وسط أقرانها من الأطفال كانت ترقص وتغنى وتلهو كالملاك فى صالة البيت، احتفالاً بعيد ميلادها الخامس، التف حولها أفراد الأسرة الذين ارتسمت الابتسامة على وجوههم طوال الوقت، عروس الحفل ارتدت فستاناً أبيض قصيراً، زيّنته ابتسامة رقيقة وعين صافية وشعر أسود لامع، هدايا عيد الميلاد المتنوعة أدخلت السعادة على قلب الطفلة زينة، وأطارت النوم من عينها فترة طويلة، ثم باتت ليلتها وسط أشيائها راضيةً مرضيةً بعد أن غشيها النعاس من فرط التعب فى يوم مملوء بالبهجة والسرور. ببراءة الأطفال نظرت إلى أمها وتعلقت بيديها فى الصباح، ثم تحدثت إليها بتلعثم ممزوج بشقاوة الأطفال، قائلة: «عاوزة أروح فى عيد ميلاد صحباتى، وأجيب لهم هدايا». مع دقات التاسعة مساءً دق جرس الباب، هرولت «زينة» نحوه وفتحت لمدرس شقيقتها الكبرى، ثم خرجت من باب الشقة إلى مصير غامض ينتظرها، إذ تربص بها ذئبان بشريان، الأول «علاء» بواب العمارة والثانى «محمود» أحد قاطنيها، لم يصل عمرهما إلى 18 عاماً، استدرجاها إلى سطح المنزل، حاولا اغتصاب الطفلة، صرخت «زينة» بصوت رفيع، تحشرج فى حلقها الرقيق، فكتم أحدهما أنفاسها وألقى بها من الطابق الحادى عشر. لم يتذكر البواب القاتل صوت المجنى عليها عندما كانت تناديه بعد إذن أمها لتناول العشاء أو عندما كانت تتقاسم معه حبات البرتقال، لم تعتَد والدتها الشابة على غياب قرة عينها وفلذة كبدها، فراحت تبحث عنها فى أركان البيت وخارجه، اشترك الجانى فى البحث عن الطفلة زينة، وبعد فترة أوعز إليهم بالبحث فى المنور، فوجدوها مغشياً عليها، غارقة فى دمائها وتلفظ أنفاسها الأخيرة. فى طريقها من أعلى العمارة إلى أسفلها مرت إلى جوار شقتها دون أن تدرى الأم، بعد أيام قبضت المباحث على الجناة واعترفوا بالواقعة وحكمت المحكمة بعد 4 أشهر من الجريمة بالسجن 15 سنة لكل منهما، وهو الحكم الذى لن يشفى غليل الأم المكلومة التى قالت: «لو اتعدموا مش كفاية». ثم أردفت بصوت مملوء بالحزن: «ربنا أهداها لى 5 سنين وأخدها تانى وأنا مش زعلانة، لكن حزنى على وجعها وآلامها قبل الموت، لأنها لا تستحق الرمية دى». فى جلسة النطق بالحكم أسف القاضى أشد الأسف لعدم الحكم على الجناة بالإعدام بسبب قانون الطفل الذى وصفه «بالبارد»، لأنه مقيد لعقوبة الإعدام والسجن المؤبد، ولا يسمح إلا بالحبس 15 عاماً كأقصى عقوبة على المتهمين.