يوجد فى مصر عشرات القوانين والقرارات الوزارية التى تجرم وتحرم ذبح الحيوانات المريضة والهزيلة والصغيرة وذات القوانين والقرارات تعاقب بالسجن كل من يذبح خارج المجازر المخصصة للذبح، بل وإنها تعاقب كل من ينقل اللحوم فى سيارات نقل غير مخصصة لذلك أو من يعرض اللحوم فى محلات غير مجهزة. والغريب أن كل تلك القوانين والقرارات الوزارية لا وجود لها على أرض الواقع.. والسؤال: لماذا؟ «الوطن» فتحت الملف لتقف على الحقيقة وما يتم داخل المجازر. ففى مجزر عرب المدابغ بأسيوط زيارة واحدة له تكفى لعزوفك عن أكل اللحوم مدى الحياة، ويشعرك بمدى التلوث البيئى الذى يحيط بالمجازر البلدية، وأنك مستهدف من ميكروبات ومخاطر على الصحة العامة، وأكثرها ما يرى بالعين المجردة، بل وتصطدم بها حواسك أثناء تفقدك لهذا المكان غير المجهز وفقا للقواعد الصحية الآمنة، فمجارى الصرف الصحى تحيط به من كل اتجاه، وأثبتت تحاليل عينة من مياه منطقة عرب المدابغ، التى يقع فيها المجزر، أن مياهها ملوثة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى وهى نفسها التى تستخدم داخل المجزر لغسل اللحوم. فى البداية أكد الأطباء البيطريون بأسيوط أن لحوم المواشى التى تذبح بمجازر المحافظة لا تصلح للاستخدام الآدمى، مشيرين إلى أن مجازر المحافظة تشهد تجاوزات أثناء الذبح، تؤثر بشكل مباشر على صحة المواطنين، ويقول الدكتور أحمد حسن سيد، طبيب بيطرى، إن المجازر بؤر للعدوى والطبيب يعمل تحت ضغط من الجزارين واعتداء متكرر باللسان ولا يوجد من يحمينا، وأشار إلى أن أحد الأطباء أعدم بهيمة مصابة فلفق له الجزارون قضية آداب، وزميل آخر تعرض للضرب المبرح عندما رفض ذبح بهيمة مريضة، واصفاً دور مديرية الطب البيطرى بالسلبى بعد انتشار الكلاب الضالة والحيوانات الميتة والبرك أمام المجزر، والمديرية صامتة لا تتحرك. ويقول الدكتور على عبدالغنى، طبيب بيطرى، إن أغلب حالات الدرن فى أسيوط سببها اللحوم المصابة التى يتم ذبحها بعد ممارسة ضغوط على الطبيب، ويضيف أننا لا نستطيع إعدام بهيمة وكثير من الجزارين يرفضون أن نكشف عليها، وفى أحيان أخرى يقومون بذبح «العُشر» وهذا حرام شرعا ويوميا تعرض علينا رشاوى، وفى بعض الأحيان يضربوننا ولا نجد من يقف بجوارنا. وفجر طبيب بيطرى «يعمل بأحد المجازر» مفاجأة عندما أكد أن هناك أياما نقوم فيها بذبح الماشية ولا نجد ماء، فيقوم الجزار بإحضار ماء من الترعة المجاورة لكى يغسل بها اللحم، وأضاف أن المجازر لا يوجد فيها أبسط شروط الصحة العامة، كما يمثل بعد مسافة المجازر وضيق المكان وتراكم مخلفات الصرف حوله عاملاً لإحجام الجزارين عن الذبح فى المجزر، وبذلك لا توجد رقابة صحية عليه مما يعرض صحة المواطن للخطر. ويضيف الدكتور محمد سيد، طبيب بيطرى، أن كل دول العالم المتقدم تعطى أكبر اهتمام للبيطريين ويقاس تقدم الدول بمدى تقدم الطب البيطرى، وللأسف منذ أيام النظام السابق وهناك إقصاء وإهمال متعمد للطب البيطرى، وهذا يؤدى إلى الأمراض الكارثية مثل الحمى القلاعية وإنفلونزا الطيور، مشيراً إلى وجود أكثر من 4 آلاف مريض سنويا بالدرن والسبب الرئيسى هو ذبح الحيوانات المريضة. ويقول الدكتور مصطفى إسماعيل، طبيب بيطرى، إن المشكلة لا تخص البيطريين فقط لأنها خط الدفاع عن صحة الإنسان، بالإضافة للثروة الحيوانية، فنهضة الطب البيطرى تحافظ على الصحة العامة، وللأسف ما زال الطب البيطرى فى مصر يتبع وزارة الزراعة، مطالباً باستحداث وزارة مستقلة للثروة الحيوانية وسلامة الغذاء.