تتضاعف عمليات الذبح العشوائى خارج المجازر للحيوانات بجميع أنواعها، سواء فى الشوارع أو فى البدرومات أو المحال المخصصة لذلك أو السلخانات المجهولة التى أقامها الجزارون، وذلك فى «عيد اللحمة»، ويتم الذبح من دون رقابة على عملياته أو الكشف على الحيوانات من قبل الطب البيطرى أو الصحة أو غيرهما، هذا فى الوقت الذى تحولت فيه أزقة القاهرة إلى حظائر للمواشى والأغنام والجمال قبل عيد الأضحى المبارك، حيث نصب الجزارون وتجار الحيوانات «كردونات عشوائية» فى الشوارع. ويضم كل كردون نحو مئة رأس ماشية، وتباع الرأس بما يتراوح بين 1500 و3000 جنيه للخروف، وبين 7 و12 ألف جنيه للمواشى، وكله حسب الحجم والنوع. ويشعر المواطنون بالاستياء من تحول شوارعهم والطرق المؤدية إلى بيوتهم إلى حظائر عامة فى غياب من المحليات ووزارة البيئة فى تلك الفترة من كل عام. وتشوه هذه الحظائر المظهر العام، وتتسبب فى إشاعة الروائح الكريهة الناتجة عن روث وفضلات هذه الحيوانات التى يستنشقها الأهالى فى الشوارع أو البيوت، وتصيبهم بالأمراض الصدرية والجلدية خاصة للأطفال أو الكبار ممن يعانون من الحساسية، بل تعزل سكان المناطق التى توجد بها عن أقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم، حيث يعتذرون لهم عن الزيارات فى تلك الأوقات . ويحدث كثيراً أن يتم ذبح حيوانات مريضة بأمراض مختلفة منها الحمى القلاعية أو غيرها من الأمراض التى تصيب الحيوانات، وبالتالى تنقل الأمراض إلى المواطنين بعد تناول تلك اللحوم. وتنتشر عمليات الذبح فى كل المحافظات ولكنها تكثر فى القرى نظرا لعدم وجود سلخانات، وكذا فى المناطق الشعبية بالقاهرة والجيزة والمدن. ففى منطقة بولاق أبوالعلا خلف مبنى الإذاعة والتليفزيون يقوم جزارون بذبح خراف فى الشوارع ويقومون بعمليات السلخ أمام المارة، وهكذا تمتلئ الشوارع بالدماء والجلود ومخلفات الذبح والأحشاء التى تنتشر حولها الحشرات والقطط والذباب بشكل مشين، ثم يحملون الذبيحة ويعلقونها بمحالهم، ومن ثم يبدأون البيع فى الوقت الذى يتوافد عليهم الزبائن لشراء اللحوم دون انتباه لكون اللحوم مذبوحة داخل المجزر أو خارجه أو التأكد من وجود خاتم المجزر الذى يضمن لهم السلامة الصحية فيما يتناولونه من طعام. ويتكرر الأمر فى منطقة المذبح بمصر القديمة، حيث تشتهر تلك المنطقة بوجود عدد كبير من محلات الجزارة وتجارة اللحوم، والغريب أن اللحوم تعرض فى الشوارع والمحلات ولا يهتم موظفو الطب البيطرى بالكشف الطبى لأنهم يحصلون على الإكرامية، كما أكد بعض بائعى اللحوم فى منطقة المذبح. وعن خطورة ذبح الحيوانات خارج المجازر على الصحة العامة يقول الدكتور حازم عبدالله، خبير الطب الوقائى، واستشارى الدراسات البيئية: إن الأمر يمثل كارثة صحية وبيئية فى نفس الوقت، حيث يمكنه أن يقتل إنسانا فى حالة إصابة الحيوانات بأمراض خطيرة وعدم اكتشافها، مشيراً إلى أن الجزارين فى القرى الريفية يشترون الحيوانات المصابة بالحمى القلاعية من الفلاحين بأسعار زهيدة ثم يبيعونها للمستهلكين. أما عن الخطورة البيئية فيقول خبير استشارى الدراسات البيئية إن الدماء الناتجة عن الذبح فى الشوارع تترك آثارا ضارة تلتف حولها الحشرات والذباب وتنقل الأمراض للكبار وتهدد الصغار، مشيرا إلى أن وزارة الصحة بها 6 آلاف مفتش صحة وعددهم غير كاف للمرور على منافذ الأغذية ومحلات الجزارة على مستوى الجمهورية. ويرى أن الذبح المخالف يتم بسبب ضعف الرقابة وتدنى العقوبات المقررة على تلك المخالفة، مشيراً إلى أن تطبيق المعايير الصحية على المواشى المذبوحة هو سبب عزوف الجزارين عن الذبح فى المجازر، حيث ترفض اللجان البيطرية الذبح فى حالة الإصابة أو تقرر إعدام الجزء المصاب من الحيوان، وبالتالى تقع خسارة كبيرة للجزار، إضافة إلى عملية حظر ذبح المواشى أقل من 300 كيلو جرام للحفاظ على الثروة الحيوانية، بينما يذبح الجزار حيوانات صغيرة لبيع البتلو بأسعار أغلى. ويفسر البعض لجوء الجزارين للذبح خارج المجازر إلى إعدام الأحشاء الداخلية من المواشى بعد ذبحها فى المجازر مثل الكبد والأمعاء، مما يعد خسارة لهم وذلك دون تعويض أو تركها لبيعها للفقراء كما يشير الدكتور سامى طه، منسق حركة «بيطريون بلا حدود»، والذى يؤكد أن سبب إصابة أكثر من نصف المصابين بالسرطان فى مصر والآلاف من مصابى الكبد هو اللحوم الملوثة والمذبوحة خارج المجازر التى تحمى المستهلك من 220 مرضاً تنتقل من الحيوان للإنسان. الدكتور أحمد فرحات، نقيب البيطريين، يؤكد أن مديريات الطب البيطرى تراقب عمل المجازر بالقاهرة والمحافظات قبل وخلال أيام عيد الأضحى خاصة أن أكثر من 80% من الحيوانات يذبح خارجها فى تلك الفترة ويعرض فى محال الجزارة أو يكون عبارة عن أضحية للأهالى ويذبح ويوزع بمعرفتهم، الأمر الذى يمثل خطورة شديدة على حياة المستهلكين، حيث تنتشر الأمراض والأوبئة بسبب مخلفات الحيوانات المذبوحة والدماء التى تترك لأيام على الأرض فى الشوارع وتجذب الحشرات والذباب الذى ينقل العدوى بشكل فورى بين المحيطين بمكان الذبح، مشددا على ضرورة تكثيف حملات مفتشى الطب البيطرى بالقاهرة والمحافظات خلال الفترة المقبلة للكشف على الحيوانات قبل ذبحها والتأكد من تنفيذ ذلك داخل المجازر. ويؤكد الدكتور حسن شفيق، المسئول الأول عن التفتيش على المجازر بوزارة الزراعة، أهمية تشديد الرقابة والتفتيش على المجازر والتى تتبع المحليات للتأكد من تطبيق المعايير والاشتراطات لذبح الحيوانات، مشيرا إلى تشكيل لجان فنية تتابع العمل فى 780 مجزرا منها 480 مجزرا لذبح الحيوانات والباقى للدواجن. ويطالب بعدم شراء اللحوم غير المختومة بختم البلدية لأنها لا تخضع للرقابة الصحية أو الفحوصات البيطرية.