«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست نبوءة:
الإسلاميون علي العرش
نشر في آخر ساعة يوم 13 - 12 - 2011

نحن هنا من أجل استقراء الواقع القادم لنؤكد وننفي التخويف من حكم الإسلاميين بتصورات من الممكن جدا أن نراها في القريب حقائق نعيش فيها أو تعشعش في وطننا !
المارد الإسلامي الذي خرج لتوه من القمقم عقب البدء في انتخابات برلمانية نزيهة، ليس باستطاعة أحد أن يوقفه، بينما يبقي التعويل علي الغد أملا في أن يفرق الناس بين الإسلام كدين لا تستطيع فرقة أن تحتكره وبين استغلاله كورقة سياسية للوصول إلي الحكم.
في الوقت الذي انهمك فيه الليبراليون علي "تويتر" وفيس بوك" لطرح أفكارهم الثورية، كانت التيارات الإسلامية في الأسواق والشوارع والحارات الضيقة، تقنع الناس بمبادئ أحزابهم التي تستند علي مرجعية إسلامية باستطاعتها إعمار الأرض وإعطاء تراخيص لدخول الجنة.
غالبية مصرية وجدت في الخيال خروجا مناسبا من مأزق الواقع، فراحت تلقي بثقلها علي صناديق الاقتراع لنجد أنفسنا أمام حكم إسلامي وشيك.
مستقبل غامض يحيط ببلد ظل لقرون عديدة حضنا لمختلف الأفكار المتقابلة، فتعايشت فيه الأديان السماوية، لتنتصر لحق المواطنة بقرار شعبي فرض إرادته علي كل الأنظمة الدكتاتورية.
يختلفون في لغة التعبير ويتفقون علي الثوابت والمرجعيات:
الإخوان والسلفيون في مواجهة الصوفية!
لماذا أحس بالراحة والسكينة داخل مقامات الأولياء.. أنا لا أعرف !
أبحث عن إجابة تشرح لي من أين يأتي هذا الهدوء الذي أشعر وكأنه يحملني علي أرجوحة، أسترخي عليها مغمض العينين، بينما تعلو شفتي ابتسامة مُطْمَئِنَّة لا أصل لمصدرها..
داخل المقامات أدور بالسؤال علي بعض مشايخ الصوفية، لأواجه في كل مرة ابتسامة رائقة تزِّين وجوها مصفّاة من الكدر.. الابتسامة لغة رسمية، تدرك منها كل شئ دون الحاجة إلي فهم محدود، تماما كما تستمع إلي قطعة موسيقية فيصلك معناها العميق الذي (قد) تفسده الكلمات.
الموسيقي هنا بلا صوت، تناغمك مع ذاتك هو ما يؤكدها، وإحساسك بها يضاعف من حقيقة وجودها.
حجرات بسيطة، في كل واحدة منها هيكل خشبي مفرغ، يكسوه قماش (في بعض الأحيان) غالبا ما يكون بلون أخضر، فإذا ما نظرت لأعلي يجذبك عمق القبة التي تسقف الضريح.
نعم هو العمق(!).. سر الأسرار، حيث معرفة في حاجة إلي إثباتها.
لا.. ليست المعرفة ولكنها الحقيقة التي يحملها إليك حدس قلبي.. يا الله.. بمثل هذا الحدس تيقن الغزالي من وجود الله.
يموج الوطن بملايين العشاق الذين يحملون للأولياء حبا يظهر علي وجوههم المشتاقة أمام الأضرحة، بينما تشبه الموالد أعيادا شعبية تمتزج فيها مختلف الألوان لمصريين جمعت بينهم الحاجة إلي التقرب لمن يظنونهم الأقرب إلي رب السماء.. بالسخرية تارة، وبالتهجم عليهم ورميهم بالكفر تارة أخري، يواجه المريدون من المتصوفة هجوما (قد) تخفت حدته لكنه لا ينتهي من قبل بعض فقهاء السلفية..
صولات وجولات يخوضانها سويا هي ما تدفعنا للتخوف من الوصول إلي مرحلة صدامية، خاصة بعد أن صار لحزب "النور" كلمة قوية في البرلمان باعتباره الوصيف "للعدل والحرية"
اختلاف لغة التعبير بين السلفيين والإخوان لا ينفي اتفاقهم علي ثوابت ومرجعيات لا تقبل المناقشة، بينما يتم التعويل علي دخولهما حلبة السياسة وتصدرهم المشهد لمراجعة تصرفاتهما بدقة خشية الوقوع في أخطاء من الممكن أن تفقدهم السلطة.
"القانون لن يمنح أيا منهما فرصة للاعتداء علي الصوفية".. إنه المستشار حسن منصور نائب رئيس محكمة النقض تظهر علي وجهه علامات الاطمئنان وهو يخبرني بأن الكلام حول معارك قادمة يشتبك فيها الصوفية مع خصومهم التقليديين من السلفيين لن يحدث.
يشرح لي القانون 118 لسنة 1976 الذي صدّق عليه رئيس الجمهورية ومجلس الشعب، وكيف أنه نظم عالم الصوفية في مصر، ووضع أسس تشكيل يتزعمه رئيس المجلس الأعلي للطرق الصوفية الذي يعين بقرار من رئيس الجمهورية.
يساوي منصور بين مجلسي الصوفية والقضاء، فضلا عن الأعلي للشرطة، والجامعات ومثلهما ممن يستندون علي قوانين محددة.
ويحذر من ثوابت، يُتَّهم من ينتهكها بارتكابه جرائم تتعلق بأمن الدولة وتقويض أسسها وهو ما يجعله يخضع لقانون عقوبات تصل أحكامه إلي الإعدام !
ويضيف بأن تنظيم الموالد يتم وفق خطة بمواعيد مدونة في تصاريح رسمية تعتمد من الأمن ووزارة الأوقاف.
"الأمور مستقرة".. بهاتين الكلمتين ينهي نائب رئيس محكمة النقض كلامه بعد أن يشكك في إمكانية هدم قانون (يحمي الصوفية) أو إعادة صياغته وفق الأهواء، بوصفه أحد الأسس التي يستند عليها القضاء.
ويرجح الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية اتجاه السلفيين والإخوان في المرحلة القادمة لوضع صيغ توافقية مع خصومهم: الصوفيين والليبراليين والعلمانيين، ويشير إلي سلوك في طريقه إلي التغيير بعد احتواء الكتلتين الإسلاميتين في حزبين سياسيين.
لذلك فإن ما حدث في الماضي من صدامات أو خلافات حول الأضرحة وغيرها بين السلفية والصوفية قد يتغير حتي يظهر حزب النور وكأنه علي دراية بأبعاد متطلبات المرحلة الحالية وقادر علي إحداث التوازنات السياسية المطلوبة.
ولا يستبعد الجندي السيناريو الآخر باتخاذ حزب "النور" إجراءات وصفها بالأكثر صرامة ضد الصوفيين استنادا علي مواقف سابقة للسلفيين ضد الأضرحة والقائمين عليها.
