كشفت جلسات اجتماعات الأسبوع العالمي للمياه بالعاصمة السويدية ستكهولوم، عن خطورة لجوء حكومات الدول الإفريقية المطلة على الأنهار الدولية المشتركة لتنفيذ مشروعات إقامة السدود المائية إلى الشركات "المشبوهة" دوليا، من خلال الاستعانة بها في تمويل مشروعات السدود المائية، بينما أكد الخبراء المشاركون في أعمال الأسبوع العالمي أن هذا التوجه يهدد العلاقات بين الدول، ويشكل وسيلة للضغط على سياساتها، مبررة وصف هذه الشركات ب"المشبوهة" لأنها تستهدف تحقيق مصالح سياسية لدول بعينها، مقابل إثارة الاحتقان السياسي بين الدول المشاركة في الأنهار الدولية، وهو ما فسرته مصادر مشاركة بالاجتماعات بقيام إسرائيل وعدد من الدول بدعم شركات دولية لتنفيذ مشروعات سدود بدول حوض النيل للضغط على مصر للموافقة على توصيل مياه النيل لإسرائيل مقابل حل الخلافات بين هذه الدول. وإلى ذلك طالب الدكتور محمود مصطفى، الخبير الدولي في الموارد المائية بمفوضية الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، في تصريحات ل"الوطن" بإعادة النظر في التوسع في إنشاء السدود بهدف تخزين المياه حيث أنها تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن التقارير الدولية تشير إلى أن 52 % من سدود العالم تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتهدد مشروعات التنمية في نفس الدول التي تتبني التوسع في إنشاء السدود. وشدد على ضرورة التزام الدول ب"التريث" قبل إقامة سدود جديدة لتجنب الآثار السلبية الشديد على كوكب الأرض بسبب التغيرات المناخية، والاعتماد على دراسات مستفيضة لهذه المشروعات، ووضع آليات للمواءمة بين إنشاء هذه السدود بهدف توفير المياه اللازمة لأغراض التنمية وبين التغلب على ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر سلبيا علي التنمية. وقال مصطفي: "تتمثل آليات هذا الدعم في التوفير المالي للتغلب على مشاكل التغيرات المناخية مثل ارتفاع معدلات التصحر والفقر الاجتماعي وفقدان الأمن الغذائي بسبب هذا التغيرات، مشيرا إلى أهمية دور الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية في تقديم الدعم اللازم للحكومات الأفريقية لتحقيق التنمية المستدامة. وأكد المشاركون في اجتماعات الأسبوع العالمي للمياه بالعاصمة السويدية أن الحكومات تلجأ لهذه الشركات لتتجنب الالتزام بالقواعد الدولية في إنشاء السدود ومنها عدم الإضرار بأحد دول الحوض، أو إلحاق الضرر بدول المصب، إضافة إلى غياب الدراسات البيئية لهذه المشروعات. وطالب أكثر من 1200 خبير مشارك في أعمال الاجتماعات في بيان مشترك بضرورة أن يكون تخطيط مشروعات السدود علي المستوي الإقليمي والمركزي بين الدول في الأنهار الدولية وليس علي المستوى المحلي للدولة المنفذة للسد، لتقليل الآثار السلبية للسدود، والحد منها بما يقلل من مخاطر على جميع دول الحوض، مشددة على ضرورة توزيع مخاطر إنشاء السدود بين دول المنابع ودول المصب على ألا تكون الأخيرة الأكثر ضررا من إنشاء الخزانات والسدود الجديدة. وأجمع الخبراء ومسئولي الحكومات على أهمية الدور المحوري لمؤسسات التمويل الدولية والبنك الدولي في المشاركة في تمويل السدود الكبيرة والصغيرة بدلا من الشركات الدولية المشبوهة التي تتأثر بسياسات الدول التي تمولها، مؤكدين أن قيام البنك الدولي بالتمويل يضمن عدم الإضرار بدول المصب باعتباره المسؤول الأول عن حماية الأعراف والقوانين الدولية المعنية بإنشاء السدود. كما طالبوا بوضع أطر لإقامة السدود الصغيرة لتخزين المياه مع الالتزام بقواعد السلامة والأمان، لتلبية احتياجات المواطنين. وكشفت الاجتماعات عن حاجة دول حوض النيل لقيام مؤسسات التمويل الدولية بضخ استثمارات بنحو 15 مليار دولار لتنفيذ مشروعات زراعية في دول الحوض للحد من ارتفاع معدلات الفقر في القارة، وتحقيق الحد الأدني للأمن الغذائي للمواطنين بالقارة، فيما قدر الخبراء هذه الاستثمارات ب 120 مليار دولار لتغطية العجز في تمويل المشروعات الزراعية.