قد يعتبرها البعض مجرد صرخة أو محاولة لإعلان الغضب من طول أمد التجاهل والإهمال لحقوق أساسية وليست رفاهية.. في لحظة انفعلت الشابة علا علاء عمار لتعبر عن معاناتها الشخصية كواحدة من الأشخاص ذوي الإعاقة طوال سنوات عمرها، عبر كلمات تقدم أول كتاب مسموع ليسرد معاناة يعيشها الملايين من أبناء هذه الفئة تحت مسمى "حكايات علا". "علا علاء عامر" .. شابة عشرينية تعاني من إعاقة حركية تضطرها لاستخدام عكازين للمشي طوال سنوات عمرها وتعمل بمجال التسويق بإحدى الشركات ،لم يكن لها علاقة بمجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة سوى اشتراكها بفريق السباحة بنادي مدينة نصر، ورغم معاناتها المتعددة على مدار سنوات عمرها فإنها لم تفكر يوما في المطالبة بأي من حقوقها. تقول "علا" أنها بدأت تشعر بغياب حقوقها في وجود وسائل تسهل عليها الحركة لتعيش بحرية مثلها مثل الأسوياء وذلك عند سفرها لإحدى الدول العربية والتي شعرت فيها منذ اللحظة الأولى بأنها تعيش حياة الأسوياء لا ينقصها شىء على الإطلاق ولا تحتاج لمرافق بداية من الخدمة التي حصلت عليها فى المطار ثم في أي مركز تجاري كانت تزوره أو حتي محال الملابس والمراحيض العامة وكذلك في مكان وقوف السيارات. تكمل موضحة أن الصدمة التي دفعتها للفكرة كانت عقب عودتها للقاهرة عندما صدمت من مستوي الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة والتي تشمل أيضا المسنين، فتخيلت لو أن أحد السائحين جاء لزيارة مصر أين الأرصفة المجهزة وغيرها من الأمور وتقول "هنا عرضت شكواي علي صديقتي دكتورة مروة رخا الأستاذ بالجامعة الأمريكية والتي تعرفت عليها خلال دراستي لمجال التسويق بالجامعة فقالت لي ولماذا تسكتي وتكتمي ما بداخلك؟ وبالفعل فكرت في تسجيل معاناتي في شكل حلقات إذاعية نشرت على موقعها الإلكتروني. سجلت "علا" 14 حلقة لم تتجاوز مدتها 10 دقائق واختارت أن تكون مسموعة لتتمكن من الوصول لكافة الإعاقات، إضافة إلى الكتاب المقروء، فهدفها الوصول إلي جميع المعاقين ولتطلق رسالة قوية اللهجة تمثل صيحة غضب وبداخلها أمل كبير أن تؤتي بثمارها. تنوعت موضوعات الحلقات لتشمل "الإعلام" ودوره، وتحدثت بشكل خاص عن إعلانات التوعية التي كانت تذاع منذ زمن طويل حول التطعيم ضد مرض شلل الأطفال وكانت تظهره، كأنه مرض مفزع ومنفر، وتحدثت أيضا في حلقة التعليم عن عدم تأهيل المدارس أو المعلمين للتعامل مع طلاب من ذوي الإعاقة حيث كانت تعاني من وضعها في فصل دراسي بالأدوار العليا وهو ما يتعذر معه الاندماج الاجتماعي مع الأطفال في فترة "الفسحة"، واستمرت المعاناة خلال مرحلة الدراسة الجامعية بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وذكرت موقفا تعرضت له زميلة لها تعاني من إعاقة "كف البصر" عندما رفضت إحدى القائمين على التدريس السماح لها بتسجيل المحاضرة، ونصحتها بترك الدراسة في قسم اللغة الإنجليزية وهو ما اضطرت أن تمتثل له في النهاية. ليس هذا فقط، فلقد تحدثت علا أيضا من خلال حلقة "رحلات المدارس" عن عدم تأهيل أماكن التنزه لكي تستقبل أشخاص من ذوي الإعاقة، وتناولت أيضا عدم إقبال الجهات على توظيف المعاقين، أو جعلهم في وظائف صورية غير فاعلة كمحاولة إرضاء لهم، وكانت الحلقة الأكثر سخونة تلك التي تناولت العلاقات الشخصية والحب والزواج ورؤية الأبوين للأمر. تقول علا إنها تلقت الكثير من التعليقات عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حول الفكرة، كان أغلبها يتمثل في الدعم والتشجيع للفكرة، والبعض الآخر طالبها بعرض المزيد من المشكلات بوجهات نظر مختلفة، وأكثر ما يسعدها هو الدعم الذي تلقته من والديها، وتتمنى أن تتغير السلبيات التي تحدثت عنها للأفضل فمقياس تقدم الأمم يقاس برعايتها لذوي الاحتياجات الخاصة بها. ومن أكثر ما يزعج علا خروج المعاقين في وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم، والتي بالكاد يحصلون عليها بعد هذه الوقفات، وتتساءل "ألا يكفيهم ما يعانوه من إعاقة حتى يضاف إليها المزيد من المعاناة؟"، كما تعبر عن تضررها من تجاهل تمثيل ذوي الإعاقة في تأسيسية الدستور، وتقول إنها عندما تابعت مناقشاتها في جلسات الاستماع وجدت أن "الحديث مازال يدور عن نسبة ال 5% للتشغيل وهي نسبة غير مفعلة من الأساس، ولا يوجد الفكر المتطور الذي يسمح باستغلال التطور التكنولوجي ويطرح فكرة العمل من المنزل كحل مثالي لتشغيل المعاق دون أن يكون عبئا على الآخرين".