كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    بيان عاجل من الجيش الليبي للرد على اتهامات السودان بالتعدي على أراضيه والانحياز لأحد أطراف النزاع    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي وهذه رسالتي لجمهوره قبل مونديال الأندية    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 11 يونيو 2025    سعر البطاطس والبصل والخضار في الأسواق اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    صندوق الإسكان يوضح موقف المتقدمين خارج الأولوية في سكن لكل المصريين 5    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    لتحسين العلاقات مع مصر .. إيران تغير اسم شارع خالد الإسلامبولي (تفاصيل)    عيار 21 يعود إلى سابق عهده.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    ملخص أهداف مباراة هولندا ومالطا في تصفيات أوروبا لكأس العالم    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    «مش متخيل إني وصلت للمرحلة دي».. زيزو يتحدث عن والده بعد التواجد مع الأهلي    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    مباشر مباراة البرازيل ضد باراجواي في تصفيات كأس العالم 2026    ظهرت الآن نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 بالقاهرة.. رابط مباشر و خطوات الاستعلام بالتفصيل    إصابة 3 بطلقات نارية فى مشاجرة بين أبناء عمومة بدار السلام سوهاج    «الطقس× أسبوع».. استمرار الارتفاع في درجات الحرارة والأرصاد تحذر من الرياح النشطة والشبورة    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    حملات على التكاتك المخالفة بحى شرق المنصورة والسنبلاوين    إصابة طالبة بطلق نارى بطريق الخطأ داخل منزلها بدار السلام سوهاج    يتصرفون ببرود.. 3 أبراج تخفي طبيعتها الحساسة    يحيى الفخرانى عن "عودة مواطن": اشتريت تذاكر من أجل عرضه وقت أطول    يحيى الفخرانى: عادل إمام له وقفات نفتخر بها.. ونبيل الحلفاوى أصدق الأصدقاء    مشاعر قديمة تتسلل إليك.. حظ برج الدلو اليوم 11 يونيو    زوجة عريس الشرقية من متلازمة داون تخرج عن صمتها: "أنا مبسوطة معاه.. وياريت الناس تسيبنا في حالنا"    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    أسر الشهداء لوزير الداخلية: «كنتم السند في أطهر بقاع الأرض»    محافظ سوهاج يُتابع تنفيذ كوبري المشاة بمنطقة الثلاث كباري    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة نابلس    مرصد التعاون الإسلامي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب بقصفه المستشفيات في غزة    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    حزب الوعي: التحرك نحو معبر رفح دون التنسيق مع مصر تجاوز مرفوض    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    "يمثل نفسه".. الخارجية الأمريكية تتبرأ من تصريحات سفيرها في تل أبيب    تحرير 6 محاضر صحية في حملة رقابية ببني سويف    الحوثيون: نحذر كافة الشركات والجهات المختلفة من التعامل مع ميناء حيفا    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



م الآخر| الباحثات عن الحنية (5).. نكد السنين
نشر في الوطن يوم 19 - 01 - 2014

تروح أميرة وتجيىء وتليفونها لا يزال مثبتًا إلى وجهها بإحدي يديها؛ تمشط بيتها وكأنها تبحث عن خريطة الكنز.. وهي على العكس تمامًا؛ لا ترى أصلًا شيئًا على الإطلاق.. هي سعيدة مغمورة بإحساس قوي بالفرحة والرضا والقلق العارم.
تعطي علاء في النهاية ردًا كلاسيكيًا لا ينم عن أي مما في رأسها بأنها تحتاج وقتًا، لأنه فاجئها!.. مخاوف أميرة لا زالت أكبر من مشاعرها الخضراء، أكبر من مشاعر الحنيّة التي غمر بها علاء يومها وقلبها ووجودها كله، بعدما كانت تحرثُ في صحراء وحدتها لسنوات.
لكنها لازالت وحيدة.. لا تزال بلا أبوين تستشيرهما، ولا أخ أكبر تحكي له ومعه، ليشعر بها ويوجهها.. كانت خائفة للغاية.. ليست فقط مما حكاه ويحكيه ويزيد به همها طوال الوقت، بل أيضًا من سيطرته على حياتها وعلى كل تفاصيل يومها، وتراجع شخصيتها القوية الثابتة أمام مشاعرها تجاهه.. فهي اعتادت أن تكون وحيدة على الرغم من حلمها الدائم بمن سيكسر هذه الوحدة، واعتادت ألا يكون لغير عقلها إمرةً عليها، أما هو؛ فقد اقتحم كل شىء بلا استئذان، واستعذبت هي الاقتحام واستسلمت وسلّمت منذ الجولة الأولى.
وبعد أيام من المماطلة التي تفهمها جيدًا، صارحته بأنها تحبه ولا تفكر في إمكانية أن تتركه؛ إلا أنها تخاف أن تكون مشاعرها "عمياء"، كالكثير من المشاعر التي اجتاحتها قبلًا، وعلى هذا فهي تحتاج وبشدة صوت العقل والذي لن يمثله أحسن من أخيها أحمد.. ساكن الولايات المتحدة منذ سنوات، تبعث برسالة بريد إلكتروني لأخيها وتطلب منه أن يقابلها على skype، للحديث بأمر هام ويرد بأن غدًا عطلته الإسبوعية، ويستطيع أن يتحدث معها طوال النهار ويسألها إن كان الأمر يحتاج وجوده فسيكون بجانبها فورًا.. وتخبره بأنها قد تحتاج ذلك بعد فترة، لكن ليس الآن!.
