تستمر الجهود المبذولة من قبل البنك المركزى لترجيح كفة المواطن وتحسين مستوى معيشته قدر الإمكان، ليختتم «المركزى» عام 2019 بإصدار قرار برفع الحد الأقصى لنسبة عبء الدين إلى مجموع الدخل الشهرى للقروض لأغراض استهلاكية كالقروض الشخصية وتمويل شراء السيارات وبطاقات الائتمان، إلى 50% بدلاً من 35%. بعد قرار "المركزى" رفع الحد الأدنى لعبء الدين إلى 50% ولعل قرار البنك المركزى جاء مدفوعاً بتحسن أداء الاقتصاد الكلى والذى ظهر جلياً فى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى ليصل إلى 5.7%، وتراجع معدل البطالة لتسجل 7.8% بالربع الثالث من 2019، مقابل 10% فى الربع الثالث من 2018، والذى سيؤدى إلى زيادة معدلات الإنتاجية والتشغيل. كما شهد القطاع المصرفى تحسناً فى مؤشراته الكلية، حيث ارتفعت ودائع البنوك لتصل إلى 4.152 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل 3.818 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2018، لتحقق زيادة بقيمة 334 مليار جنيه بمعدل نمو 8٫7٪، وارتفعت حصيلة القروض المقدمة للعملاء من البنوك لتسجل 1.807 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل 1.801 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2018، لتحقق القروض زيادة بقيمة 5.428 مليار جنيه وبمعدل نمو 0.33%، كما ارتفع المركز المالى الإجمالى للبنوك إلى 5.8 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل 5.4 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2018، ليحقق نمواً بقيمة 389.9 مليار جنيه بمعدل نمو 7.2%. كما نمت قروض القطاع العائلى بنسبة 20% تقريباً خلال الشهور التسعة الأولى من العام السابق، إلى ما يعادل 365.74 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، مقارنة بنحو 304.94 مليار فى ديسمبر 2018. لعل نمو مؤشرات القطاع المصرفى خلال الفترة الماضية، هو ما دفع البنك المركزى لإتاحة مساحة أكبر للبنوك لتوظيف المزيد من الودائع فى نمو معدلات الإقراض، خاصة أن المؤشرات تؤكد تراجع نسب توظيف الودائع للقروض من 47.4% بنهاية مارس الماضى إلى 44% بنهاية أكتوبر الماضى، وهذا ما عبر عنه طارق عامر محافظ البنك المركزى خلال حديثه فى أحد التصريحات الصحفية السابقة، قائلاً «إن معدلات توظيف الودائع فى مصر ضعيف، حيث إن نسبة التوظيف 44%، مقابل 140% فى ألمانيا، حيث إن القطاع المصرفى يوظف تريليون جنيه فقط، وإذا ما تم ضخ نحو تريليون أو تريليونى جنيه أخرى للقطاع الخاص بالتأكيد سينتعش الاقتصاد القومى وسيحقق معدلات نمو أكثر إيجابية». على صعيد آخر تراجعت معدلات التضخم على مدار الفترة الماضية لتسجل 2.1% خلال نوفمبر الماضى على أساس سنوى، إلا أنه لم يقابلها زيادة فى مساهمة الإنفاق الاستهلاكى فى الناتج المحلى الإجمالى، مما يعنى محدودية إنفاق الأفراد، والذى قد ينذر بأزمة ركود خلال الفترة القادمة إذا لم يتم تحسين معدلات الإنفاق الاستهلاكى، ولعل تلك من الأسباب التى دفعت البنك المركزى لزيادة نسب عبء الدين من الدخل الشهرى لتكون بمثابة تحفيز على نمو الإنفاق الاستهلاكى وانتعاش السوق المحلية وسرعة معدل دوران الأموال. ويأتى قرار البنك المركزى برفع الحد الأقصى لإجمالى أقساط القروض لأغراض استهلاكية من مجموع الدخل الشهرى، استكمالاً لحزمة القرارات التحفيزية الداعمة للاقتصاد القومى، والتى تضمنت إطلاق 4 مبادرات مؤخراً لدعم القطاع الصناعى والمصانع المتعثرة والتمويل العقارى ودعم القطاع السياحى بفوائد ميسرة، فضلاً عن اتباع البنك المركزى سياسة توسعية تستهدف تخفيض أسعار الفائدة وتحفيز الأفراد على زيادة الاقتراض من البنوك، وفقاً لقيادات البنوك ورؤساء قطاع التجزئة. وفى هذا الصدد، رصد «الوطن الاقتصادى» توقعات قيادات قطاع التجزئة المصرفية وقروض الأفراد بالبنوك العاملة فى السوق المحلية حول تأثير القرار على محافظ التجزئة بالبنوك، حيث توقع المصرفيون انتعاشة قوية فى قروض الأفراد خلال الفترة المقبلة، على أن ترتفع نسب نمو محافظ التجزئة من 20 إلى 40% فى ظل زيادة قدرة