طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    وزير الزراعة: خسائر الحمى القلاعية طفيفة.. وتم توفير 8 ملايين جرعة لقاح    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    اتفاق وشيك بين الجمهوريين والديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في أمريكا    الاتحاد الأفريقي يعرب عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في مالي    نقل محمد صبحي للمستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 10 نوفمبر 2025    غارات جوية أمريكية تستهدف تنظيم القاعدة في اليمن    رعب في بروكسل بعد رصد طائرات مسيرة تحلق فوق أكبر محطة نووية    سيلتا فيجو ضد برشلونة.. ليفاندوفسكي: علينا التحسن بعد التوقف الدولي    أمواج تسونامى تضرب شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    برشلونة يحقق فوزًا مثيرًا على سيلتا فيجو برباعية    طارق قنديل: الدوري لن يخرج من الأهلي.. وتوروب يسير بخطى ثابتة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    مفتى الجمهورية يشارك فى مناقشة رسالة ماجستير بجامعة المنصورة.. صور    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    «لاعيبة لا تستحق قميص الزمالك».. ميدو يفتح النار على مسؤولي القلعة البيضاء    انقطاع التيار الكهربائي عن 19 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هدوء ما قبل العاصفة.. بيان مهم بشأن تقلبات الطقس: استعدوا ل الأمطار والرياح    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي شمال القدس المحتلة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    عمرو أديب عن العلاقات المصرية السعودية: «أنا عايز حد يقولي إيه المشكلة؟!»    لا تنتظر التغيير.. توقعات برج الجدي اليوم 10 نوفمبر    حضور فني ضخم في عزاء والد محمد رمضان بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.. صور    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية بالمرحلة الأولى (رابط)    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بحيازة أقراص ترامادول وحشيش في الزيتون    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    بث مباشر.. صدام النجوم المصريين: مانشستر سيتي يواجه ليفربول في قمة الدوري الإنجليزي    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر أكتوبر والسينما (1-3)
نشر في الوطن يوم 29 - 09 - 2013


الحصاد البائس
بعد أربعين عاماً من معارك أكتوبر المجيدة يتجدد السؤال الذى ظل يتردد على مدى أربعة عقود، حول تخاذل السينما المصرية عن تقديم عمل فنى يليق بالدرس القتالى الرفيع الذى قدمه المقاتل المصرى فى تلك الحرب ضد العدو الصهيونى، هذا الدرس الذى ما زالت أصداؤه تتردد فى معاهد العلوم العسكرية حتى الآن. جاء انتصار القوات المسلحة المصرية فى معركة العبور محصلة سنوات طويلة من معاناة الهزيمة والانكسار على كل المستويات، وكان من الممكن أن تشكل هذه السنوات وما شهدته أيام المعركة من بطولات وملاحم على المستويين الشعبى والعسكرى معيناً لا ينضب، ومادة ثرية، ومنهلاً خصباً تنهل منه السينما المصرية اللاهية العابثة، التى جَفَلت من مجرد الاقتراب من تلك المنطقة، توجساً دائماً وهلعاً مقيماً وأخذاً بالأحوط، وإن بددت طاقة فنانيها فى أعمال تافهة مترخِّصة، وأهدرت مشاعر الغضب والرغبة فى الانتقام من العدو، ومن ثَم أضاعت فرصة تقديم أعمال جادة، نزيهة وأمينة. ولم ينجُ من هذا الإسفاف -قبل حرب أكتوبر- سوى فيلمى «جماعة السينما الجديدة» «أغنية على الممر» لعلى عبدالخالق، و«الظلال فى الجانب الآخر » للفلسطينى غالب شعث، مع فيلم شاهين «العصفور» الذى حاول مع «الظلال» تلمس أسباب ما حدث فى يونيو 1967، بينما يتعرض «أغنية على الممر» لبطولة مجموعة من المقاتلين أثناء المعارك وإصرارهم على الذود عن الأرض والدفاع عنها حتى الموت.
