في أنحاء الجسد الضعيف النحيل يتفشى المرض ببطء لا يشعر به إلا بعد فوات الأوان.. تتغلغل خلاياه المميتة مستغلة جهله وتكاسله، ليأتي بصيص الأمل من بعيد، لا يقتلعه من جذوره لكن يحاربه بكل ما أوتي من قوة، هكذا المواجهة بين الفتيات الصغيرات وعادة الختان في أقاليم وأرياف مصر.. لا سيما محافظات الصعيد، المشهد الدفاعي تتصدره عدد قليل من الجمعيات والحملات المناهضة للختان، لتصبح "قشة الحياة" التي تتعلق بها أرواح ومستقبل آلاف الفتيات. "من 2005 لحد دلوقتي بدأت الناس تتعرف على الموضوع من قرب، تفهم خطورته، من خلال الزيارات المنزلية وفصول التوعية، والدعوة لحضور الندوات وحلقات النقاش المباشرة، التي تنظمها الجمعيات وحملات التوعية".. تقول صباح بهيج مشرقي، مسؤولة المتابعة بالمجلس القومي للسكان عن المشروع القومي لتمكين الإناث ومناهضة الختان بأسوان، والمسؤولة إشرافيا عن 16 قرية بالمحافظة. تقول صباح إن الظاهرة لن تنته بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى جهود كثيرة ومثابرة ممن المتطوعين لمناهضتها، آملين في القضاء عليها يوما ما في العقول قبل الواقع، مؤكدة أن احتفالية وثيقة "بنت بنبان" لمناهضة الإناث في ديسمبر 2004، أثمرت عنها كأول قرية مصرية مناهضة للختان، وفي 2005 كانت احتفالية لمائة سيدة لم تختن، وكذا وثيقة أخرى لقريتي الأعقاب وعنيبة في ديسمبر 2006. أثر حكم الإخوان على عمل الجمعية والمشروع في بعض قرى أسوان، وفقا لصباح، مشيرة إلى أنه كان من المحتمل استمرار عمليات التوعية وفصولها في قرى مركز دراو بأسوان، إلا أنه في ظل حكم الإخوان كانت هناك قرى لا يمكن العمل بها، حيث هُدد فيها فريق البرنامج التابع للمشروع بالإبعاد من القرى إذا استمر بعمله، ما اضطر الفريق إلى إحداث تغييرات في عمله كالعمل بالقوافل الطبية والندوات العلمية، والآن عاد الأمر لطبيعته- حسب كلامها. وعن تطوير نشاط مناهضة الختان، تقول صباح بهيج إن تكريم الأمهات اللاتي رفضن ختان بناتهن، يمثل دافعا للأمهات البسيطة، حيث يتأثرن كثيرا بالنماذج الإيجابية في القرى، ليتجاوبن مع أنشطة التوعية التي يقوم بها المشروع، وأضافت "صباح" أنهم أعدوا فريق "المناهضين" من طلاب الابتدائية والإعدادية وحصولهم على دورات، إلى جانب التواصل مع الأطباء والمعلمين ورجال الدين الذين يلعبون دورا أساسيا في عملية التوعية.