ولكنه يرجح السيناريو الأول الذي يتفق مع متطلبات الحكم التي تستلزم بدورها مواكبة الأوضاع والتخفيف من حدة الصراع لمصلحة الوطن العليا بتوحيد كلمة تقوي من شأن الدولة في مواجهة خصومها.
ويشير إلي دور حتمي للأزهر الشريف عليه أن يمارسه بوصفه المرجعية الإسلامية الأولي في مصر والقادر علي أن يكون حكما بين كل التيارات والقوي الدينية، ذلك لأنه لا يمارس أي دور سياسي وهو ما يعطيه حرية في الحركة.
ويوضح الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإخوان المسلمين علي العكس تماما مما كان يقدمهم إعلام المخلوع، ورفقائه من حكام مصر بداية من عهد الملكية ويشير إلي فكرهم واستنارتهم وعلمهم الديني البعيد عن التطرف والمغالاة علي حد قوله.
ويقلل بدوره من وجود صدامات من جانبهم مع أي تيار أو فئة في مصر .
ويفاخر عثمان بالأزهر الشريف في تلك المرحلة التي أعادته لنبض الشارع المصري بعد أن ظل لسنوات عديدة بعيدا عنه، وهو ما جعله مؤثرا في الأحداث، وخاصة بعد أن أصدر وثيقة جمعت حولها سياسيين ومثقفين من كافة الأطياف والفئات.
وبكلمات هادئة تخرج منه يعلمنا الشيخ أيمن الفرغلي شيخ الطريقة الفرغلية الاحمدية أن التصوف حب إلهي لا يحكمه قانون حتي يمنعه قانون!
ويضيف: ليس للتصوف أطماع في رسم السياسة العامة للدولة ولكنه مرتبط بالمشاعر الإنسانية.. ويستطرد: لا أتوقع أن يكون هناك صدام بالشكل القوي لأن ما حدث من صراع حول الأضرحة فيما مضي كان من بعض السلفيين ولا يمكن أن نأخذ الجميع بذنب أفراد.
عبدالصبور بدر
علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي لا يخضعان دائماً للحساب الرقمي ولا للأيدولوجيات، فالجميع يرون حتمية تحالف الإخوان مع السلفيين، خاصة بعد سيطرتهم علي ثلثي البرلمان في المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب، لكن جماعة الإخوان نأت بجانبها بعيدا عن السلفيين، الأمر الذي يشير لاحتمال قيام تحالف بينهما وبين الليبراليين، ليتفرغ السلفيون لدور المعارضة.
عدو الأمس صديق اليوم
تحالف إخواني ليبرالي تحت القبة
تتجه جماعة الإخوان المسلمين خلال المرحلة القادمة لإعادة فتح حوار مع حزب الوفد وعدد من الشخصيات الليبرالية خلال المرحلة المقبلة، لتدشين تحالف برلماني أو سياسي داخل البرلمان القادم أو ضمان التنسيق داخل الجمعية التأسيسية بحيث تنتج دستورًا يحظي بالتوافق بين أغلب القوي السياسية، في استجابة واضحة لأبرز مطالب التيار العلماني الليبرالي.
وفي ظل النتائج المخيبة التي حققتها هذه القوي ورموزها، منها حزب الوفد الذي لم تتجاوز حصته أكثر من 5٪ خلال الجولة الأولي، لاسيما أن الحزب لم يبد موقفًا رافضًا لتشكيل تحالف وطني داخل البرلمان، لا يجد الإخوان صعوبة في تحالفها مع القوي الليبرالية.
وحاولت الجماعة خلال الفترة الأخيرة النأي بنفسها عن أي إمكانية لإبرام تحالف ديمقراطي، حيث لم تجر أي مشاورات مع القوي السياسية الإسلامية ومنها التحالف السلفي المكون من حزبي النور والأصالة، بالإضافة لحزب البناء والتنمية الجناح السياسي للجماعة الإسلامية بشكل عكس عدم رغبة الجماعة في ضم القوي الإسلامية لتحالفها في البرلمان القادم.
وهو أمر رد عليه حزب النور بعنف، وعبر المتحدث الرسمي د.يسري حماد بأن حزب النور لن يشارك في تحالف برلماني أو سياسي يهيمن عليه فصيل بعينه حتي لو كان إسلاميًا، لافتا إلي عدم وجود أي مشاورات من جانب جماعة الإخوان المسلمين أو جناحه السياسي حزب الحرية والعدالة مع التحالف السلفي في هذا السياق.
وتابع: لا يمكن لفصيل واحد أن يهيمن علي الساحة السياسية أو يمتلك القدرة في مواجهة المشاكل العديدة التي تعاني منها مصر المحتاجة بشدة لمشاركة جميع أبنائها في بنائها مجددًا.
ووصف حمدي حسن، المتحدث باسم كتله الإخوان في البرلمان، التحالف بين الإخوان والسلفيين بالمستحيل لأنهم لا يمتلكون المرونة في العمل السياسي ويعتنقون فكرًا إسلاميًا أكثر تطرفًا وتشددًا، وأن مواقفهم تختلف بين ساعة وأخري، وفقا لأهوائهم والفتوي التي ليست علي قناعة أو مرجعية فقهية، وبالتالي أداؤهم سيكون متذبذباً.
ويستطرد: التحالف الأوفر حظاً والقادر علي الصمود بين الإخوان المسلمين والقوي الليبرالية المتمثلة في الكتلة المصرية وحزب الوفد، لضمان أغلبية مريحة في البرلمان، لتكون نقاط الاتفاق أكثر من الاختلاف.
ويري د. أكرم الشاعر الفائز بعضوية مجلس الشعب في بورسعيد عن حزب "الحرية والعدالة"، أن تحالف الإخوان مع الليبراليين أكبر من التحالف مع السلفيين والتيارات الدينية الأخري، لكن الإخوان ليس لديهم مانع في التحالف مع أي فصيل سياسي موجود علي الساحة السياسية المصرية، فالهدف سيكون خدمة المصلحة العليا للبلاد وعدم إتاحة الفرصة لفصيل واحد للسيطرة علي مجريات الأمور، لكي لا يؤدي إلي ديكتاتورية الصوت الواحد، بعد أن ثار الشعب المصري في يناير الماضي علي ديكتاتورية الصوت الواحد التي كان حسني مبارك يمثل زعيماً لها.
وأكد د. أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، علي وجود تحالف حقيقي يضم حزبه و9 أحزاب ذات توجهات ليبرالية، مشيرا إلي استمرار التحالف بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، لتشكيل نوع جديد من التعاون بين التيارات السياسية المختلفة.
ونفي أبو بركة أن يكون تحالف الإخوان مع الليبراليين من أجل مواجهة السلفيين، ولكنه تحالف من أجل مصر، ووضح أن من حق السلفيين اختيار من يتحالفون معهم، فهم ينطلقون من مصلحة وطنية أيضا، ورغم ذلك فالتحالف يدعو كل القوي السياسية للانضمام إليه.
"لابد أن يكون التحالف علي أسس واضحة".. هكذا عبر د. عماد جاد، عضو الهيئة العليا بالحزب المصري الديمقراطي، واستبعد وجود تحالف حقيقي بين الإخوان والليبراليين؛ نظرا لموقف الإخوان السلبي من قضايا الليبراليين، لكن من الممكن وجود التقاء بينهما في الأفكار والمشاريع السياسية.
