مع كل صباح جديد يخرج من قريته بمحافظة الشرقية، مرتدياً بذلته البُنية، ولديه مهمة محددة منذ أن عمل فى مزلقان أرض اللواء بالجيزة، وهى تنظيم حركة مرور القطارات حتى لا يتعرض الأفراد لأى حادث. توفيق محمد زيدان، يحمل على عاتقه مسئولية كبيرة وهى حماية أرواح الناس، حتى لا يتعرض لمساءلة قانونية حال وقوع مشكلة. المشكلة الأبرز التى تواجه الرجل الخمسينى فى عمله هى سرقة الكابلات الخاصة بجرس القطار، وهو ما حدث مؤخراً. يقول «زيدان»: «سرقة الكابلات الخاصة بالجرس بتحصل كتير، وبتسبب عطل يستمر لأسابيع، وأنا كلمت المسئولين وبلغتهم بسرقة الكابل عشان أخلى مسئوليتى، أنا ما عنديش استعداد تحصل كارثة جديدة أتحملها لوحدى»، خوفاً من حدوث كارثة يضطر «زيدان» إلى الاعتماد على نفسه فى إغلاق المزلقان قبل مرور القطارات، وأحياناً يقوم بالاتصال بسائقى القطارات على المحمول، رغم ما يكلفه ذلك من أموال على حسابه. ينظر عامل المزلقان إلى قضبان أرض اللواء، متذكراً الحادث الأليم الذى وقع العام الماضى: «هنا على المزلقان ده حصلت حادثة تسببت فى وفاة أسرة بالكامل، والمسئولين اختزلوا الموضوع فى عامل المزلقان، ومن وقت الحادث مفيش حد اتحرك، والكابل اتسرق أكتر من مرة، وفى الفترة الأخيرة الجرس نفسه اتسرق مرتين، وأعتقد أبسط حقوقنا تشغيل جرس القطر اللى اتسرق ومفيش حد فكر يركّب غيره». حاول «زيدان» تصعيد المشكلة وتنبيه المسئولين إلى عدم وجود جرس فى المزلقان دون جدوى، فقام بالاعتصام أمام المزلقان حتى يخلى مسئوليته، فما كان منهم إلا أن هددوه -حسب قوله- بقطع عيشه، فخاف على مصير أولاده الأربعة: «أصرف عليهم منين؟». لم يقف سكان المنطقة مكتوفى الأيدى أمام هذه المشكلة، بل تقدموا بعدة شكاوى لتركيب جرس بدلاً من المسروق دون جدوى، فاضطروا إلى كتابة عبارات تحذيرية على جدران المزلقان، وقال مجدى عبدالرحمن، أحد سكان أرض اللواء: «كتبنا لافتات نحذر فيها المارة من عدم وجود جرس، لعل النداء المكتوب ينجح فى تحذير المارة، ويرفع عن عاملى المزلقان عبء ما قد يقع من حوادث فى المستقبل». يتساءل مجدى: «هىّ الحكومة وقّفت حركة القطارات 45 يوماً، والمفروض دى أطول فترة توقف منذ نشأة السكك الحديد فى مصر، فين بقى الإصلاحات اللى عملتها، كنا متوقعين من الحكومة تستغل الفترة الكبيرة دى وتصلح كل الأعطال، للأسف المسئولين تناسوا حادثة أطفال أسيوط وحادثة أرض اللواء اللى أُزهقت فيها أرواح بريئة مالهاش أى ذنب».