ما أجمل أن تحلم وبالجهد والصبر تحقق حلمك، فى الحادى عشر من شهر نوفمبر كان ميلاده، وفى سن خمس سنوات عانقت أنامله الصغيرة أنامل البيانو، تشابكا معاً وتعاهدا ألا يفترفا، وكلما مرت الأعوام زاد ارتباطهما وتدفقت من بين أنامله الأنغام لتحقق أجمل الأحلام. إنه الموسيقار الرائع عمر خيرت.. نشأ فى عائلة تعشق الأدب والموسيقى فكان البيانو فرداً أساسياً فى المنزل. طفولة الموسيقار عمر خيرت كانت طفولة سعيدة يظللها الحب والاحترام بين الأب المهندس على خيرت بوزارة الأوقاف الذى عشق فن العمارة كما عشق نغمات البيانو، وشيّد أروع المساجد، والعم الرائع الموسيقار والمهندس العظيم أبوبكر خيرت الذى برع فى الهندسة فكان أول دفعته بامتياز، وبرع فى الموسيقى فكان أول عربى يؤلف سيمفونية.. ليشيد صروحاً من المبانى والأنغام كان أهمها المعهد العالى للموسيقى (الكونسرفتوار). مع نسائم الصباح كل يوم كان الطفل الصغير عمر يصحو على تغريد الطيور وأنغام البيانو الذى كان قاسماً مشتركاً بين كل أفراد الأسرة، فكان الوالد العظيم على خيرت يبدأ يومه بمصافحة البيانو ليدور بينهما حوار من الأنغام، علّم أولاده العزف، كما حرص الجد المحامى والكاتب محمود خيرت على غرس حب الموسيقى فى نفسه ونفس أشقائه الصغار. الحب كان الشجرة التى زرعها الأب والأم فى نفوس عمر خيرت وأشقائه الخمسة لتثمر أروع الزهور والمشاعر بينهم.. التحق عمر خيرت بالدفعة الأولى لمعهد الكونسرفتوار لتبدأ رحلته مع الموسيقى، وتنقّل بين الآلات الموسيقية كفراشة تتنقل فى حديقة الأنغام بين الزهور، درس بكلية ترينتى ببريطانيا ليجمع بين الموهبة والدراسة، فالمؤلف الموسيقى لا بد وأن يصافح كل الآلات ليكتب النوتة الموسيقية، وعمر خيرت، برغم عشقه للبيانو رفيق رحلته، يجيد العزف على كل الآلات الموسيقية، وبدايته الاحترافية كانت مع آلة الدرامز، من يشاهده وهو يعزف يشعر أنه فى حوار مع أقرب صديق له، البيانو الذى شهد عبقرية عمه العظيم ولا يزال يحتفظ ببصمات أنامله، بالدراسة والجهد والموهبة استطاع عمر خيرت أن يحقق حلمه وحلم عمه ويصل بالموسيقى الشرقية للعالمية. عمر خيرت، رحلة عشق مع الأنغام، شجرة وارفة الظلال مدت جذورها فى أرض الفن المصرى فوصلت أغصانها وزهورها