ويضيف: لا يوجد محرمات بالسياسة، والليبراليون علي استعداد التعامل مع أي فصيل سياسي لأنهم يتسمون بالمرونة، ورغم ذلك يجدون من يكفرهم ويتهمهم بأنهم يريدون انحلال المجتمع، مما يخلق صعوبة في الالتقاء مع السلفيين.
ويحلل د. حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، التحالفات البرلمانية بعد صعود التيار الإسلامي، قائلا: إن تحالف الإخوان مع السلفيين، سيدفع الإخوان إلي سلوك اتجاه إسلامي متشدد، مما يستبعد تحالف "إخواني سلفي" ووجود تحالف "إخواني ليبرالي" للتمكن من حكم البلاد، كما أن الإخوان يدركون أن التحالف مع السلفيين قد يكلفهم غاليا.
ويؤكد نافعة وجود فجوة بين الإخوان والسلفيين؛ فالسلفيون متشددون في تمسكهم بتطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها في حين أن الإخوان يتخذون التيار الإسلامي »الوسطي والمعتدل«.
إسراء النمر
النساء حائرات بين مطرقة السلفيين وسندان الإخوان
النساء حائرات.. يتهامسن.. يتحاورن.. يصرخن.. عن مصيرهن في ظل حكم الإخوان والسلفيين يتساءلن بلسان مقولة هاملت الشهيرة: نكون أو لا نكون.. الآراء متعددة والجدل دائر علي أشده بين فئات المجتمع.. الجانب الأكبر من المجتمع تتملكه مخاوف يطرحها إحساس حقيقي بتهديد ما يحيط بمصير المرأة بعد الانتخابات البرلمانية في ظل فوز الإسلاميين شبه الساحق في المرحلة الأولي.. آراء تتوقع عودة المرأة للمنزل في ظل حكم التيارات الإسلامية والتحقير من شأنها ومعاملتها كدرجة ثانية ليس لها قيمة بالإضافة إلي فرض زي معين عليها دون نقاش.. وعلي النقيض هناك أصوات أخري تنطلق من إخوان وسلفيين تطمئن المرأة المصرية بعدم التقليل من شأنها أو سلبها حقوقها المشروعة في العمل والمساواة كمواطنة درجة أولي مثل الرجل وأنها لن تصبح مثل المرأة في ظل الفكر الوهابي المتشدد.. وأن الإسلاميين سيطبقون شريعة الله دون ظلم أو تشدد لذا تظل المخاوف متأججة وتزداد كل يوم مع تقدم التيار الإسلامي في الانتخابات وتظل الحقيقة تائهة بين إسلاميين يطرحون آراء معتدلة وبين آخرين ترعب أفكارهم وآراؤهم القاصي والداني ولا تقتصر علي المرأة فقط بل تطول الاقتصاد والبنوك والسياحة وغيرها من مناحي الحياة.. "آخر ساعة" بحثت عن الإجابة مع شخصيات نسائية قيادية واستعرضت بعض الآراء السلفية لمعرفة بيت القصيد.
الانتخابات البرلمانية أصبحت الشاغل الأول للشارع المصري كاملا بكل شرائحه المختلفة وأصبح السؤال المطروح علي كل الألسنة ماذا سيصبح شكل مصر بعد الانتخابات البرلمانية.. قبل الانتخابات كان الأمر مجهولا تماما. وأما الآن بعد المرحلة الأولي من إجراء الانتخابات بدأت المعالم تتضح بعد أن جاءت المؤشرات باكتساح التيارات الإسلامية مما أثار جدلا واسعا وقلقا كبيرا لدي المرأة.. فغالبية النساء من النخبة والشارع يتساءلن عن مصيرهن.
بين الوهم والواقع
المسألة لم تعد وهما بل اقتربت كثيرا من الواقع فهناك استطلاع لآراء الشارع المصري أجرته إحدي المؤسسات الصحفية الكبري حول شكل المرأة ودورها في ظل حكم التيارات الدينية حيث أكدت نسبة 51٪ من عينة الاستطلاع أن المرأة سيكون لها دور.. وكانت أهم الآراء أن الدين الإسلامي لا يحرم عمل المرأة بما لا يتنافي مع طبيعتها وأن جماعة الإخوان بها كوادر نسائية كثيرة وأنهن يخضن الانتخابات وأنهم سيجعلون للمرأة دورا ولكن ليس بارزا.. في حين أن أكثر المشاركين قالوا إن الإخوان سيجعلون للمرأة دورا لإرسال رسالة طمانينة للشعب.. بينما نفي 94٪ أن يكون للمرأة دور في ظل حكم الإخوان وكانت أبرز الأسباب أن الجماعة تحرم عمل المرأة وأنهم يؤمنون بأن الرجل للعمل والمرأة للبيت.. ويعزز أهمية هذا الاستطلاع شموله المواطنين في الجهات المختلفة في الجامعات والمدن الجامعية والمصالح الحكومية مثل المركز القومي للبحوث والشركات الخاصة وغيرها من المجالات المختلفة.
ولأن هذه المخاوف انتشرت في الشارع المصري وعلي مستوي واسع بادر سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة بطمأنة مخاوف الغرب والمصريين والمرأة عبر القول بأنهم ليسوا مراهقين سياسيين مؤكدا أن هذه المخاوف لها جذور عميقة حيث كان النظام السابق يستخدم الإخوان فزاعة للغرب والداخل ومبررا لتزوير الانتخابات والقمع والاعتقالات.. وقال فيما يخص المرأة : إننا لسنا في سنة أولي سياسة ولا نسعي لقهر أي فئة أو التقليل من شأنها.
وبرزت هذه المخاوف في كتاب لعبد القادر شهيب الكاتب الصحفي بعنوان: الإخوان في الحكم فرصة العمر.. أن هناك خوفا حقيقيا سيطر علي قطاعات عديدة في المجتمع المصري بخصوص المرأة وحقوقها00 كذلك الشخصيات العامة في المجتمع والمتخصصة لديهم توقعات وتحليلات00 فقد ذكر د. محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري في تحليل له عن شكل حكم التيارات الإسلامية: "أنهم لدفع الشبهات يجعلون للمرأة مكانا ودفعوا بها في الانتخابات وأتصور أنهم سيعيدون النظر في قوانين الأحوال الشخصية وقد يميلون إلي الأخذ بالتفسيرات الفقهية الأكثر تشددا وسيكون المبدأ والأساس أن المرأة مكانها المنزل وأن هناك أعمالا قد تترك لها مثل الطبيبة والمدرسة. أما في مجالات مؤسسات الدولة التي تتعلق بالقضاء أو الأمن أو الخارجية وجميع الوظائف فانها ستتنحي عنها".
