رأى عدد من الخبراء والسياسيين أنّ الكشف عن أعمال التجسس من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية على بعض الدول الأوروبية ودول أخرى عربية، ليس جديداً على ساحة العلاقات الدولية وخاصة بين الدول الكبرى؛ فمعظم الدول تتجسس على بعضها بعضاً، لافتين إلى أنها قد تتسبب فى حالة استياء بين الدول، لكنها لا ترقى إلى حد الخلاف. وقال «وهبى قاطيشا»، الخبير العسكرى اللبنانى، إنّ «أعمال التجسس والتنصت فى المجالات السياسية والاقتصادية هى أمر من قديم العصور وجزء من سياسات الدول، ومن المعروف أنه حتى الدول الصديقة تتجسس على بعضها، لكن الفارق أن هذه المرة افتضح أمر الولاياتالمتحدةالأمريكية»، وأوضح «قاطيشا» أنّه فى الغالب قد تحدث توترات بين البلدين بسبب أعمال التجسس، لكنها لا ترقى إلى حد قطع العلاقات وسياسة التجسس معروفة أنها سياسة أساسية وكانت أبرزها فى فترة الاتحاد السوفيتى وكان هناك تجسس متبادل. وحول التجسس على بعض البلدان العربية، قال «قاطيشا» إن الولاياتالمتحدة تتجسس على الدول العربية وخاصة الدول المحورية فى الشرق الأوسط منذ عشرات السنين، تتجسس حتى على اجتماعات قادة الأحزاب؛ حتى تعرف جيداً مع من تعمل ومدى صلابتهم ومن ثم تحدد طرق التعامل معهم، ولفت «قاطيشا» إلى أن أجهزة المخابرات الأمريكية لها عملاؤها فى المنطقة وهناك أطراف تتعاون معها وهى جزء من الدبلوماسية السرية. وفى اتصاله مع «الوطن»، قال الخبير الروسى المختص بشئون الشرق الأوسط، «رافائيل مصطفين»، إنّ «أعمال التجسس قديمة جداً حتى إنها كانت تتم فى فترة الفراعنة والفرس؛ فأى دولة تريد أن تعرف معلومات عن الدول الأخرى، سواء أكانت حليفاً لها أو صديقاً لها»، وأضاف «مصطفين»: «على سبيل المثال إسرائيل، رغم أنها دولة صديق للولايات المتحدة، فإنها تقوم بأعمال تجسس كبيرة وعلى مساحات شاسعة من الولاياتالمتحدة لا يمكن تصديقها، ومن قبل نشبت بينهما أزمة بسبب هذا، وكل البلدان الغربية تتجسس على بعضها»، وأوضح «مصطفين» أنّ سر الغضبة من بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا من الولاياتالمتحدة ليس من أعمال التجسس فى حد ذاتها، فهى أمر طبيعى بالنسبة لهم، لكن السبب الحقيقى هو أن الكشف عن هذه الأعمال أظهر أمام العالم أن الولاياتالمتحدة لا تثق فى حلفائها، كما أنها أظهرتهم بشكل سخيف، وأكد مصطفين أن الولاياتالمتحدة لا تثق فى حلفائها بنسبة 100% وهى ترى أنها قوة عظمى، ومن حقها أن تعرف كل شىء ومن حقها التجسس. من جهتها، قالت الدكتورة «نورهان الشيخ»، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إنّه «من الوارد أن تكون هناك دول فى منطقة الشرق الأوسط متعاونة مع الولاياتالمتحدة فى أعمال التجسس إذا كان هناك تلاقٍ للمصالح والأهداف فيما بينهم»، وأوضحت «الشيخ»، فى اتصالها مع «الوطن»، أنّ أقوى دولتين مرشحتين للتعاون مع الولاياتالمتحدة هما «تركيا وإسرائيل»؛ لأنهما أكثر دولتين لهما علاقات ومصالح مشتركة مع الولاياتالمتحدة، وخاصة إسرائيل التى تجمعهما علاقات تعاون استخباراتية كبيرة وقديمة، وأشارت الشيخ إلى أنّ أعمال التجسس على شخصية بحجم المستشارة الألمانية، «أنجيلا ميركل»، بالتأكيد سيسبب إزعاجاً بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبى إلا أنّ هذا لن يرقى إلى حد الخلاف أو التوتر؛ لأنّ العلاقات الأوروبية الأمريكية علاقات استراتيجية عميقة ولا نتوقع أن يحدث خلاف بسبب مثل هذه الأمور بينهما فيما يتعلق بالقضايا الكبرى، الاتحاد الأوروبى لا يتحرك إلا فى كنف الولاياتالمتحدة، وتابعت «الشيخ»: لكن فى ذات الوقت ما من شك أنها تترك أثراً والدليل على ذلك العلاقات الروسية الأمريكية، خاصة بعد منح روسيا حق اللجوء المؤقت ل«إدوارد سنودن»، موظف وكالة الأمن القومى الأمريكية السابق، بعد الوثائق التى سربها حول أعمال التجسس الأمريكية.