سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
والدة الشهيد «الكبير»: "مش عايزة كلمة شكر أو مكافأة..وبطلب القصاص من اللى قتلوه" رسالة الأم ل«الببلاوى»: حكومتك أى كلام.. ولوزير الداخلية: لو بتحب ولادك هات حقهم.. وللإخوان: أنتم جماعة تتاجر بالدين
لم يتبقَّ من أحمد سمير الكبير، ضابط العمليات الخاصة الذى استشهد فى مدنية قها بالقليوبية، على يد قتلة الضابط محمد مبروك، سوى كلماته والحزن الذى يسود منزله ودمعات لا تتوقف فى أعين أسرته، والدته وزوجته وشقيقه، والطفلين «محمد»، 4 سنوات، و«عمر»، 3 سنوات، ابنى الشهيد، اللذين يصرخان ولا يعرفان سوى جملة «بابا مات.. وراح عند ربنا». دون أن يدلّك أحدهم على المنزل ستصل وستتعرف عليه بسهولة، وكأن قدميك تعرفان الطريق إليه؛ فهو شقة بسيطة بالطابق الثانى فى عقار بمنطقة كوبرى القبة، تلفه هالة من الأسى والحزن، تلمس فيها مهابة الموت. نساء بملابس حداد ينتشرن فى المنزل، صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ينساب صداه فى رهبة وإجلال، بسهولة تراها، والدة الشهيد التى تتلقى واجب العزاء فى نجلها، جالسة على كرسى فى الصالة وأعلى الحائط وراءها صورة الشهيد وزوجته وأبنائه. مجدة حسن، طبيبة، والدة الشهيد، رغم مرضها لم تكف عن البكاء، تشير إلى صورة نجلها قائلة: «كان كل يوم يكلمنى ويطمن علىّ.. اتصل بىّ قبل المأمورية وقال لى ادعى لى يا أمى أنا هطلع مأمورية كمان شوية ربنا يسترها، ومفيش ساعتين عرفت إن ابنى مات.. مات شهيد.. مات شهيد.. عند ربنا.. فى مكان مفيش فيه الببلاوى ولا الإخوان.. فى مكان أحسن بكتير.. فى الداخلية كل يوم يتقتل واحد عند ربنا فى الجنة». وتابعت الأم: «أحمد كان طول عمره بيحب شقيقه الأكبر، وكان واخده قدوة ليه، وهو يعمل ضابط جيش وأصر على دخول الشرطة، رغم أنه كان متفوقاً فى الثانوية العامة وكان فى مدرسة المظلات، ولما اتخرج اختار يكون فى قطاع العمليات الخاصة». تتذكر الأم أحداث اقتحام «كرداسة»، تقول: «أحمد ابنى كان ظابط شاطر جداً وبيحب شغله، وطلب من القائد بتاعه المشاركة فى تطهير كرداسة رغم إنه كان لسه جاى من مأمورية فى سيناء، ولما عرفت بخبر مقتل اللواء نبيل فراج اتصلت بيه عشان أطمن عليه فأخبرنى أن استشهاد اللواء فراج زاده إصراراً على الدخول والقبض على الخارجين على القانون وتطهير البلد من الإرهاب وجماعة الإخوان اللى بتّاجر بالدين». تواصل الأم حديثاً يتخلله البكاء: «الحمد لله ربنا يكتبه شهيد.. أحمد ابنى عند ربنا».. تصف الأم يوم جنازة نجلها الشهيد بقولها: «يوم مش هنساه، زى ما يكون كان بيكلمنى وهو فى الصندوق، أحمد ودع الجميع مساء استشهاده، أصحابه وجيرانه، وهو يبتسم لأنه كان فرحان إنه هيموت شهيد». وتتابع الأم: «لن أصف صرخات زوجته ولوعتها وحسرتها، كانت فى المنزل وخبر استشهاده نُشر فى المواقع الإخبارية، شقيقه أخفى عنها الخبر بعد أن اتصل به أحد زملاء الشهيد وأخبره، ثم اتصل بها وأبلغها أن أحمد أصيب أثناء مهاجمة بؤرة إجرامية فى القليوبية، فحضرت إلى المنزل ووجدتنى فى حالة بكاء هستيرى، فقالت لى بصوت عال: (أحمد حصل له إيه؟)، رديت عليها بصوت ضعيف من شدة البكاء: (أحمد ابنى محبوب، كل الناس بتحبه، أحمد كان بيحب شغله قوى، أحمد ربنا بيحبه، أحمد مات، مات شهيد، عند ربنا، البركة فى ولاده محمد وعمر، كان فى مأمورية للقبض على مسجلين خطر قتلوا المقدم محمد مبروك.. فى منطقة قها بالقليوبية وتلقى رصاصة فى الرقبة عطلت جميع أجهزة جسمه ومات فى الحال)، فانطلقت صرخاتها التى لم تنته، واحتضنت ولديها وهى تبكى بهستيريا وتصرخ: (لأ، أحمد عايش مش ميت)». ووجهت الأم، فى حديثها ل«الوطن»، 3 رسائل، الأولى للدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء: «حكومتك لا تعمل.. حكومتك أى كلام.. ارحل إذا استمر الوضع على هذا.. اتركها لمن يستحقها». والثانية للواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية: «شوف أولادك، كل يوم يتقتل واحد منهم.. كل يوم نصحى على خبر استشهاد ضابط شرطة على يد خطرين.. يا سيادة الوزير لو بتحبهم هات حقهم». والثالثة للإخوان: «أنتم لا تعرفون أى شىء عن الدين.. أنتم جماعة تتاجر بالدين وتقتل الأبرياء». وقالت الأم فى نهاية حديثها: «أنا مش عايزة غير حق ابنى.. مش عايزة كلمة شكر أو مكافأة مالية.. أنا بطلب القصاص من قتلة ابنى أحمد».