أما المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا فتري أن مصر دولة راسخة ولديها أعراف دستورية وبرلمانية منذ القدم ولم تخترع اليوم فقط ولديها مسألة الاحترام للحقوق والحريات وكذلك الحق في الحرية الشخصية ومبدأ المواطنة ولذلك يجب التفريق بين الآراء الشخصية والتشريعات فالبرلمان كمؤسسة تشريعية من الممكن أن يأخذ أي قرار دون آراء مجتمعية ولذلك فعلي المرأة أن تحشد جهودها وكل قواها للحفاظ علي مكانتها وما حققته وتدخل في نضال للحفاظ علي جهودها وهي بالفعل قادرة علي ذلك.. وأي أمر لابد أن نربطه بالسياق العام بما نسميه جوهر الدولة الحديثة فيجتمع المواطنون المصريون من أجل حرية الرأي المكفولة للجميع ويعبرون عما يرونه فيمن يأتي لموقع المسئولية لأنه يضع قرارا لمجتمع والمجتمع طرف فيه0
النقاب ليس فرضا
وضعنا هذه الملاحظات والمخاوف علي طاولة الطرف الآخر المعني فكريا بهذه القضية وكانت إجاباته علي النقيض تماما فهي تبعث الطمأنينة عكس كل الهواجس التي تدور في الأذهان.. يقول الدكتور محمد المختار المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف ورئيس الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة إن تعاليم الإسلام واضحة وليست محتاجة لتأويل.. فالمرأة من حقها أن تعمل بشرط الاحتشام والالتزام بما فرضه الله عليها من الستر حفاظا عليها من عيون مرضي القلوب وحفاظا علي المجتمع من إثارة الشهوات فإذا التزمت المرأة بهذه الضوابط وكانت محتاجة للعمل فلها الحق أن تعمل سواء كان احتياجها هي أم احتياج الدولة لها.. وحتي إذا كانت المرأة غير محتاجة ولكن الدولة تحتاجها في مجالات معينة فنطالبها بالعمل بشرط ألا تقصر في حق بيتها وأولادها والعمل يكون مع ما يتفق مع فطرتها وعفافها.. فلا يمكن القول بأن تعمل المرأة في الورديات الليلية أو الأعمال الشاقة في البناء وحمل الأثقال أو استخراج البترول فهذا يتنافي مع طبيعتها ولكن عمل المرأة مباح إذا ارتبطت بالإيمان وبما يتناسب مع فطرتها.
ريحاب محمد
الإخوان من لعبة السياسة إلي الاقتصاد
بعد اكتساح الإخوان المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية، تثار التساؤلات حول مصير الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.. في ظل عدم إعلان الإسلاميين عن موقف واضح وصريح تجاه بعض الجوانب الهامة في الاقتصاد المصري، فيما يتعلق بالبورصة المصرية والبنوك، مما يجعل الاقتصاد يعيش حاليا حالة من الصراع بين حكومة الجنزوري التي تحمل فكرا اشتراكيا وبين البرلمان المصري الذي يحمل تيارا إسلاميا.
وعلي الرغم من أننا عندما نتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين ذات الكيان الاقتصادي القوي، إلا أنهم قد عانوا في الآونة الأخيرة وقبل ثورة 25 من يناير من النظام السابق الذي لم يكن يترك لهم الفرصة للتوسع في أعمالهم وجعلهم ينكمشون في مشروعات اقتصادية معينة وكان يحارب أي ظهور للإخوان أو الإسلاميين بشكل عام علي المستوي الاقتصادي.
الوضع اختلف والفرصة الآن أمامهم متاحة للاتساع في أعمالهم الاقتصادية بعد إطاحة رموز النظام السابق وفرض سيادتهم علي الدولة والاستحواذ علي مقاعد البرلمان.
تعددت أنشطة الإخوان مؤخرا لتعزيز مشروعاتهم القومية الكبري والتركيز علي اقتصاد الفقراء المتمثل في صناعات الدواء والصحة والعلاج والأغذية ومعارض السلع والمنتجات المدعومة علي مستوي الجمهورية، وسلسلة متاجر التوحيد والنور، وصناعة الجلود والملابس بهدف كسب تأييد الشارع المصري.
"آخر ساعة " تطرح تصورا لوضع الاقتصاد المصري في ظل سيطرة الإسلاميين علي البلاد، والمخاوف من وضع كل من البورصة والبنوك خلال الفترة القادمة.
تاريخ الإخوان السياسي يؤكد أنهم بارعون سياسيا أكثر منه اقتصاديا فهم يجيدون لعبة السياسية ولا يجيدون لعبة الاقتصاد، أعباء كثيرة يتحملها البرلمان القادم كلها تتركز حول قضايا اقتصادية هامة تهدف في المقام الأول إلي سد العجز بين اقتصاد السوق والتجربة الاشتراكية، كما أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه مصر الآن يتطلب حلولا تحمل أفكاراً اقتصادية مبتكرة تقدم حلولاً سريعة وفورية للأزمة وليست حلولا تقليدية.
ويعاني الاقتصاد المصري من عدة مشاكل أهمها تقليص التصنيف الائتماني لمصر، كما أن معدل النمو الاقتصادي متوقع في مصر ألا يزيد علي 1.2٪ العام الحالي نتيجة تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية وعائدات السياحة، والاضطرابات التي شهدتها مصر خلال الأشهر القليلة الماضية تسببت في تراجع معدلات الإنتاج والعملة المحلية، وإن حالة عدم الاستقرار النقدي والمالي قلصت الاحتياطي النقد الأجنبي في مصر بنحو 40٪ ليصل إلي حوالي 22 مليار دولار وهو ما يغطي متطلبات الواردات لمدة أربعة أشهر، مما سيكون له بالغ الأثر علي عودة الإنتاج وتدفق الاستثمارات الأجنبية مرةً أخري.
ويتوقع أسامة الشريف الباحث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن قطاع السياحة في مصر قد يتأثر سلبًا حال سيطرة "الإخوان المسلمين" علي البلاد، متوقعًا نمو نظام التمويل الإسلامي بمصر، بشكل ملحوظ حال مشاركة "الإخوان" في الحكومة القادمة.
وأضاف أن نظام التمويل الإسلامي سيوفر الدعم للاقتصاد المصري من خلال توفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية .
وأشار إلي أن مصر ستكون أكثر قدرة علي جذب الاستثمارات الأجنبية، عقب انتهاء مرحلة التحولات الديمقراطية، نتيجة التحسن المتوقع في بيئة الاستثمار، وتراجع معدلات الفساد، وتعزيز الشفافية والإدارة الرشيدة في المجال الاقتصادي.
يقول خبير أسواق المال - وائل أمين - إن هناك مخاوف من خروج الاستثمارات الأجنبية من السوق مع تولي الإخوان البلاد ، نظرا للعلاقة السيئة التي تربط تاريخ الإخوان بالأجانب .
ويضيف أن البورصة المصرية لا تتحمل أي خسائر خلال الفترة القادمة، فالسوق بدأ يسترد عافيته من جديد.
وأشار إلي أن صافي تعاملات الأجانب غير العرب منذ بداية العام الجاري 2011. قد أظهرت تحقيق صاف بيعي بقيمة 3.879 مليار جنيه، فيما سجل العرب صافي شراء بقيمة 250.93 مليون جنيه خلال نفس الفترة.
