بعد أن عدت من الولاياتالمتحدة فى أوائل التسعينات كان لى الحظ أن أكون كاتباً لمقال أسبوعى فى جريدة الأخبار عن طريق أستاذى وأبى الروحى عبدالوارث الدسوقى رحمه الله، وخلال تلك الفترة تعرفت على كبار الكتاب والصحفيين فى تلك المؤسسة العريقة، ومن بينهم الكاتب الصحفى المبدع والرائع الأستاذ إسماعيل النقيب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وزوجته الفاضلة الكاتبة الصحفية والأديبة بركسام رمضان، وعلى الرغم من صداقتى لأخيها الإعلامى المتميز خيرى رمضان، فقد ظللت لسنوات لا أعلم أنهما شقيقان إلا عندما علمت أن خيرى هو خال الابنتين الرائعتين أميرة وليلى إسماعيل النقيب، وساعتها أدركت أننى أحببت هذه العائلة من قلبى فى الله، فهم جميعاً يفيضون بالحب والشهامة والإخلاص دون أى اعتبارات لشغل أو مصالح. كان الأستاذ إسماعيل النقيب ساحراً للكلمة، مالكاً لنواصيها، أديباً عندما يكتبها، ماتعاً عندما يرويها، فقد وهبه الله من الكاريزما والقبول والثقافة والحضور ما جعل بيته كدوار العمدة الذى يفد إليه علية القوم من أصحاب المراكز والمال والسلطان لكى يأنسوا بصحبته، ويستمتعوا بأحاديثه، ويسترشدوا بآرائه التى كان يقولها بمنتهى الصراحة بأسلوبه ولهجته المحببة إلى الجميع، ومع وجود كل هؤلاء من صفوة المجتمع ووجهائه، إلا أنه لم يكن نهازاً للفرص أو مستغلاً للصداقة بأى شكل من الأشكال، وكان دائماً شامخاً عزيز النفس، يملك نفساً غنية مستغنية، ورأساً مرفوعاً. كان الأستاذ إسماعيل النقيب يملك من العلاقات والأسرار الكثير التى كنت أتمنى أن يخرجها من خزانة ذكرياته، والتى لو توافر بعضها لغيره لصنع منها عشرات الكتب والبرامج المثيرة، ولكنه كان يفضل الصمت لحساسية بعضها، والحمد لله أننى قرأت أن هيئة الكتاب سوف تنشر آخر أعماله التى يروى فيها بعضاً من خزانة أسراره التى لا تنفد، وأرجو من الله أن يعين زوجته الفاضلة على ذلك. لقد كان من حظى أن أستمتع بالقرب من هذا العملاق الأديب والتعلم منه والحديث إليه مثل الكثيرين غيرى الذين كان لهم بمثابة الأخ والأب والمعلم والأستاذ. كان يدهشك دائما سواء فى اتفاقك أو اختلافك معه، وعندما يتناول وجهات النظر من أكثر من جانب، فيفتح أمامك آفاقاً لا تتكشف إلا للحكماء من أمثاله. أستاذى وصديقى العزيز إسماعيل النقيب.. إلى لقاء قريب ألقاك فيه كما عرفتك دوماً: كبيرا فى داخلك، شامخا فى عطائك، تملؤك البساطة والتواضع والإيثار والشموخ والثقة بالنفس، يدفعك الحب إلى منابع الخير فتغترف منها وتعطى الآخرين، ويجملك نور الإيمان والحكمة والمعرفة، تعلمت من خلالك كيف يكون تواضع الكبار، وحديث الظرفاء، وصمت الحكماء، وبلاغة الشعراء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.