ما يحيرنى فى علاقة التوأم الملتصق ما بين السلفيين والإخوان هو موقف السلفيين المؤيد للإخوان على طول الخط! فموقف الإخوان من السلفيين والحب الظاهرى والعشق المزيف لهم موقف مفهوم؛ لأن الإخوان يستغلون السلفيين كاحتياطى استراتيجى وقت اللزوم لكى يحشدوا أصواتهم ويضمنوها فى جعبتهم فى الانتخابات، وبالطبع يستغلون كلمة الشريعة لخداع البسطاء منهم وإقناعهم بأن الإخوان هم حماة الشريعة، وللأسف استطاعوا إقناع السلفيين فى انتخابات مجلس الشعب الماضى بأنهم أفادوا السلفيين والحقيقة أنهم قد استفادوا منهم، لكن ما يدهشنى هو موقف السلفيين أو بالأصح نجوم السلفيين الذين ينحازون للإخوان أكثر من الإخوان أنفسهم، والسؤال الذى لا بد أن يسألوه لأنفسهم هو ماذا استفدنا من الإخوان؟ وبالطبع بعض المقاعد هنا أو هناك فى تأسيسية أو استشارية رئيس أو غيرها هذا نوع من الهزار والإلهاء، إنما عند الجد وبرغم وعود الشاطر ومرسى لهم وعند تشكيل الحكومة شرب السلفيون المقلب ولم يفوزوا بوزارة واحدة مما طلبوها من الإخوان اللهم إلا إذا اعتبرنا وزارة الأوقاف مغنماً سلفياً! هذا هو العجب العجاب ماذا كسبتم كسلفيين من الإخوان ولماذا وأنتم قوة عددية لا يستهان بها تأخذون أنفسكم إلى أسفل وتهدرون من قيمتكم وترضون بدور التابع المبرر وتحصدون كراهية الإخوان التى تزيد فى الشارع يوماً بعد يوم وتتجه إلى صدوركم أنتم؛ لأنكم محسوبون أو حسبتم أنفسكم على الإخوان فأصبح السلفيون هم «إخوان» بدون كارنيه، والمشكلة الحقيقية التى أرجو من السلفيين فهمها هو أنكم لا يمكن فى يوم من الأيام أن تكونوا إخواناً لأن الإخوان قدس الأقداس والفرقة الناجية التى لا يدخلها إلا أصحاب الدم الأزرق من أبناء الجماعة. أرسل لى المهندس رضا الباز ما يؤكد هذا الكلام بأن السلفيين شربوا المقلب من الإخوان فى لجنة الدستور فى المادة 231 وبحسبة بسيطة يقول: «نص المادة 231 تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما، استغلت جماعة الإخوان السذاجة السياسية للتيار السلفى وعدم خبرته الواسعة فى واقع العملية الانتخابية فقامت بوضع هذه المادة خلسة وفى آخر جلسة، التى نصت على ما يضمن للإخوان أكبر قدر ممكن للحصول على أعلى أصوات مع تفتيت من دونهم، معتمدة فى ذلك على التنظيم القوى لديها وخبراتها الكبيرة فى خبايا الواقع الميدانى للانتخابات. فمن المعلوم من الانتخابات التشريعية بعد الثورة أن نظام الثلث الفردى باتساعه الجغرافى كان فى صالح الإخوان بدرجة امتياز، ونظام الثلثين للقوائم الحزبية المغلقة كانت نتيجة الإخوان والتيار السلفى يقتربان من بعضهما البعض، لذلك قام الإخوان بالإبقاء على الثلث الفردى مع ضمان اتساعه الجغرافى بوضع نسبة 50% عمال وفلاحين. لكن الخدعة الكبرى كانت فى ابتكار طريقة لتفتيت القوائم التى كان ينافسه فيها التيار السلفى فقام بإدخال عنصر المستقلين فى القوائم حتى يحق للمستقلين عمل قوائم، وبغض النظر عما إذا كانت القائمة ستكون مغلقة أم مفتوحة والتى هى أميل للمفتوحة للفظ «يحق للأحزاب والمستقلين» ولم ينص صراحة على أنها قوائم حزبية. للتوضيح أكثر: النص الدستورى أعطى لأى مستقل حق الترشح فى قائمة سواء بمفرده أو مع غيره فى قائمة المستقلين ومن هنا أصبح لأى شيخ بذقن عمل أو الانضمام لقائمة وسيرشحه من هو أقرب إليه المهم أنه سيأخذ الأصوات القريبة منه والأكثر معرفة وثقة فيه وسيفضله فى الغالب على أى قوائم سلفية كبرى مثلا كحزب النور والذى ستكون شخصياته أقل معرفة له، من مبدأ «الشيخ اللى نعرفه أحسن من الشيخ اللى منعرفوش»، وسيتكرر هذا مع باقى المناطق سواء داخل قرية أو عزبة أو شياخة أو مدينة، فهذا يأخذ ألفين صوت وهذا يأخذ ألف وذاك يأخذ ألف ونصف، وهنا يحدث هدر كبير للأصوات السلفية. والمشكلة أن هذا الهدر لن يعوض؛ لأن القائمة لا يوجد لها إعادة، وأيضاً لا يستطيع أحد منع أى أحد من حقه فى الترشح سواء بدافع من نفسه أو مدفوع من غيره لمثل هذا الغرض وهذا غالباً ما يحدث وهذا العمليات القذرة هى ما عهدناها فى كل الانتخابات السابقة، التى ورثها الإخوان عن الحزب الوطنى وأجادوها وأتقنوها خير إتقان، ومن هنا سيكون التفتيت وطبعاً المتضرر الأكبر منه هو التيار السلفى؛ لأنه كان الأكثر نسبة فى القوائم الحزبية والأكثر منافسة للإخوان. نسبة 50% تضمن اتساع الدائرة الفردية، فقد أبقى الدستور على نسبة 50% عمال وفلاحين ليس اقتناعاً بقضية العمال والفلاحين كما هو ظاهر؛ لأنه تم اتساع تعريف العامل وهو «العامل من يعمل لدى الغير»، بمعنى أنه أتاح لأكثر من 90% ممن يريدون الترشح حق الدخول تحت هذا التعريف (عمال)، فالقضية ليست حباً فى العمال أو الفلاحين ولكن القضية الحقيقية هى الإبقاء على اختلاف نوعية المرشح لضمان بقاء اتساع الدائرة الفردية لتشمل ثلاث دوائر انتخابية مجاورة جغرافياً كما هى قبل الثورة بدلاً من أن تصبح دائرة ونصف، فمثلاً لو اعتبرنا ثلاث دوائر انتخابية بشكلها قبل الثورة هى د1 ود2 ود3 يجب أن يكون لها نائب فئات ونائب عمال هذا نصيب الثلث الفردى والباقى الثلثان للقائمة. أما فى حالة عدم وجود نسبة العمال والفلاحين فيجب تقسيم الثلاث دوائر إلى دائرة ونصف ليمثل كل منها نائب. فلم يعد هناك معنى لتمثيل عدد 2 نواب متماثلين من ثلاث دوائر وإلا دخلنا فى فلسفة القوائم. لذلك كان الإبقاء على نسبة 50% بالنسبة للإخوان شىء مهم جداً لضمان اتساع جغرافى كبير حتى ينفرد بالسيطرة عليها لأنه الأكثر تنظيماً.