وعلي ما يبدو أن إدارة البورصة المصرية قد بادرت بكسب الود تجاه الإخوان المسلمين في ظل المخاوف من أن تتحول مصر إلي دولة إسلامية مما قد يكون ذلك مؤشرا استباقيا لخروج المستثمرين الأجانب من السوق المصري، وفي خطوة استباقية من إدارة البورصة خاطبت إدارة البورصة شركات مملوكة لرجال أعمال منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، لقيدها بالبورصة بشرط أن تتوافق مع القواعد واللوائح المنظمة لعملية القيد.
وأكد الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة المصرية، أن إدارة البورصة تخاطب جميع الشركات العاملة في مصر دون تمييز بهدف قيدها بجداول البورصة في إطار استراتيجية تشجيع الشركات للاستفادة من قيدها في البورصة.
وقال عمران إن البورصة لا تضع في اعتبارها عند مخاطبة الشركات ما إذا كانت هذه الشركات مملوكة لرجال أعمال منتمين للإخوان المسلمين أو أقباط أو أي توجهات أخري سواء سياسية أو دينية.
وأضاف أن العامل الرئيسي في اختيار الشركات التي يتم مخاطبتها هو توافر أكبر قدر من شروط القيد بها ومساعدتها علي توفيق أوضاعها.
وعلي صعيد آخر ، عدد من البنوك الموجودة في مصر بدأت تحول اتجاهها إلي المنتجات الإسلامية ، وربما تحول مصر إلي دولة إسلامية قد يزيد من هذا الاتجاه مما قد يؤدي إلي حدوث طفرة في أنشطة الاقتصاد الإسلامي وخصوصًا القطاع المصرفي، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية المالية وقد نجد تزايداً لدور بعض البنوك ، مثل بنك فيصل، والبركة، والوطني للتنمية والمصرف المتحد، والتي يمكن أن تلعب دورًا محوريًّا في التنمية الاقتصادية بمصر، كما أننا سنجد أن هناك عددًا من قيادات الإخوان المسلمين الحاليين كانوا مصرفيين بارزين في السابق، ومن بينهم القيادي خيرت الشاطر الذي كان عضوًا في مجلس إدارة المصرف الإسلامي الدولي، ويوسف ندا الذي كان عضوًا في مجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي.
علا العيسوي
علي خلفية الانتخابات...
حرب الفيديوهات.. تشتعل بين الإسلاميين والليبراليين
علي خلفية الانتخابات البرلمانية التي تشهدها مصر، تفجر الصراع الفكري بين الإسلاميين والليبراليين، فبعد أن كان الصراع والاختلاف النظري متواريا في الخلفية، أصبح الآن في واجهة المشهد، فالرفض للآخر في الجانبين هو الشعار، واستخدام وسائل التكنولوجيا أصبح هو الوسيلة المفضلة في الخلاف الدائر الآن في الشارع المصري ف"حرب الفيديوهات" الموجودة علي مواقع اليوتيوب والفيس بوك وتويتر اندلعت بين شباب الإسلاميين وشباب الليبراليين، الليبراليون استخدموها في إطار التخويف من المد السلفي، والإسلاميون كانت فيديوهاتهم ترتكز علي التشكيك في عقائد ومعتقدات بعض رموز الليبرالية. الفيديوهات المستخدمة في حرب التشويه والتشهير من الجانبين تعتمد علي كثير من الاستقطاع المخل لأجزاء من حوارات ولقاءات رموز التيارين، بما يسمح بتفسيرها بطريقة غير محايدة وتحميل كلام الشخصية المراد الهجوم عليها بأكثر مما تحتمل، فسوء النية والتوظيف متوافر في الجانبين من خلال توجيه سياق الفيديو باستخدام جمل يكتبها البعض تعليقا علي الفيديو أو عنوانا له من أجل الإثارة ولفت الانظار علي حساب الحقيقة.
ركز الليبراليون في هجومهم علي الإسلاميين علي جانب التخويف من وصول الإسلاميين إلي الحكم وإن وصولهم يؤدي إلي مخاطر جمة علي الصعيد الداخلي والخارجي علي حد سواء، فكم من فيديوهات مرفوعة علي موقع اليوتيوب لبعض رموز التيار السلفي أمثال مرشح الرئاسة المحتمل حازم صلاح أبو إسماعيل، والمتحدث باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية عبد المنعم الشحات والشيوخ محمد حسان وحسين يعقوب وغيرهم، يتم تسويقها في إطار التهكم من آرائهم التي يراها البعض رجعية وضد تطور المجتمع، ومن أجل التحذير من عملية "نقاب" المجتمع قسريا، وإرغام "النصاري" علي دفع الجزية وهم صاغرون، وتحريم جميع أشكال الفن باستثناء الدف!!.
اما أكثر الفيديوهات التي يتناقلها الشباب علي الفيس بوك فكان ذلك المقطع الخاص بالشيخ عبد المنعم الشحات- المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية- الذي يهاجم فيه ثورة 52يناير، أو هكذا يزعم مروجو الفيديو، للتنديد بموقفه المؤيد من الثورة بعد نجاحها، وهناك فيديو آخر متعلق بالشيخ الشحات ومنافسه في انتخابات مجلس الشعب المحامي حسني دويدار، يتناول موقف كل منهما تجاه ثورة 52 يناير ففي حين كان حسني دويدار في قلب حركة الجماهير الثائر محمسا المصريين جميعا علي النزول إلي الشارع لمواجهة طغيان نظام مبارك، كانت تصريحات "الشحات" الرافضة للثورة باعتبارها فتنة.
وهناك الفيديو الأكثر شهرة للشيخ عبد المنعم الشحات الذي يقول فيه إن الديمقراطية ليست حراما فقط بل وكفر وستؤدي إلي الشذوذ الجنسي. وعلي الرغم من خروج الشحات وتفصيله لرأيه في مسألة الديمقراطية وتفرقته بين آليات الديمقراطية والديمقراطية نفسها، وتأكيده أن الديمقراطية مقبولة علي الطريقة المصرية. أما الفيديو الذي أثار غضب الكثيرين وعظم من تخوفهم فعندما تحدث "الشحات" عن أدب نجيب محفوظ باعتباره أدبا يشجع علي الرذيلة وتم خلال أماكن شرب الخمر وبيوت الدعارة وأن رواية أولاد حارتنا رواية فلسفية فيها بعد إلحادي وأنه ضد نجيب محفوظ وسيعرض أدب الإلحاد علي مجمع البحوث الإسلامية التي يجب علي الدولة أن تلغيه.
وفي سياق استخدام الفيديوهات تم شن هجوم مركز علي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل- المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة- بعد أن صرح بأن المرأة مصيرها النقاب وضرورة ارتداء السياح ملابس محتشمة، وهي التصريحات التي أثارت ضجة ضخمة، كما استخدم بعض شباب الفيس بوك تسجيلا مصورا لتوفيق عكاشة ينتقد فيه أبو إسماعيل وينصحه بطريقة ساخرة، وهو الفيديو الذي استخدمه شباب الفيس بوك للسخرية من أبو إسماعيل.
