وهناك كثيرون من القادة والزعماء والمسئولين. أحرقهم التأييد والموالاة.. وكثيرون منهم أيضاً رفعت شأنهم المعارضة. وزادتهم توهجاً وتألقاً. "إسألني ليه؟!".. أقول لسيادتك يا صديقي أشرف الحسانين. ويا صديقي علي قاسم. ويا صديقي حمادة بدران أبودوح.. ويا كل أصدقائي.. إنها ثقافة النسوان التي حدثتكم عنها قبل ذلك. والنسوان لسن عاطفيات كما يزعم كثيرون.. لكنهن انفعاليات وانطباعيات.. وهذه الثقافة الانطباعية انسحبت علي الشعب كله إلا من رحم ربي وقليل ما هم.. السياسة عندنا تدار بمنطق حب النسوان وكراهيتهن.. تدار بالمنظر لا بالجوهر.. "شكله حلو.. شكله وحش.. كلامه حلو.. كلامه وحش".. وتدار أيضاً بردح النسوان في المعارضة.. واندفاعهن اللامحسوب في الموالاة.. وآراؤنا مثل آراء النسوان. تعتمد علي النقل وليس علي العقل.. لذلك تنتشر في مجتمعنا الشائعات والأكاذيب. لأنها قائمة علي ثقافة النسوان اللائي يتناقلن الأقوال والآراء ولا يفكرن فيها ولا يعرضنها علي عقل.. حيث لا عقل.. والمظهر عندنا سيد الموقف مثل النسوان.. المظهر الديني.. حتي في التدين نحكم علي المظهر والمظاهر الدينية عند الرجال تتطابق مع مظاهر ومساحيق التجمل عند النسوان.. والتدين عندنا أو عند الرجال والنساء هنا له صيحات وتقليعات وماركات مثل الموضة تماماً في أزياء وتسريحات وماكياج النسوان.. والفتاوي علي الموضة. والدعوة الإسلامية علي الموضة.. وأسماء المنظمات والجماعات الإرهابية مثل بيوت الأزياء العالمية والماركات الدولية.. والعمليات الإرهابية لها صيحات مثل صيحات الموضة.. "السنة دي الموضة عمليات انتحارية.. السنة اللي جاية الموضة تفجيرات علي البعد".. وهكذا.. ولا أحد.. يستطيع أن يلاحق الموضة في التدين.. كما لا يستطيع أن يلاحق الموضة في المساحيق والأزياء. هذا المشهد برمته مشهد نفاقي "من بره.. الله.. الله.. ومن جوه يعلم الله".. وهذا المثل العامي المصري البليغ يؤكد لنا استحالة الحكم الصحيح علي ما يحدث ويجري في بلدنا.. فالباحث عن الوضوح والحقيقة والحسم والرأي القاطع والقول الفصل باحث أعمي عن قطة سوداء لا وجود لها في غرفة مظلمة. كما يقول الفلاسفة.. فهي ظلمات بعضها فوق بعض. * * * * * وإذا قلت لامرئ في هذه الظلمات: استفت قلبك.. فأنت تخدع نفسك وتخدعه.. فالقلوب التي يمكن استفتاؤها ماتت وولت مدبرة.. وأنت لا تستطيع أن تسمع من في القبور ولا يمكن أن تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين.. ولأننا في "ملقف نفاق".. ولأن الحق مات في بحر الظلمات فإن الحكم في القضية مؤجل إلي يوم القيامة.. إن الحكم إلا لله.. هو سبحانه الذي يفصل بيننا يوم القيامة فيما اختلفنا فيه وتصارعنا عليه وقتل بعضنا بعضاً من أجله.. لا يغرنك من ينتحر باسم الله ولا من يقتل باسم الله ولا من يفوز في الانتخابات باسم الله.. ولا من يقول: إسلامية.. إسلامية.. ولا تنخدع فكل هذا "أونطة المنافقين".. الله وحده سبحانه هو الذي يحكم بيننا يوم القيامة.. والطريق إلي جهنم في زمن النفاق مفروش بالشعارات والعلامات والرموز الدينية.. وكل هؤلاء يا أصدقائي هم طلائع وقوات استطلاع المسيخ الدجال الذين يمهدون له الأرض قبل ظهوره.. وزمان كان اختلاف العلماء والفقهاء.. رحمة.. أما اليوم وفي عصر النفاق حيث لا حقيقة ولا يقين.. فإن عندي لك إذا أردت النجاة قاعدة ذهبية "شوف الناس دي رايحة فين وامشي عكسهم.. إذا شرقوا فغرب.. وإذا قبلوا فبحر.. وإذا نزلوا فاركب.. وإذا ركبوا فانزل.. وإذا قالوا فاصمت.. وإذا صمتوا فقل".. اجعلهم بوصلتك واتبع عكس طريقهم.. ولكن لا تحايد.. ولا تقل: ماليش دعوة.. فإن لك ألف دعوة إلا دعوتهم.. وأخطر المنافقين هم الذين ينافقون باسم الله.. هؤلاء يا صديقي إذا أردت النجاة.. فإن اختلافهم زحمة.. ومخالفتهم رحمة!!! نظرة * الشك هو الذي يوصلك إلي اليقين.. لا يوجد يقين غير قابل للشك سوي "لا إله إلا الله.. محمد رسول الله".. وإذا بلغنا درجة اليقين بتوحيد الله.. والشهادة بوحدانيته ولرسوله صلي الله عليه وسلم.. فإن كل ما قاله الله عز وجل في كتابه يقين.. وكل ما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم يقين.. وبعد ذلك وخصوصاً في زمن النفاق.. عليك أن تشك في كل شيء.. في التفسير والتأويل والفتاوي والتنظيمات والجماعات.. عليك أن تعرف أن الفرقة الناجية الوحيدة من بين ثلاث وسبعين فرقة هي التي ليست فرقة وليست جماعة وليست تنظيماً.. وليست منظمة.. والمقصود بالجماعة هي عامة المسلمين الذين ليسوا فرقاً ولا تياراً ولا إخواناً.. ولا أخوات ولا أنصاراً لبيت المقدس.. ولا حماس ولا حزب الله ولا داعش ولا نصرة ولا سنة ولا شيعة ولا قاعدة.. كل هذه فرق هالكة.. فرق المسيخ الدجال.. فرق النفاق.. وهي نفس الفرق الهالكة في السياسة.. لكن الفرق الهالكة في السياسة أقل خطراً من الفرق الهالكة في الدين وورد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.. يهلك فيك اثنان.. محب غال.. قال.. والغالي هو المبالغ.. أي الغلو في حب علي كرم الله وجهه والغالي هو التارك والمناوئ بسبب كراهيته للإمام.. فالفريقان هالكان.. من أحب كلفاً ومن كره تلفاً.. يعني أحب حتي التكلف والعنف والإرهاب وعمي القلب.. وكره حتي أهلكته الكراهية وأهلكت به.. كله كذب.. يا أخي سبحان الله.. لم أر مثلنا يكذبون وهو قائلون وكاثبون ومتحدثون ويكذبون وهم صامتون.. يكذبون وهم أيقاظ ويكذبون وهم نائمون!!!