سأتكلم هنا عن "الصدق"، الذي أصبح عملة نادرة جدا هذه الأيام، فدائما تقال وعود ولا تنفذ، فعندما تعد يكون هذا الوعد أمام الله، ويكون شاهدا عليك، فكيف تخذله؟ إن الشخص الذي يفعل ما يقول، ولا تتغير مواقفه أبدا حتى لو قدمت له الإغراءات، ويكون دائما خارج الصفقات المشبوهة، يحترمه الجميع، لأنه وعد فأوفى وراعى ربه قبل أي شيء، ولم يستخدم الدين كوسيلة لخدمة مصالحة الشخصية. الصدق هو جواز سفرك لقلوب الناس، فلكي تكون شخصا صادقا، يجب أن تكون صادق دائما وأبدا، ولا تدع أي موقف مهما كان محرجا يجعلك تكذب، حتى لو كنت أخطأت في الماضي وواجهك أحد بهذا الخطأ، فلا تنكر، وارفع رأسك وقل نعم حصل، وتكلم بكل صدق، هتخاف من إيه؟ إذا كان ربنا عارف، هيهمك إيه من البشر؟ لا يوجد على وجه الأرض أحد معصوم من الخطأ، مهما كان نوع الخطأ، حتى لو كان خطأ أخلاقيا. صدقني، كل الأخطاء أخلاقية، وكله وقع فيها، فلا تجعل أحدا يُشعرك بالذنب لفداحة خطئك، فكل الأخطاء تظل صغيرة أو معدومة إلى أن تُكشف فتصبح فادحة، لكن الأهم من هذا كله، هو أن تتصالح مع نفسك وتعترف بها أمام الله، وتطلب منه المساعدة والغفران. إننا مخلوقون هنا على الأرض لإرضاء الله وحده، فلا تجعل كل همك تحسين صورتك أمام من يخطئون مثلك، ولا تسمح لأحد أبدا أن يستغلك لأي سبب، ويجعلك تتنازل عن مبادئك، وإلا ستكون عبدا له طوال العمر، فأرجوكم ألا تشجعوا المزيفين أو تصدقوا بوس الأيادي. لماذا ينحني إنسان لإنسان مثله علشان يبوس إيده؟ إن من يفعل ذلك يطلب ود من يقبل يده، فلا يمكن أن يترجم ما يفعله إلى أنه يطلب ود الله أبدا. واللي بتتباس إيده، لماذا يسمح بهذا أصلا؟ لماذا تسلط الضوء على نفسك وتلفت النظر إليك؟ لماذا كل هذا المجد الشخصي؟ المفروض أنك تدعو إلى الله لا إلى شخصك، المفروض أن تنكر نفسك لتُظهر مجد الله، لا أن تمجد نفسك أولا، وأي شيء آخر يأتي في المرتبة الثانية. المفروض أن الله يأتي في المقدمة، ولكن ما نراه الآن مزيف وغير حقيقي وغير صادق أيضا.