الهجوم علي أبو إسماعيل تواصل علي الرغم من خروج الرجل أكثر من مرة للتأكيد علي أن قناعاته الشخصية والدينية مكانها الدعوة والوعظ أما السياسة فلها قواعد أخري، وأن ما يؤمن به لن يفرضه فرضا علي الشعب المصري بمختلف طوائفه كما حاول البعض أن يروج، فهو يري أن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية، وإنما الديمقراطية هي أن تطمئن الأقلية فيها علي حقوقها في ظل حكم الأغلبية"، موضحاً أن له الكثير من الأصدقاء وشركاء العمل والجوار من الأقباط، وأنه جمع أهله ومعارفه العديد من المرات ليعرفهم علي أصدقائه من المسيحيين.
علي الطرف الآخر تقوم الصفحات ذات التوجه السلفي بشن حرب علي كل من يهاجم أفكارهم يأتي علي رأس هذه القائمة رجل الأعمال نجيب ساويرس – مؤسس حزب المصريين الأحرار- الذي نشر له مؤخرا فيديو في حوار مع المذيعة الكندية كرستينا فريلاند بتاريخ 22 نوفمبر 2011 يتحدث فيه عن الحالة التي ستكون عليها مصر إذا فاز الإخوان المسلمون بالانتخابات قال إنهم سوف يعودون بنا إلي القرون الوسطي، عندما يطبقون الشريعة الإسلامية ويمنعون الخمر ويفرضون الحجاب مؤكدا أن السياحة ستتأثر وستعاني الأقلية القبطية. وأشار إلي أن هناك الكثير من الكنائس التي نهبت وحرقت ولم يحاسب أي أحد، فاذا لم يطبق القانون ماذا سيفعل النصاري المساكين، مصر بلد نصرانية بالأساس واتي إليها الإسلام في القرن السابع وحافظ العديد من الأقباط علي دينهم ونحن نعتقد أن هذا البلد بلدنا. وهي التصريحات التي لم تمر مرور الكرام، وتناولها شباب السلفية بالنقد والرد.
أما تصريحاته الأكثر تداولا علي الفيس بوك فتلك الخاصة بحواره حول الاستعانة بالغرب إذا وصل الإسلاميون إلي الحكم. فعند سؤاله ماذا يجب أن تفعل كندا من أجلكم أجاب علي كندا وكل الدول الغربية ألا تشاهد هذه التطورات وكأن شيئا لا يحدث فالمعركة غير متكافئة، فالإخوان المسلمون يتلقون تمويلا من قطر وقد قلت هذا لأسرة أمير قطر في وجودهم ولم يردوا. مستطردا: "مائة مليون دولار لا تمثل شيئاَ لقطر والسعوديون يمولون السلفيين والليبراليون لا يمولهم أحد، أنا لا أتحدث عن تدخل علني لأن القطريين لا يرسلون الأموال بصورة علنية فأنا أطلب دعما سريا مثل الآخرين، واختتم كلامه قائلا لا تتركونا في هذه المعركة غير العادلة". وهي التصريحات التي عدت من قبل شباب التيار السلفي طلبا للحماية الأجنبية وتمهيداً للتدخل الأجنبي في الشأن المصري، لذلك أسرفوا في الهجوم علي الرجل.
أما صاحب نصيب الأسد في هجوم التيارات السلفية فكان ولاشك الدكتور محمد البرادعي – المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة- فهناك فيديو متداول مؤخرا له، يطالب فيه بإعطاء حرية ممارسة الأقليات شعائرهم الدينية علي أساس يكفل الحرية الدينية للجميع في إطار حديثه عن حقوق شيعة مصر، وهو الأمر الذي علق عليه أحد الشباب السلفي ساخرا: "ونسمح لهم بسب الصحابة وأمهات المؤمنين .. وكمان من باب الحريّة نسمح للبهائيين بممارسة شعائرهم أو حتي أي حد بيعبد معزة".
وفي فيديو بعنوان ديموقراطية أصنام العجوة بعد أن خسر جورج إسحاق بفارق يزيد علي 121 ألف صوت يعرضون مداخلة هاتفية في برنامج القاهرة اليوم أنه لم يكن يتوقع هذه النتيجة ولكن الاستقطاب الديني الواضح هو الذي أخرج النتيجة بهذه الصورة، وأضاف أنا لدي دليل مادي علي تزوير الانتخابات فقد حصلت علي العديد من الاستمارات التي تم تقطيعها وإلقاؤها في الشارع، ويحكي قصة رجل اتصل به تليفونياً وقال له كنت أريد ترشيحك لكنهم قالوا لي حرام. وهو الفيديو الذي استغله شباب السلفيين من أجل التشنيع علي رموز التيار الليبرالي الذين يريدون ديمقراطية تفصيل إذا جاءت بهم قبلوها وإذا خسروا بها رفضوها وشككوا في نزاهتها، وشبهوها بما كان يفعله كفار قريش من أصنام العجوة التي عبدوها وإذا جاعوا أكلوها.
الدكتور عمرو حمزاوي نائب مجلس الشعب لم يسلم هو الآخر من استخدام تصريحاته في حرب الفيديوهات الناشبة بين الإسلاميين والليبراليين، فقد تعرضت تصريحاته وشرحه لمفهوم الدولة المدنية للانتقاد المر العنيف من قبل الإسلاميين الذين رأوا في تصريحاته تشجيعا علي الزواج بين مختلفي الأديان بلا ضابط ولا رابط، وهو ما خرج الرجل ونفاه أكثر من مرة.
رغم الاتهامات المتبادلة بين التيارين الإسلامي والليبرالي، وحالة العداء البادية للعيان، فإن هذا لم يمنع أنصار التيارين من أن يتحدا في مواجهة العديد من نماذج الفلول المؤيدة للنظام السابق أمثال توفيق عكاشة وعمرو مصطفي وأحمد سبايدر، فهذه الشخصيات تمثل نماذج اتفق الجميع إسلاميين وليبراليين علي وضع فقرة ثابتة لهم علي الفيس بوك تتضمن آراءهم التي لا تخلو من فكاهة في حد ذاتها، ما يجعلها مادة كوميدية تغري بالتعليق عليها من قبل شباب الفيس بوك وتويتر.
حسن حافظ خالد المسلماني
يوميات مواطن مصري في الدولة الدينية
كشفت الانتخابات البرلمانية التي جرت فعاليات مرحلتها الأولي في عدد من المحافظات عن صعود التيار الديني بشكل لافت، ورغبة شعبية في اختيار نظام مغاير للحكم يقوم علي أيديولوجية مختلفة، فتصدر النتائج مرشحو جماعة الإخوان المسلمين القادمة من زمن "الحظر" في عهد النظام البائد يليها السلفيون العازفون علي أوتار الدين أيضاً. ورغم ما يبديه البعض من ارتياح للنتائج المبدئية هذه وتأكيدهم علي أنها تعبير طبيعي عن رغبة شعبية في إرساء المبادئ الدينية والسير علي خطي دول أخري اعتمدت نظام الإسلام السياسي في الحكم مثل تركيا وحققت نتائج مرضية، إلا أن آخرين مازالوا يشككون في قدرة المواطن المصري علي الاختيار الصائب بوعي كامل واستقراء حقيقي لما ستؤول إليه أوضاع البلاد مستقبلاً في ظل سيطرة التيار الديني علي مقاليد الحكم، وربما كان التعاطف مع "أصحاب اللحي" والجلاليب القصيرة نابعاً من رغبة في تجربة "نيولوك" مختلف عما كان سائداً في عهد مبارك ومن سبقوه من حكام "العسكر" الذين قمعوا التيارات الدينية وزجوا بهم في غياهب السجون واعتمدوا معهم سياسة الاعتقال والإقصاء من المشهد، وكأن الاختيار الشعبي في الانتخابات البرلمانية جاء نكاية في الحزب الوطني "المنحل" ومحاولة للقضاء علي فلوله نهائياً وإخراجهم من اللعبة السياسية واستبدالهم بتيار راديكالي إسلامي.