تصور البعض -بحسن نية- أن غبار المعارك ودم الشهداء سوف ينعكس فى أعمال تعبر عن لحظات المجد والشرف والكبرياء، وأن السينما سوف تتخلى ولو لمرة واحدة فى تاريخها عن ابتذال وتشويه كل ما هو عظيم ونبيل فى حياتنا، لكن سرعان ما خذلهم تجار السينما، وعادوا إلى عاداتهم القديمة، واستثمروا الحدث الجلل فى تحقيق مكاسب شخصية صغيرة، فظهرت فى الذكرى الأولى للحرب عام 1974 عدة أفلام بشكل مفاجئ، وتصدرت واجهات دور العرض أفلام «الوفاء العظيم» لحلمى رفلة، و«بدور» لنادر جلال، و«الرصاصة لا تزال فى جيبى» لحسام الدين مصطفى، تزيِّف الواقع وتمتهن المناسبة وتسقط فى هوًَّة الابتذال السياسى والفنى، فقد كان شعار المرحلة عند هؤلاء التجار والسماسرة إضافة بعض المشاهد واللقطات عن الحرب إلى السيناريوهات الجاهزة استثماراً وانتهازية، وهو ما فعله حلمى رفلة فى سيناريو فيصل ندا فى «الوفاء»، ونادر جلال فى السيناريو الذى كتبه بنفسه لفيلم «بدور»؛ فحدوتة الفيلمين فى أصلها لا علاقة لها بحرب أكتوبر، أو بأى حرب أخرى، فالحرب تستعمل هنا كمصادفة ميلودرامية شأنها شأن أى حادث عارض يمكن أن يصيب شخصيات الفيلم، لذا يشحب «أكتوبر» الرمز والمعنى تماماً فى الفيلمين اللذين يعانيان من الفجاجة واللجاجة والسذاجة، التى يحاول أشرف فهمى فى «حتى آخر العمر» تحاشيها بأن يجعل بطله طياراً أقعدته إصابته فى المعركة عن الحركة وأفقدته قدرته الجنسية، مبتزاً ومثيراً لشفقة وعواطف المشاهد، بينما تتعرض زوجته لمحاولة اغتصاب فاشلة من صديقه العابث، لتظل وفية لزوجها حتى آخر العمر بعد أن تناسى الجميع أمر الحرب!
فى «الرصاصة لا تزال فى جيبى» أفرغ الثلاثى إحسان عبدالقدوس، كاتباً للقصة، ورمسيس نجيب منتجاً وكاتباً للسيناريو، وحسام الدين مصطفى مخرجاً - شحنة هائلة من الكراهية والتشفى فى عصر «عبدالناصر»، وكرسوا زمن الفيلم للتهجم على التجربة الناصرية والتركيز على سلبياتها، وكادوا ينسبون إلى «عبدالناصر» أسباب هزيمة «عرابى» عام 1882! ورغم التمادى فى إدانة العهد البائد فإن الفيلم -بمعاركه التى لم نرَ فيها العدو الذى نحاربه- لم يقترب من الصراع العربى الإسرائيلى، أو من أسباب هذه الحرب ودوافعها!
نجح المخرج محمد راضى فى «أبناء الصمت»، عن رواية وسيناريو مجيد طوبيا، أن يؤكد أن نصر أكتوبر لم يأتِ من فراغ، ويقدم لنا أبناء الصمت، أبناء القرية المصرية الذين شاركوا فى حرب الاستنزاف واستشهد بعضهم فيها بشرف وبسالة، متلمساً أسباب هزيمة 67، ويرجعها إلى حالة التفسخ والانتهازية والعزلة عن جو المعركة التى تعانى منها القاهرة، مقابل الروح الرائعة والمعنويات المرتفعة للمقاتلين على الجبهة. وبينما يعد «أبناء الصمت» أحد أفضل الأفلام التى تناولت الحرب الرابعة -حرب الاستنزاف- فإن محمد راضى يعود فى عام 1978 مع فيلم ركيك عن قصة ليوسف السباعى بعنوان «العمر لحظة»، الذى أسدل الستار لفترة طويلة على سينما أكتوبر، خاصة بعد أن وقع «السادات» ما سمى بمعاهدة السلام التى جعلت أهل السينما يتحاشون الاقتراب منها تماماً، بعد أن استشعر الجادون منهم أن ثمار النصر قد دانت للعدو، والغريب أن «السادات»، المعروف بولعه بالتمجيد والتخليد لم يتحمس لإنتاج فيلم عن حرب أكتوبر، ربما لأن فيلماً منصفاً عنها لن يكون دوره -به- رئيسياً ومحورياً، وستنعقد البطولة لأصحابها من المقاتلين الأحياء والشهداء، وربما هو نفس السبب الذى حدا بحسنى مبارك إلى عدم الحماس لإنتاج مثل هذا النوع من الأفلام، بل وجعله يوقف عرض فيلم «حائط البطولات» الذى أنتجه عادل حسنى، لأن السيناريو يتناول الدور الفعال لقوات الدفاع الجوى أثناء الحرب دون التركيز على الضربة الجوية (!)، وما زال الفيلم فى العلب حتى الآن.
من دون شك، إننا فى حاجة إلى عمل سينمائى كبير يعيد إلى هذه الحرب وجهها الناصع والمشرق، ويكشف عن بطولات رجالها ومقاتليها، ولعل القيادة العسكرية، حالياً، ومعظمها لم يشارك فى تلك الأيام المجيدة، أن تتحمس لإنتاج أعمال تخلد، دون حساسية، تلك البطولات، متجاوزة الحصاد البائس لسينما التجار والسماسرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.