عادةً، ليس لدى التاريخ جديد يقدمه، هو حقاً يشبه الراحل توفيق الدقن فى مسلسل «ألف ليلة وليلة»، وهو يجسّد شخصية رجل اسمه «مفتاح سر التاريخ» الذى أراد «شهريار» قتله حتى لا يدوّن تاريخه الأسود. هو نفسه التاريخ ذلك الرجل العجوز فقير الخيال، لذلك قرر كعادته أن يعيد تقديم نفس النص الفاسد الذى عاشته مصر بعد 25 يناير، وأعنى هنا تحديداً، حشر التيارات الدينية فى المشهد السياسى، دون حساب لما سيحدث فى المستقبل. يرى البعض أنه ليس من اللائق الآن، الطعن فى حزب «النور» السلفى، ما دام رجاله يقومون بدور جهة الحشد الأعظم تأثيراً لضمان تحقيق نسبة تصويت وتأييد مريحة لدستور مصر الجديد، تهزم الأرقام التى حصل عليها دستور الإخوان. لكننى أطبّق المثل الشعبى العريق القائل «اعمل الصح ولو غلط». وبناءً على ذلك سأحاول أن أقرأ مشهد ما بعد «نعم للدستور» وما بعد «السيسى رئيساً فعلياً». سيكون لدينا دستور لا بأس به فيما يخص الحريات والحقوق على الورق، وسيكون لدينا رئيس ذو خلفية عسكرية، أشبه برجل قادم من زمن الستينات، تمتزج فيه قوة الشخصية بالرومانسية المفرطة، ليس شبيهاً بعبدالناصر فى الواقع بل شبيه بأبطال سينما الستينات الذين يقدمون شخصية العاشق البطل، الذى يضرب كل رجال العصابة لينقذ حبيبته، ويضع المخرج كلمة النهاية، ليخرج الجمهور من القاعة يجفف دموع انفعاله وينتهى الأمر، رغم أن مصير الأوطان لا ينتهى بزواج البطل من البطلة. ماذا إذن عن البرلمان أو مجلس النواب، أياً كان اسمه؟ حسب موازين القوى الحالية التى أشرف على ضبطها نظام «30 يونيو»، فإن التيار السلفى هو صاحب النفوذ الأكبر بديلاً عن الإخوان، بل إن نجاح حملاتهم المتوقع فى الحشد لتأييد الدستور، سيكون مؤشراً على إمكانية تكرار الحشد نفسه لمرشحيهم فى انتخابات البرلمان، مما يعنى صراحة أنهم على وجه التقريب سيحصدون نحو 35% من مقاعد النواب، تاركين ثلثى المقاعد للتيارات المدنية على اختلاف أطيافها بين الثوريين والمتحولين وأحزاب الكراتين القديمة وبقايا الحزب الوطنى. تلك التقسيمة، ليست بعيدة عن برلمان الإخوان، لا أغلبية هنا، بل حزب واحد لديه أكثرية مقابل كتل مفتتة. من الذى يتولى تشكيل الحكومة إذن؟ والإجابة باختصار أن حزب النور سيكون من حقه تشكيل الحكومة إذا نجح فى تشكيل ائتلاف مع بعض الأحزاب. والسؤال هنا: هل سيكون منصب رئيس الحكومة من حزب النور؟ والإجابة: أن من حق الحزب الفوز بهذا المنصب مع حصة ثلث الحقائب الوزارية على الأقل. إذن: كيف سيكون شكل التشريعات التى سيصدرها برلمان الثورة الثانية، استناداً إلى هذا التشكيل العجيب، واستناداً إلى أن بعض نواب التيار السلفى يرفضون الوقوف للنشيد الوطنى المصرى، ويرفضون ولاية الأقباط والمرأة، إلى آخر قائمة المرفوضات الطويلة؟ ألا يجب أن نتوقف لحظة لنقرأ ما سيحدث؟