يوميات المواطن المصري في الدولة الدينية المرتقبة تثير الهواجس لدي الكثيرين وتتباين التوقعات لشكل الحياة في الشارع المصري في حالة سيطرة الإسلاميين، ولا يمكن الجزم بأن كل من اختار الميل إلي اختيار "مشايخ السياسة" يتصورون ما قد يحدث من تحولات كبري في شكل المجتمع مستقبلاً، ورغم استبعاد البعض لفكرة مساوئ الحكم الديني إلا أن آخرين أصيبوا بالصدمة والرعب من تصريحات بعض المتشددين الساعين إلي سدة الحكم من شاكلة الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة والمدارس والجامعات وفرض الزي الإسلامي وتعميم الحجاب وإلغاء فوائد البنوك باعتبار أنها تدخل في باب "المعاملات الربوية"، وهدم الأضرحة بمساجد آل البيت لأنها تحث علي "الشرك"، وإلغاء أشكال الفنون من موسيقي وغناء وتمثيل درامي ورسم ونحت.. إلخ.
تكهنات
كلها تكهنات تتأرجح بين الخطأ والصواب، وبالتالي من الصعب توقع ما سوف تؤول إليه الأمور، هكذا يقول محمد حسين (38 عاماً) مدير حسابات بشركة خاصة، مؤكداً: لا يهمني طبيعة نظام الحكم، دينياً كان أو علمانياً، الأهم هو ما سوف يقدمه علي أرض الواقع من أفكار واستراتيجيات ترسم ملامح المستقبل لشعب قام بثورة عظيمة ويستحق أن يجني الثمار ويتجاوز كل ما فاته من سلبيات في العهد البائد.
بينما يرفض سعيد إبراهيم (33 عاماً) فكرة الدولة الدينية معبراً عن مخاوفه من تبدل شكل الحياة في مصر ويقول: من الصعب أن أتخيل إلغاء السياحة في مصر مثلما يردد البعض، أو ألا أكون قادراً علي الجلوس في مقهي عام مع صديقة أو زميلة عمل أو إحدي قريباتي فأفاجأ بأن هذا ممنوع لأنها ليست أمي أو أختي أو زوجتي، وعموماً سياسة الفصل هذه تجلب الكثير من المشكلات النفسية وكم من دول عربية تتبع هذه الأساليب وشعوبها مريضة بالفصام والكبت. لا أحسب أنني سأكون سعيداً لو سيطرت الأفكار السلفية علي الشارع المصري، فهذه ردة إلي عصور بائدة ونوع من فرض الوصاية الفكرية علي الناس، وهذا مرفوض كلية.
ويرحب شوقي محمد (50 عاماً) صاحب متجر، بفكرة الدولة الدينية رغم أنه حسبما يقول لا ينتمي لأي تيار ديني، هو فقط مسلم، ويسعده تطبيق الشريعة الإسلامية ومنع الخمور وستر النساء في الشوارع بعد انتشار الملابس العارية التي تعارض الثقافة الإسلامية والاحتشام. ويقول: ما الذي يزعج البعض حينما يُطبق شرع الله في الأرض، ويتساءل "أليس غياب الشرع هو ما دمر مجتمعنا؟!"
ويري محمد حميد (19 عاماً) طالب بكلية الآداب أن المسألة ربما تأخذ شكلاً إيجابياً ويقول ساخراً: إذا طبق المتشددون بعض الأفكار التي نسمع عنها في بعض الدول العربية مثل السعودية سنحل الكثير من المشاكل الجوهرية في الشارع المصري ومنها مشكلة الازدحام المروري لأن المرأة سيكون ممنوعاً عليها ركوب السيارة لأنها حرام".
وبالروح الفكاهية ذاتها تقول أمل محمود (22 عاماً) عاطلة: أنا في كل الأحوال عاطلة عن العمل منذ تخرجت في كلية التجارة، لكنني أخشي أن أفقد متعتي في التواصل مع أصدقاء جدد عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" حيث يسخر البعض ويقول إنهم سوف يقسمون الموقع إلي قسمين الأول للذكور والثاني للنساء لمنع الاختلاط الإلكتروني بين الجنسين، وهذا سخف شديد وعودة إلي أزمنة التخلف والجهل.
ساخرون علي فيسبوك
المشهد علي "فيسبوك" كان أكثر اشتعالاً فالشباب الذين يرون أنهم كانوا أصحاب الفضل في تفجير الثورة وجدوا أنهم خرجوا من اللعبة وبدأت التعليقات الساخرة من المتشددين دينياً تغزو الموقع ومنها قول أحدهم: يعني إيه كوكاكولا زيرو؟ يعني الشباب الواعي يعمل ثورة ويموت عشان مصر تتغير وفي الآخر السلفيين يمسكوا البلد.. وعلي رأي المثل: المصري هيفضل مصري.. النيل رواه والإخوان ضربوه علي قفاه.. وفي السنة اللي أمريكا أنتجت فيها فيلم "ذهب مع الريح" مصر أنتجت "سلفية هزت عرش مصر".. أفلام عربي أُم الأجنبي.
وجاءت تصريحات مهدي عاكف (مرشد الإخوان السابق) لتزيد مخاوف المتشائمين من الدولة الدينية والتي علق عليها أحد الناشطين علي "فيسبوك" قائلاً: "عاكف قال اللي عايز يسيب مصر اعتراضاً علي حكم الإخوان مع السلامة!"، من الملاحظ التطابق مع تصريح السلفي المتطرف بطل غزوة الصناديق الذي تكلم عن تأشيرات لأمريكا وكندا للي مش عاجبه، وطبعاً لا يفوتنا هنا التذكير ببعض التصريحات القديمة لمهدي عاكف مثل قوله "الإخوان إذا وصلوا الحكم هايضربوا اللي يهاجمهم بالجزمة"، ولا ننسي أيضاً التصريح الشهير "طظ في مصر"!. بعد هذه التصريحات لا أعرف كيف خرجت نتيجة الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولي بهذا الشكل؟! وهل الإخوان والسلفيون بعقليتهم هذه هم مَنْ سوف ينقلون مصر إلي الديمقراطية؟
أحمد الجمَّال
الانتخابات.. موسم أرزاق الفقراء
لجأ المرشحون إلي استخدام وسائل جديدة للدعاية للانتخابات البرلمانية كوضع صورة المرشح علي صواني وأكواب الشاي، والتوك توك والسيارات التي تجوب الأماكن النائية والحارات مقابل عشرين جنيها فقط، والسيارات النصف نقل التي تجوب الشوارع وعليها صورة المرشح مستخدمين مكبرات الصوت بالإضافة إلي طباعة الملصقات علي كراسات وجداول حصص لتوزيعها بالمجان علي طلاب الدائرة وشراء أحد المرشحين في أسيوط ثلاث سيارات ملاكي وتخصيصها لحفلات الزفاف بالمجان بعد وضع صورته عليها.