الأفراد على الحصول على تمويلات. وقال عاكف المغربى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن قرار البنك المركزى برفع الحد الأقصى لعبء الدين الشهرى لقروض التجزئة المصرفية إلى 50% بدلاً من 35% يُمثل ترجمة للسياسة النقدية التوسعية التى يتبعها البنك المركزى للتيسير على عمليات منح الائتمان وتنشيط السوق بدفع مزيد من السيولة فى شكل قروض للأفراد لتشجيع الطلب على السلع والخدمات. عاكف المغربى: القرار يُنشط الائتمان ويشجع الطلب على السلع والخدمات.. و49 مليار جنيه حجم محفظة التجزئة ببنك مصر وتوقع نائب رئيس البنك، أن يترتب على هذا القرار زيادة ملحوظة فى حجم تمويلات التجزئة المصرفية فى الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن بعض البنوك قد تلجأ إلى تقديم منتجات تجزئة مصرفية جديدة لتشجيع نمو محافظ القروض لديها. وأضاف «المغربى» أن إجمالى محفظة التجزئة المصرفية ببنك مصر بلغت حوالى 49 مليار جنيه بنهاية نوفمبر 2019، فيما بلغ إجمالى محفظة قروض السيارات بالبنك نحو 6.9 مليار جنيه خلال الفترة نفسها. من جانبه قال علاء فاروق، الرئيس التنفيذى لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك الأهلى المصرى، إن تعديل النسبة يأتى فى ضوء تحسن المؤشرات الاقتصادية وارتفاع الناتج الإجمالى المحلى، والتى ستؤدى إلى زيادة القدرة الشرائية للأفراد مما له مردود إيجابى على تنشيط الطلب على السلع والخدمات، فى خطوة يستهدف من خلالها دعم المنتجات المصرية والنهوض بالاقتصاد بشكل عام من خلال دفع عجلة الإنتاج. علاء فاروق: البنك الأهلى يستهدف الوصول بمحفظة التجزئة إلى 100 مليار جنيه بنهاية يونيو 2020 وأوضح أن محفظة التجزئة المصرفية بالبنك الأهلى بنهاية ديسمبر الماضى سجلت نحو 90 مليار جنيه، ويستهدف البنك فى ظل القرارات المحفزة التى يتخذها البنك المركزى الوصول بالمحفظة إلى 100 مليار جنيه بنهاية يونيو 2020. وأشار إلى أن محفظة التجزئة بالبنك تمثل نحو 12% من إجمالى محفظة قروض البنك، وتستحوذ القروض الشخصية على مبلغ 63 مليار جنيه، مشيراً إلى أن البنك يسعى لزيادة محفظة التجزئة من خلال التوسع فى البطاقات الائتمانية والقروض الشخصية، ومبادرة التمويل العقارى، ومنتجات التجزئة. ولفت إلى أن حدود التقسيط عبر بطاقات الائتمان سترتفع خلال الفترة المقبلة بما يُحفز الأرصدة الدائنة للمنتج، ومن المستهدف الوصول بأرصدة الاقتراض إلى 7 مليارات جنيه مقابل 5.7 مليار جنيه حالياً. وأضاف أن منتج التمويل العقارى يأتى على رأس أولويات البنك الأهلى خلال الفترة القادمة، حيث يحرص البنك على التوسع فى منح التمويل العقارى فى إطار مبادرة البنك المركزى لمحدودى الدخل، حيث يحتل البنك منذ بداية العام المركز الأول فى القروض المقدمة من كل البنوك العاملة فى القطاع المصرفى ضمن المبادرة، مشيراً إلى أن البنك قام بضخ تمويلات لهذا القطاع تقدر ب8 مليارات جنيه منها 7.7 مليار جنيه ضمن المبادرة استفاد منها حوالى 80 ألف عميل. وفى نفس السياق، توقع وليد ناجى رئيس قطاع التجزئة السابق ببنك الكويت الوطنى مصر، أن ينعكس قرار البنك المركزى الأخير إيجابياً على معدلات نمو محافظ التجزئة المصرفية بالبنوك بين 30 و40% خلال السنوات القادمة، مشيراً إلى أن متوسط نمو محافظ التجزئة فى البنوك المصرية خلال السنوات الأخيرة يصل إلى 20% سنوياً. وأوضح أن توجه البنك المركزى فى عام 2016 نحو وضع قيود وضوابط لنسبة عبء أقساط الدين للدخل الشهرى فى قروض الأفراد، كان يستهدف الحد من الاستهلاك والطلب على السلع المستوردة لتخفيف ضغط الطلب على الدولار، وقت أزمة ندرة العملة الصعبة وتداول أغلب النقد الأجنبى خارج المنظومة الرسمية والمصرفية. وأشار إلى أن الوضع اختلف تماماً خلال المرحلة الحالية، حيث إن هناك وفرة فى الدولار بالبنوك، كما أن البنك المركزى يتبع سياسة توسعية لتحفيز النمو، خاصة بعد انحسار التضخم وتراجع أسعار الفائدة، لذا أصدر البنك المركزى قراره برفع نسبة عبء الدين لمجموع الدخل الشهرى لإتاحة فرصة أكبر للأفراد للحصول على قروض من البنوك.