وفي اليوم التالي، تتحضر أميرة بقلم ونوتة صغيرة خطت فيها الكثير من الجمل القصيرة والطويلة غير المنتهية، وحروف إكس كثيرة كتبت بجانبها كلمات تريد أن تذكرها خلال حديثها.. بالفعل تجلس أمام اللاب توب المفتوح أمامها ويطل أحمد عبر السكايب ويبدأن حديثهما بافتتاحية عادية، بسؤال عن الأحوال ومصر وأمريكا وأبناؤه وعملها و كل شىء، و"زنة" من جديد لتأتي للعيش معه.. وتستمر المحادثة لثلاثين دقيقة قبل أن تفاتحه في خجل..
- فيه واحد متقدملي.
- مانا عارف.
-عارف؟
- ضاحكًا.. طبعًا هو أنا شوية
- عارف إزاي
- صوتك بيقول كل حاجة من أول إزيك يا حبيبي المسهوكية اللي في الأول
- وإيه كمان يا فتك
- بقالك تلات أسابيع هيمانة وما بتعبرينيش، ولولا إني باتصل بيكِ مكنتيش أخدتي بالك؛ ما بقيتش أوحشك زي الأول
- ها!
- لا خلاص كفاية عليكِ كده.. احكيلي بقى
وتحكي أميرة لساعة أو أكثر لا تتوقف عن الحكي، وأحمد يستمع في صمت تام ويدوّن ملاحظاته وأسئلته هو الآخر في دفتر صغير كأمريكي "قراري".. وبعد أن تنتهي يبدأ أحمد في سرد أسئلته واحدًا تلو الآخر، وتجد نفسها تتحدث في استرسال مدافع مستميت، وكأن "علاء" هو من ينتمي إليها جينيًا وليس "أحمد"!.. وفي النهاية يباغتها "أحمد"، هو إنتي صحيح مستنية ردي؟.
- قصدك إيه؟؟
- إنتي مقررة يا أمي.. مش مقررة.. دانتي دايبة ع الآخر.. يا بخته يا ستي
تفضحها ابتسامة خجل حاولت أن تخفيها، إلا أن الأقمار الصناعية تأبى مساعدتها في ذلك وتنقلها لأحمد عبر "الكام"، فيصله جواب سؤاله بلا جواب.. ويقطع أحمد الصمت بالجملة الأكثر طمأنة التي حلمت بها.. "أنا موافق"، ثم يردف: "بس فيه شرطين.. أولًا: لازم يصارح عيلته ويوافقوا على الجواز و يباركوه.. وثانيًا: إننا نتأكد بكل السبل وناخد ضمانات بكل الأشكال إن علاقته انتهت بالناس دي للأبد، ويكمل في ريب: ولاّ هي مانتهتش؟.
- لأ طبعًا من زمان.. ترد فزعة.
- على خيرة الله، هارتب إجازة في خلال إسبوعين بالكتير وأنزلّك، خلي بالك من نفسك، أنا عارف إنك هيمانة.. بس عارف إنك جدعة وجامدة وميتخافش عليكي.. خلى بالك من نفسك على ما أجي أخلي بالي منك.
تبتسم له في رضا وتقبل عدسة كاميرا اللاب توب، وتدعو له من قلبها بالرضا والسعادة.. وتغلق المحادثة على أمل بثّه في نفسها أن الموضوع ليس بالسوء الذي توقعته، لكنها تشرد من جديد حينما تذكر الشرطين.. الشرط الثانى بالذات..
- تبًا!.. تقولها لنفسها وتضحك بعدها فورًا.. "إيه تبًا دي كمان!".
وبعد محاورات لا تنتهي كالعادة لشىء مع نفسها، تتصل به غير مدركة أنها الثالثة والنصف صباحًا إلا بعد أن يفتح الخط ويجيئها صوتها الحبيب، ليمد خطوط الارتياح بأوصالها..
- أيوه يا ميرا.. كنت عارف إنك مش هتنامي إلا لما تطمنيني
- في محاولة لاستدراك الوقت المتأخر، تقول: عايزة أشوفك الصبح ضروري
- خير!
- خير
وفي الصباح تقابله في أحد الأماكن المحببة إليهما بوسط البلد، الذي تعمه بالكامل رائحة القهوة ومخبوزات خرجت من الفرن لتوّها.. يجلسان ليستمتعان بخمس دقائق من"البحلقة " المستمرة، والتفرس في ملامح كل منهما دون أن ينطقا.. تلك العادة التي اكتسباها في بداية كل لقاء، دون أن يتفقا عليها، لكنهما وجدا فيها استمتاع باحتواء كل منهما للآخر بعينيه قبل أن يشتتهما الحديث.. وعندما حضر فطورهما بدآ في الحديث.
أخبرته عن محادثتها مع "أحمد"، وبدا عليه التجهم لثواني.. والوجوم لأقل من ثواني.. ثم.. وبلا مقدمات.. انفجر ضاحكًا
- محلولة بإذنك يا رب
- هو إنت شايف إن الحكاية نكتة للدرجة دي؟
- أبدا.. بالعكس.. ده نكد السنين.. مستفزًا أكثر لعصبيتها الطفولية التي يحبها
- وإيه الضحك بقى في نكد السنين.
- "أنا هاطلب شاى بلبن ...اجيبلك معايا ؟؟ هاجيبلك معايا "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.