"هوي أصحابي"، جملة تعلن بدء مسلسل الرسوم المتحركة الأشهر في شهر رمضان، ما أن يذاع حتى ينصت كل من يتناول الإفطار، في انتظار سماع قصة جديدة أو ما تبقى من القديمة، التي غالبًا ما تكون على حلقتين، حيث لا يفرق مسلسل الكرتوني "بكار"، بين جماهيره، فيستمتع إليه الكبار والصغار على حد سواء. ربما كان هذا المسلسل وبطله، هو السبب الكبير وراء معرفة أغلبية من يعيش بالقاهرة ومحافظات مصر بثقافة النوبة وبعض من لهجتها، ومن ثم موجة الحب العالية التي ارتفعت فغمرت كل القلوب، وأصبحت بلاد النوبة هي منبع الحب والطيبة والجمال والبساطة.
"أبو كف رقيق وصغير"، هو بطل المسلسل وسمي على اسمه، كان "بكار" رمزًا للأمانة والشجاعة، هو الطفل المثالي الذي يرغب كل من يشاهد المسلسل أن يكون مثله، يساعد أصدقاؤه ويحبهم دون انتظار مقابل، تضعه الأقدار في مغامرات يعشقها وينتظرها من آن لآخر.
"بكار" هو أسطورة الشخصيات المصرية العربية وانجحها على الإطلاق، فلم يعلق مسلسل رسوم متحركة في أذهان المصريين كما حدث مع "بكار"، على مدار تسعة أعوام، كل رمضان كان يطل على الشاشة الصغيرة، حتى أصبح فردًا من العائلة، وليس دخيلًا عليها، خاصة مع تترات المسلسل المميزة التي غناها الفنان النوبي، محمد منير، والتي أضفت روحًا فريدة على المسلسل وشخصية "بكار": "من قلبه وروحه مصري والنيل جواه بيسري.. تاريخ أرضه وبلاده بيجري جوا دمه".
بجلبابه الأبيض الصغير، و"طاقية" النوبة الشهيرة الملونة، مع سترة حمراء، يقف "بكار" وسط "حسونة" و"فارس" و"حبيبة"، ناصحًا "حسونة" بضرورة الكف عن المشاغبة، أو محاولًا الدفاع عن "حبيبة" وإنقاذها من خطر يمر بها، أو مخاطبًا "فارس"، الصبي مرهف الحس. لم يكن بكار مجرد بطلًا للمسلسل، بل محركًا للأحداث، برفقة "رشيدة"، التي ترتدي طاقية النوبة، هي عنزته وحيوانه الأليف المفضل. المسلسل رائعة المخرجة منى أبوالنصر، اختيار طفل النوبة كشخصية عام 1997، هو ما أوحى للقائمين على الإعلام بفكرة إنتاج برنامج عن الطفل النوبي البعيد عن الأضواء والإعلام، وفي عام 1998، بدأت سلسلة مسلسل بكار، وحتى عقب وفاة منى أبوالنصر، عام 2003، حيث استأنف ابنها شريف جمال، العمل على المسلسل، وتوقف بشكل نهائي 2007. انفرد التليفزيون المصري بعرض مسلسل بكار لمدة 20 دقيقة، كل يوم من أيام رمضان، وهو ما كان في بدايته مجرد فيلمًا وثائقيًا، يعرض لمشكلات أطفال النوبة المهمشين، ليصبح فيما بعد أوسع مسلسل مصري انتشارًا يتابعه من بالداخل والخارج، ينشر الأخلاق الفضيلة والمثالية وحب الآخرين، وطاعة الوالدين، ومعالم التربية السليمة سواء من الناحية التثقيفية أو الدينية والحياتية، تاركًا في أذهان الأطفال سؤالًا، طالما رغبوا في إيجاد إجابة عليه، "يا بلادي أنا امتى هكبر وأطول النخل وأقدر؟".