فيما يبدو وكأنه الخروج الكبير فى نهار أول أيام قيامة العملاق السوفيتى من مرقده القديم وعودته لمقعده على كفة ميزان العالم الخاوية، قد أزعج ذلك الصحو من يجلسون على الكفة الثانية من الميزان الأممى. ولأنها لا تعرف الفرق بين اللعب بالكرة الشراب واللعب بالكرة الأرضية، فسوف تظل أمريكا تبعثر الخرائط والمصائر والناس وبضربة قدم طائشة أو مقصودة.. وأنت تسأل عما يفعله الفريق الأمريكى ولاعبوه الأوروبيون فى أوكرانيا الآن؟ فهل تسللت أمريكا لتمارس لعبتها الدولية القديمة مع شبح -الاتحاد السوفيتى الخارج من قبوه وقبره الآن- وعلى الأراضى الروسية داخل الملعب الأوكرانى؟ تبدو اللعبة هكذا: روسيا تطرد أمريكا من الملعب السورى.. أمريكا تلف لروسيا من جهة حدود جنوبها الغربى، حيث تقع أوكرانيا -إحدى دول الاتحاد السوفيتى المفكك سابقاً- ثم أمريكا تشعل فى أوكرانيا حرباً أهليةً.. وعلى طريقة البيع والعمالة والخيانة وتمويل الإرهاب الإخوانى فى مصر وسوريا وتونس وليبيا، قام الفريق الأمريكى (بلعيبته) الأوروبيين بتمويل المعارضة الأوكرانية المسيحية الراغبة فى الانضمام للاتحاد الأوروبى فى مواجهة الشعب والحكومة والرئيس الساعين للانضمام للاتحاد الجمركى (الاسم الحقيقى للاتحاد الروسى أو السوفيتى).. وعليه، وهكذا، وبنفس السيناريو المقيت الذى حدث فى مصر بعد 30 يونيو، بدأت «أشتون» و«ماكين» مساعيهما الدولية المضللة والفجة فى العاصمة «كييف»، ناصحين الحكومة الأوكرانية بالاستماع لصوت المعارضة واحترام المظاهرات (السلمية)!! شوف إزاى؟ إنه دورى العالم الذى تفوز به دوماً إحدى الدول العظمى فى حضور فرق الدرجة الثالثة لشعوب العالم الثالث فى لعبة الكرة الأرضية أو الكرة الشراب. ■ طيب، ما علاقتنا، نحن العرب، بهذا الصراع الجغرافى البعيد؟ أقول لك: فوق العالم والبشر، تقف أمريكا -ولا تزال- بحذائها الثقيل.. بقدم فوقنا هنا فى بلاد العرب، وقدم هناك الآن غرب «موسكو»-.. لكن يوماً ما قريباً ستعلن أمريكا ماتش اعتزالها.. إنها حتمية التاريخ والجغرافيا والأخلاق.. ثم من قال إن ذاك اليوم المحتوم لم يبدأ بعد؟ ربما بدأ ولم تشعر به هى.. ولربما لم ترَ الدماء بعد التى تنزف بغزارة من كعب قدمها الممدودة فى بلادنا العربية،كعب أخيل، سكين مصرى أصيل فى كعب أمريكا مغروز منذ 30 يونيو سيعلن نهاية الإمبراطورية.. لهذا ذهبت لتدك قدمها الثانية فى أرض بعيدة. وربما لا تعرف أمريكا أن النبى «سليمان» قد نهشه هو وعصاه السوس قبل أن يعلنوا وفاته بزمان، ربما قد أكل وبلع السوس وشبع من عظام قدمى أمريكا المتململتين من طول استكانة أرضنا لجزمتها الثقيلة. والآن تلعب الدولتان العظميان أمريكاوروسيا على المكشوف، لعبة تشبه لعبة (عنتر ولبلب) الشهيرة فى الفيلم المصرى الأشهر: فعلى خدها الأيمن تصفعها روسيا وتخرجها من داخل الملعب السورى.. فتستدير أمريكا لتصفع روسيا على خدها الأيسر فى الملعب الأوكرانى وكأننا تماماً وفعلاً إزاء إعادة إنتاج لفيلم (عنتر ولبلب) حيث حرارة سباق الصفعات بين «شكوكو» و«سراج منير».. فمن قال أو تشكك لحظةً بأن السياسة ليست غير لعبة قديمة جوائزها التخوم والحدود والوطن؟