ورغم ذلك تظل اللافتة الانتخابية أسلوب الدعاية الأكثر انتشارا والذي تستفيد منه شرائح اجتماعية بعيدة تماما عن الانتخابات بغض النظر عن الفائز أوالخاسر في الانتخابات. ومع اقتراب موعدها تزداد كثافة اللافتات في الشوارع وتمتلئ الحدائق والمباني بلافتات المرشحين للانتخابات حتي تتغير معالم الشوارع من كثرتها، بل ويصل الأمر إلي أن تصبح دليل المارة للبحث عن أي عنوان أو علامة مميزة للوصول لأي مكان.
اللافتة البلاستيكية أو "البانر" كما يطلق عليها مقاس ستة أمتار في اثنين عرض تصل تكلفتها إلي ستمائة أو سبعمائة جنيه وفي بعض الأحيان تتجاوز الألف جنيه، لأن الطباعة عليها تكون ليزر وبالكمبيوتر فالخطاط لا يستطيع الكتابة علي بلاستيك. فهي تحتاج أيضا إلي خشب، وبوابات (تعلق عليه اللافتة) تتكلف مائتين وخمسين جنيها لحين فترة الدعاية.
أما اللافتة القماش التقليدية هي الأكثر توفيرا، فرغم ما تحتاج إليه من قماش، خطاط وخشب، إلا أن سعرها يتراوح ما بين العشرين والستين جنيها. كما أنها تساعد علي الاستعانة وكتابة بعض الأسماء التي تؤيد المرشح فعلي سبيل المثال "فلان يؤيد ويناصر المرشح" لعضوية مجلس الشعب." فيقوم الخطاط بكتابة أكثر من ألف اسم بهذه الطريقة، وتعليقهم في كل منطقة خاصة باسم الشخص الذي يؤيد المرشح. عكس البانر الذي لا يمكن أن تصنع منه كل هذه الكمية كما يحتاج إلي وقت كبير من أجل ذلك، كما لا توجد لافتات كافية لذلك أبدا.
من المتعارف عليه أن تقوم إدارات الأحياء بجمع وتنظيف الحي من اللافتات فور الانتهاء من الانتخابات، ويقوم كل مرشح بدفع ألف جنيه من أجل ذلك إلا أن ذلك لا يحدث بالظبط. ودائما كان الكلام الرسمي أن الحي والمرشحين يقومون بإزالة "البانرات" بأنفسهم حيث أنهم يدفعون مقابلها يوميا أما اللافتات والملصقات فتقوم الأحياء بازالتها وتكهينها. إلا أنه دائما في اليوم الثاني للانتخابات وبغض النظر عن النتيجة يقوم أشخاص بالاستيلاء عليها وجمعها لأغراض مختلفة أو يبيعها أو لاستخدامه الشخصي.
كما أن في الانتخابات الحالية وقبل انتهاء المرحلة الأولي، ظهرت فئة جديدة تستفيد من تلك الافتات سواء بطريق مباشر أو غير مباشر. يري البعض صعوبة إعادة استخدام هذه اللافتات مرة أخري كأقمشة بسبب الكتابات التي لا يمكن إزالتها، كما أنها لا تصلح كغطاء للسيارات بسبب خامتها وحجمها. إلا أن محمد عبده، ترزي، أكد إمكانية استخدامها، حيث إنها تتكون من الجزء الخارجي الذي تكون الكتابة عليها. أما الخلفي، البفتة، يأتي بها البعض ليتم استخدامها في الملابس مثل الأشرطة الداخلية للبنطلونات، ملابس داخلية، وسادات أو شرائط في تفصيل الملابس بالإضافة إلي أغطية السيارات.
ففي منطقة كالسيدة زينب فوجئ الناس باختفاء اللافتات قبل انتخابات الإعادة في الدائرة. وعند تفقد المنطقة وجد أن بعض القهاوي قاموا باستخدامها كسقف للحماية من الأمطار كما قام البعض باستخدامها كحاجز أو فاصل للفصل بين القهاوي وللفصل بينها وبين الجراجات في المنطقة. أحد المارة أكد لي أنه رأي بعض الصبية ينتزعون تلك اللافتات لتجميعها وبيعها لمن يستفيد منها، وهو لا يري أي مشكلة في ذلك لأن الفقراء ينتظرونها كل موسم انتخابي.
من المتعارف عليه أن المرشح يقوم بتحمل تكاليف الدعاية بشكل كلي أو يتحمل حزبه جزءا منها إذا كان عضوا في أحد الأحزاب. فبالرغم من وجود سقف للدعاية الانتخابة يصل إلي مائتي وخمسين ألف جنيه في هذه الانتخابيه والتي سبقتها إلا أنه في الواقع قد تصل تكلفة الدعاية إلي مليون جنيه ولا يمكن حصرها، والحزب الوطني السابق كان خير مثال علي ذلك حيث كان يدفع الحزب الوطني عشرة آلاف جنيه للمرشح من أجل الدعاية وكان يدفع أضعافهم في الدعاية بعد ذلك. اللافتة الانتخابية تمر بالعديد من المحطات كالخطاطين، بائعي القماش، والعمال الذين يعلقونها.
ممدوح أحمد، مساعد أحد المرشحين، يؤكد أن مرشحه رجل أعمال كبير ومتيسر فمن غير المنطقي أن يأمر بتجميع اليافطات المختلفة بعد الانتخابات فالربح هنا شيء لا يذكر، خمسين أو ستين ألفا! فمن سيأتي لجمعهم سيأخذ »مبلغا وقدره...«، فالمنطق هنا "دع الغلابة ترزق" بل يعتبرونها زكاة تخرج عن مالهم. أنه في كل انتخابات تأتي مجموعة من الشباب والقراصنة يأخذون ويبيعون الطن بخمسة آلاف جنيه ومتخصصين في ذلك. فالبانر (اللافتات البلاستيكية) يقومون بإزالتها وتجميعها من أجل إعادة تصنيعها من جديد، وآخرون يقومون بجمعها لصناعة مشمع في وكالة البلح بالتحديد في شارع سليمان باشا الخادم لاستخدامها كخيام في مناطق معينة في الجبال. فدائما الحي لا يقوم بأي شيء حتي يقوم الناس بجمع القماش، حيث أن بعض الطبقات الفقيرة جدا تقوم بتصنيعه كأقمشة، ستائر، ملائات سرير ومخدات. كما يباع البانر ويصنع كأسقف للبيوت للوقاية من الأمطار في الشتاء.
مروه عبدالعزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.