فى قرية الفرستق التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، يسكن الحزن منذ أربعة شهور مع عائلة السائق محمد عبدالمعطى عاشور، 52 سنة، فى مسكن قابع بوسط القرية، مكون من طابقين من الطوب اللبن تعلوه أكوام من القش وقطع من الخشب، وضعوها كسقف للمنزل ليكون حائلاً بينهم وبين غدر الشتاء. خيّم صمت حزين، مزين بالقهر وقلة الحيلة على وجوه أفراد عائلة السائق الذى غاب عنهم منذ 4 شهور، إثر مغادرته الأراضى المصرية إلى السعودية فى رحلة لتوصيل «حفار» لحساب أحد رجال الأعمال، لحظات الألم والحيرة، تجمع أفراد أسرة السائق محمد عبدالمعطى بعدما وصلتهم معلومات عن اختطافه من قِبل مجهولين داخل الأراضى السعودية حسب ما أكده لهم عدد من زملائه والعاملين معه فى ذات المهنة وعلى نفس الطريق. يوم 20 أكتوبر لسنة 2013م، فوجئت عائلة السائق بعد سفره للسعودية مستقلاً إحدى سيارات النقل الثقيل المحملة بمعدات وأدوات للحفر، عبر الطريق الصحراوى لميناء سفاجا متخذاً الطريق البرى وسط الجبال الشاهقة حتى ميناء ضبا الكائن بمدينة ضبا بمنطقة تبوك شمال غرب السعودية، بانقطاع أخباره بعد انقطاع هاتفه المحمول دون سبب مقنع، وهو ما أثار حفيظتهم ودفعهم إلى اللجوء لنقابة السائقين وسلطات الدولة لإغاثتهم ومساعدتهم فى العثور على نجلهم الذى اختفى فى ظروف غامضة. «الوطن» انتقلت إلى منزل عائلة السائق؛ حيث تحدث معنا الحاج رسمى عبدالمعطى عاشور، عم السائق المختفى. «قلت له بلاش يسافر المشوار، ده وحسبى الله ونعم الوكيل فيمن اختطفه أو اعتدى عليه ولنا ربنا».. بتلك الكلمات بدأ الرجل صاحب العقد السابع من عمره، مؤكداً أن نجل أخيه غادر البلاد كى يكتسب رزقه بالحلال لينفقه على أبنائه وأهل بيته، مشيرا وهو يبكى ودموعه تنهمر من عينيه إلى أنه لا يعلم هل هو حى أم ميت، «أتمنى من الله أن يرجع سالماً لنا كى تطمئن قلوب أحبابه وأقاربه». وناشد عم السائق المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية، والمشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، ضرورة التدخل ومخاطبة العاهل السعودى للكشف عن مكان نجل شقيقه، مشيراً إلى أنه استقل سيارة نقل تحمل «حفارا» يمتلكه رجل أعمال يدعى عصام خضر، مقيم بمركز شربين بمحافظة الدقهلية. وتابعت الحاجة صباح، زوجة السائق المختطف: «عيشتنا صعبة أوى من غيره وجوزى سافر بلا عودة، رجعهولى واوعى يكونوا موّتوه، آه يا قلبى، ولادى بينادوا على أبوهم طول الليل والنهار». وأكدت أن زوجها هو العائل الوحيد للأسرة، متمنية من الله أن يكشف الغمة ويعود رب المنزل إلى بيته آمنا. وأكد حمدى، نجل السائق، 27 سنة، أن والده رجل متسامح مواظب على أداء صلاته ودمث الخلق وينال ثقة واحترام أبناء قريته، مشيرا إلى أنه يعمل سائقا منذ أن كان عمره 15 عاما، موضحاً أن عددا من السائقين ورواد الطريق البرى المؤدى إلى السعودية أكدوا له قيام جهات مجهولة باختطاف والده والتحفظ على سيارته بحمولتها داخل منطقة جبلية فى الأراضى السعودية حسب ما وصل إليهم من معلومات ترددت بين أهالى منطقة ميناء ضبا. وبيّن نجل السائق أنه توجه إلى وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء لمقابلة المسئولين وتقديم مذكرة إغاثة عاجلة للبحث عن والده المخطوف من قِبل مجهولين فى السعودية، مشيراً إلى أن المسئولين لم يتحركوا وتجاهلوه وأغلقوا الأبواب فى وجهه وهو ما تسبب فى إصابة أهله وذويه بحالة من الألم والحزن.. متسائلاً: أين كرامة المصريين بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟ فيما أكدت مصادر دبلوماسية بوزارة الخارجية دخول السائق المصرى إلى الأراضى السعودية واختفاءه بعدما تم التحفظ عليه لأجل غير مسمى من قِبل مجهولين واستولوا على متعلقاته والسيارة بحمولتها لإرسالها إلى أحد العملاء بالمملكة، وأشارت المصادر إلى أن الدكتور نبيل فهمى، وزير الخارجية، يجرى اتصالات عاجلة مع السفير السعودى بالقاهرة والسفارة المصرية بالمملكة لبحث أزمة السائق المصرى والعمل سريعاً على تحديد مكانه واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لعودته إلى ذويه.