متعتهم الوحيدة يجدونها هناك، يجتمعون يومياً فى ذلك المكان الذى أعدته الدولة للشباب، يمزحون ويلعبون، غير أن الظروف أبت أن تُكمل فرحتهم، فبينما يتراصون حول ترابيزة البلياردو الموجودة داخل مركز شباب «دمنهور شبرا» بمساكن الضباط بشبرا الخيمة، يلقون بأعباء معيشية تطاردهم فى حيهم الشعبى مع كل كرة تسقط فى «سلة» اللعبة، يأتيهم هادم اللذات «انقطاع التيار الكهربى» وفى الوقت الذى يستعدون فيه لمغادرة المكان بعدما طال انتظارهم لعودة النور ينادى عليهم طفل صغير لا يتعدى 11 سنة «يعنى هما مفكرينا مش هنعرف نلعب.. محدش هيعكنن علينا.. ده بُعدهم». أخرج أحدهم موبايله الصينى المزود بخمس كشافات، وأرسل آخر شقيقه الأصغر لإحضار كشاف صغير ليبدأوا اللعب من جديد، «سيف أحمد» سار على قدميه نصف ساعة كاملة لممارسة لعبته المفضلة، لذا قرر عدم مغادرة «المركز» حتى لو «قلبت كُحل»، فى أحد أيام العشرة الأواخر من رمضان انقطع التيار عن الحى 12 ساعة كاملة؛ من وقت الإفطار حتى السابعة من صباح اليوم التالى، فاضطر الأهالى للتجمهر أمام قسم شرطة قسم «أول شبرا الخيمة» حتى عاد التيار فى الثامنة صباحاً، «محمد حسن» صاحب ترابيزات البلياردو المؤجرة من المركز يشكى قطع عيشه بسبب انقطاع التيار الذى يصرف زبائنه عنه، مدخل المكان أشبه ببوابات المنازل وهو محاط بسور حديدى مكشوف تدخله الشمس نهاراً، لذا يرى الشاب العشرينى أنه لا يستهلك الكهرباء بشكل كبير «مش عارف نرشد الاستهلاك إزاى نخلى الناس تلعب على ضوء القمر ولا إيه؟». دخان كثيف يتصاعد من خلف المركز يشير إليه «عمر سالم» 16 سنة ويقول: دى محطة توليد كهرباء وبيقولوا إنها أكبر محطة فى القاهرة ومش عارف النور بيقطع كده إزاى؟، إلى جوارهم ملعب للكرة اضطر شباب المنطقة أن يلعبوا فيه مظلماً بعدما فقدوا الأمل فى عودة النور، عندما أخبرهم أحد سكان الحى من شرفته بأن إصلاح الكابلات سيستمر للصباح، فى الأعلى مكان للفيديو جيم هو الأكثر تضرراً فبدون الكهرباء يصبح المكان خاوياً. أكثر ما يزعج شباب الحى فى انقطاع التيار ليس فقدهم للمتعة فى اللعب «إحنا بنعرف نتصرف فى أى وضع» غير أنهم يشعرون بغصة بسبب ذهاب أهاليهم للنوم فى المسجد «الستات بقوا يروحوا يناموا فى الجامع عشان فيه مولِّد والمراوح شغالة هناك»، كما يرى الشباب انقطاع الكهرباء عكننة فى أيام العيد، أحمد عبدالله يحكى عن 8 أطفال كادوا أن يروحوا ضحية انقطاع التيار، بعدما ملأت الكلاب المسعورة الحى وهاجمت الأطفال وأحدثت فيهم إصابات عدة.