الإنسان ابن بيئته.. هذا هو قانون الحياة والمجتمع، وهكذا بدأت صديقتي حديثها معي قائلة: "نشأت في بيئة تقفز من فوق أسوار المظاهر و"كلاكيع" المنظرة الكذابة، وسخافة العقد ، أسرتي متصالحة مع الواقع، ولا تتسلق أشجار المطامع، أسرة راضية بسيطة سعيدة بنعم الله. ببساطة كده تعلمت الوضوح وأدمنت سلاسة السلوك كمنهج في حياتي، تزوجت ولم ألتفت إلى ركاكة المظاهر "الخايبة"، ارتبطت بخاتم الحب الذي يصاحبه آمال وأحلام في حياة زوجية طبيعية خالية من اللف والدوران، الذي يضيق بي خلقي الهادئ والمتسامح مع الكل، لا أركز على الأخطاء الصغيرة ولا أقف عند نقط الاختلاف، وعندما جاءت لحظة زواجي من إنسان رائع متدين، جدع بمعني الكلمة ولكن.. وآه من لكن.. غامض. كتوم لا يطرح مشاعره ولا مشاكله علي طاولة الصراحة، يفكر قبل أن يتكلم معي، يحسب كلامه بالقطارة، كريم مادياً، ولكن بخيل في التواصل الإنساني، لا يتسامح مع براءة مشاغبتي التي تعكس حبي للبهجة ورغبتي في تلوين حياتي، فلون حياته واحد "العمل الجاد فقط "، اختلفت سلوكياتنا، أتعامل معه بتلقائية وهو بحساب، وأحياناً باندفاع نظراً لعطوب أحبال التواصل الإنساني إياه، وكنت أبتلع صده وعزوفه المصنوع والمتصنع، وأحياناً ثورته التي لا داعي لها لقلة صبره علي تبادل الحديث. زوجي لغز محير، أحياناً يفرح ويقبل علي لإلقاء نجاحاته الكبيرة، وأحيانا ينكمش ويحبط ولا يبوح لي بآلامه، كنت أتجاهل هذه الأساليب والسلوكيات وأبتلعها بلعاً، بالرغم من مضايقتي منها، ومع مرور السنين، غصبا عني تسرب لي هذا الغموض والبخل في العلاقة الزوجية، وللأسف فقدت معه تلقائيتي التي أحببتها.